ابراهيم الأطرش.. نسر ساحوري اخترق فضاء القدس وعمّان
الخليل - كتب فايز نصّار/ كان الوصال الكرويّ الأهم بين شطري الوطن سنة
1984 ، حين لعب منتخب نجوم الضفة مع منتخب نجوم غزة ، على ملعبي اليرموك والمطران
، فانتهى لقاء غزة بفوز نجوم الضفة ، وآلت نتيجة لقاء القدس إلى التعادل الإيجابي .
ورغم الجدل الذي رافق تشكيل منتخب نجوم الضفة يومها ،
على خلفية غياب أو تغييب بعض النجوم - الذين لا يشك في قدراتهم عارف - إلا أن
المنتخب ضمّ عدداً كبيراً من خيرة نجوم الضفة ، من أمثال الصباح ، والأسمر ، وعايش
، والزين ، والبرق ...ومنهم أيضاً الهداف إبراهيم الأطرش ، الذي زرع أهدافه الجميلة
في شباك معظم الفرق ، التي التقاها في فلسطين والأردن .
وتخرج الأطرش من عرين الأرثوذكسي الساحوري ، ليتألق أكثر
في صفوف الجمعية المقدسية ، التي طالما كانت ممراً لخيرة النجوم .. ومن القدس
انتقل إبراهيم إلى عمان ، في حلقة جديدة من التألق مع الأرثوذكسي العمّاني ،
والقوقازي الزرقاوي ، ليعود مرة أخرى إلى البلاد ، وتعود معه أهدافه التي لا تنسى.
والحقّ يقال : إن كلّ من حَظِي بمشاهدة النسر الساحوري ،
يشهدّ له بالتألق والإبداع ، وشخصياً أعتبره من خيرة نجوم الملاعب غير المعشبة ..
وأتركه يحدثكم عن شيء من شؤون وشجون الكرة في زمانه الجميل .
- اسمي إبراهيم فؤاد
باسيل الاطرش " أبو فؤاد " من مواليد بيت ساحور يوم ١٥/١٠/١٩٦١.
- مثل كل الأطفال كانت بدايتي في الحارة ، قبل الانضمام
لأشبال النادي الارثوذكسي العربي بيت ساحور ، فتدرجت في فرقه ، وصولًا إلى الفريق
الأول سنة ١٩٧٧ .. وبالنظر لرغبتي الكبيرة في دراسة التربية الرياضية ، توجهت للعب
مع جمعية الشبان المسيحية في القدس ، لثقتي التامة بأنّها مصنع الرياضيين خلقاً
وفناً ، تبعاً لأهدافها في تنمية روح وعقل وجسد المبدعين ، من خلال كوادرها ،
الرياضيين المميزين على مستوى الوطن ، وفي مقدمتهم ريمون زبانة ، الأب الروحي لي ،
وعقيل النشاشيبي المدرب الفذّ ، والإنسان المعطاء بلا حدود .
- ولا بدّ هنا من ذكر أهم تجربة مررت بها في حياتي ، حين
أقيمت سنة ١٩٧٨ على ملعب المطران مباراة جمعتنا بنادي سلوان .. وبعد احتكاك مع
اللاعب سليمان عواد ، صدرت منا ألفاظاً نابية سمعها المدرب عقيل النشاشيبي ، وبعد
نهاية المباراة ، طلب مني المدرب عقيل الحضور الى مكتبه ، وأخبرني بعدم قدرتي على
الاستمرار مع الفريق لسوء سلوكي في الملعب ! فأجهشت في البكاء حتى شاهدني أبو طارق
، وطلب مني الاعتذار عن هذا السلوك ، ومنحني فرصة نهائية ، ما زلت محتفظًا بها
لهذا اليوم .
- وغادرت الوطن سنة١٩٨٠ للدراسة في الأردن ، والتحقت
بكلية التربية الرياضية في الجامعة الأردنية ، وهناك لعبت موسم ١٩٨٠ بالدرجة
الأولى مع النادي الأرثوذكسي ، وصعدنا إلى الدرجة الممتازة ، وخلال فترة الاعداد -
واثناء مباراة تدريبية - كسرت أصابع قدمي اليسرى ، بما استوجب وضعها بالجبس ثلاثة
أشهر ، فضاع عليّ الموسم .
- بعدها لعبت للنادي القوقازي بمدينة الزرقاء موسمين ،
وحققت معه المركز الثالث في الموسم الأول ، وصعدنا الى الدرجة الممتازة في الموسم
التالي ، وخلال هذا الموسم حصلت على لقب هداف الدوري للواء الزرقاء ، بتسجيلي ١٧
هدفا ، ومع نهاية الدوري أنهيت دراستي الجامعية ، وعدت للعب مع فريقي الYmcaبداية عام 1984 .
- وبعد إغلاق الجمعية ، وحلّ الفرق الرياضية لعبت لمدة
سنتين مع نادي القدس الرياضي ، الذي كان يشرف عليه المدرب عقيل النشاشيبي ، ولعب
له جميع زملائي أيام الواي ، ولمّا اندلعت الانتفاضة الأولى رجعت للعب مع أرثوذكسي
بيت ساحور ، وقمت بالتدريب خلال تلك الفترة .
- أسست مدرسة كروية لتدريب الاطفال حتى عام ٢٠٠٢ ،
لألتحق بعد ذلك بمؤسسة خطوات لتدريب الاطفال من كلا الجنسين .
- مثلي الأعلى في الملاعب زميلي سليم رزق الله ، وماجد
البلبيسي ، وخارج الملاعب أستاذي الفاضل ريمون زبانة ، الذي أعتبره الأب الروحي
للحركة الرياضية ، أمّا في بيت ساحور فمثلي الأعلى جورج غطاس .
- تشرفت باللعب مع منتخب نجوم الضفة ، أمام نجوم قطاع
غزة مباراتين ، جرت الأولى على ملعب اليرموك ، وكنت من أفضل اللاعبين فيها ،
وانتهت بفوزنا بهدفين مقابل هدف واحد ، فيما جرت المباراة الثانية على ملعب
المطران بالقدس ، وانتهت بالتعادل بهدف لمثله ، كما لعبت لفريق اتحاد المعلمين في
الضفة ، مع لاعبين مميزين من كلّ المدن الفلسطينية ، وحققنا نتائج جيدة في تلك
الفترة .
- أرى أنّ سبب تألق أيّ لاعب يعود إلى موهبته ،
واستعداده لتطوير قدراته ، بحيث يكون قادرا على توظيف قدراته لمصلحة الفريق ،
وقدرته على التواصل الايجابي مع زملائه تحت الضغط ، بما يساهم في تحصيل نتائج
ايجابية للفريق ، ولا أنسى هنا دور توجيهات المدرب وطاعته ، وتنفيذ ما يطلب من
اللاعب .
- لدى ممارستي كرة القدم ، وكوني ألعب في المنطقة
الأمامية ، فإن توجيهات المدربين ، الذين دربوني مع الفرق التي لعبت لها ، تقتضي
عدم التركيز على اللاعب ، بل القدرة على الابتعاد عنه ، وتحقيق النتيجة الإيجابية
للفريق .
- شخصياً أحترم وأقدر جميع لاعبي بيت ساحور ، فكلهم
مميزون جداً ، ولكني كنت أرتاح جداً للعب بجانب الياس الأطرش ، وجميل غريب ،
بالنظر للتفاهم الكبير ، الذي كان بيننا في الملعب .
- أفضل تشكيلة منتخب لعبت معها ، تلك التي أبدعت في
مباراة النجوم على ملعب اليرموك ، وضمت رباح الكببجي ، ومحمد الصباح ، وماهر
العبكة ، مروان الزين ، ومحمود عايش ، وناصر البرق ، ومحمد صندوقة ، ومحمد
الترياقي .. وغيرهم .
- أعتقد أنّ تراجع مستوى أندية المحترفين سببه نقص
الانتماء لدى بعض اللاعبين ، وعدم قدرتهم على توظيف مهاراتهم لمصلحة الفريق ، مما
يؤدي إلى تفاوت دائم في المستوى ، ويضع المدرب في موقف اختيار ، وعدم وجود تشكيلة
دائمة للفريق ، وهذا حتما يؤدي الى تذبذب النتائج .
- مع الأسف تعودنا على الشدّ العصبي في المباريات
المصيرية ، فتذهب المهارات الفنية ، ويبقى التوفيق لفرصة من أحد الفريقين.
- أفضل لاعب عربي بالنسبة لي رياض محرز ، وأفضل لاعب
دولي رونالدو .
- المدرب الذي أكن له كلّ الاحترام على أخلاقه وقدرته
على قراءة المباريات ، والوصول إلى أفضل النتائج زين الدين زيدان.
- أقول للواء جبريل الرجوب : كان الله في عونك ، وعون
فلسطين ، لأنّ المعيقات أمام الرياضة الفلسطينية تتطلب جهودًا مضنية ، بسبب ظروف
الاحتلال ، ووضع الفرق المادي ، ومتطلبات اللاعبين الكبيرة ، مع عدم القدرة على
برمجة الدوري وانتظامه تصعب الأمور ، ورغم ذلك فإنّ الرياضة الفلسطينية حاضرة في
المحافل العربية والدولية ، وشهدت تطورا كبيراً ، ونالت احترام وتقدير العالم ،
فكل الاحترام لك يا أبا رامي !
- أقول للغالي جورج غطاس : إنني أعايشك منذ تشكيل
وانطلاق رابطة الاندية ، أنت وفدائيي الرابطة من رفاق دربك ، الذين وضعوا حجر
الأساس للرياضة آنذاك ، وما زلت يا أبا أسامة رمزاً للوفاق والاتفاق ، في جميع
المناسبات التي تتواجد فيها ، أنت فخر لمن عاملك ، واستعان بك ، أطال الله في عمرك.
- أتمنى للنادي الساحوري دوام التقدم والازدهار ،
والتخطيط الجيد لخدمة شباب وبنات وأهالي بيت ساحور بأفضل صورة ، ومساعدتهم على
بناء شخصيتهم ، وتطوير مهاراتهم الرياضية وأخلاقهم ، لمساعدتهم في الوصول الى
الدوريات المحلية الممتازة .