تحليل كلاسيكو الأرض: تفوق زيدان.. وتخبط برشلونة
بال سبورت : كتب محمد أبو زعرور
عاشت جماهير المستديرة وعشاقها ليلة أمس مواجهة من العيار الثقيل عندما استضاف الميرينغي غريمه برشلونة على إستاد سانتياغو بيرنابيو، وبحضور نجمهم التاريخي ومعشوقهم الأول كريستيانو رونالدو، في ليلة أبت الكتيبة البيضاء الا أن تثبت للعالم أن قدوم الدون هو وجه الخير على العاصمة الاسبانية في ليلة اشتاق فيها جمهور مدريد أن يتفوق على البارسا الذي لم يفز عليه في ملعبه منذ الموسم الكروي 2014/ 2015.
بدأت الجماهير بالاستعداد لمواجهة اعتلاء صدارة الليغا بتفاؤل زاد عن حده نسبيا للجماهير الكتالونية والذي واجهه تشاؤم مدريدي قبل المباراة، ولا زالت خسارة الريال امام مانشستر سيتي تلقي بظلالها على اللاعبين والجماهير سلبا.
دخل زين الدين زيدان المواجهة محاولا ازالة الضغط الكبير الواقع على اللاعبين من قبل الجماهير اثر الخسارة الاخيرة والذين صبّوا جام غضبهم على عديد الاعبين مثل بنزيما وكارفخال، في المقابل دخل كيكي سيتيين في أول كلاسيكو له، وكتيبته المباراة براحة نفسية نسبيا مقارنة بلاعبي ريال مدريد فالفريق الكتالوني حضر الملعب وهو يعتلي صدارة الليغا وعائدا من مدينة الجنوب الايطالية بتعادل ثمين امام نابولي.
دخل البارسا الكلاسيكو برسم تكتيكي بـ 4-4-2 اخذا بعين الاعتبار عدم تعديل هذا الرسم بمجرد تقدم سيميدو قليلا ليعطي تعليمات صريحة لضرورة عودة فيدال الى الخلف مباشرة للتغطية.
ودخل زيدان المباراة بطريقة 4-3-3 مع العودة الميمونة لكريم بنزيما والتزام ايسكو بتغطية المساحة الواقعة بين وسط ملعب البارسا وخط منطقة الجزاء مع التقدم قليلا لاستغلال اي كرة يسنح منها التسجيل اثناء عودة بنزيما.
وفي الوقت الذي اعتقد فيه لاعبو البارسا دخول لاعبي الريال بمعنويات منخفضة فاجأت اظهرة ريال مدريد كارفخال ومارسيلو الجميع منذ البداية باعتبارهم نقاط الضعف المحتملة للخط الخلفي للميرينغي.
يُحسب لزيدان الثقة الكبيرة التي منحها للاعبه فالفيردي باستلامه للجهة اليمنى كاملة دفاعيا بمساندة كارفخال وهجوميا بانطلاقات دائما ما شكلت خطورة على مرمى شتيجن خصوصا بالكرات العرضية السريعة التي يرسلها لبنزيما وايسكو على خط الجزاء المقابل مباشرة للحارس الكاتالوني والتي كادت ان تأتي واحدة منهم بثمارها لولا رعونة بنزيما بالسيطرة على الكرة.
محاولات خجولة من الفريقين يتقوق فيها الريال نسبيا على البارسا حتى الدقيقة 15 من زمن المباراة، تبدأ حرارة المباراة تزداد بعد تبادل من جريزمان ودي يونغ الذي اعاد الكرة للفرنسي من الجهة اليمنى لمنطقة جزاء ريال مدريد.
حرارة المباراة زادت في الدقيقة 19 ومزاج سيء لأظهرة الفريقين خوردي البا وداني كارفخال يحصلون بسببها على كرت اصفر مجاني لم يتوان الحكم ماثيو لاهوز من اشهارها بوجههم.
ويأتي التهديد الفعلي الأول للبلوغرانا اثر تمريرة ليونيل ميسي الكرة الى البا الذي اعادها عرضية ارضية سريعه للقادم من الخلف انظوان جريزمان ليسددها من فوق المرمى في تهديد اوقف قلوب كافة الجماهير المدريدية الحاضرة في الملعب.
وصلت المباراة الى الدقيقة 40، سيميدو في افضل حالاته، تقدم سريع من الرواق وتغطية مباشرة من التشيلي فيدال قابلها ذكاء مدريدي في عملية نقل الكرة بتمريرات عرضية الى الجناح الذي يقف فيه فالفيردي حتى يخف الضغط عن الجهة المتمركز بها كل من مارسيلو وفينيسيوس، منطق آتى بثماره بحنكة كاسيميرو الذي بقي على هذا الايقاع حتى انتهاء الشوط الاول والذي اطلق صافرته قاضي المباراة ماثيو لاهوز بتعادل سلبي بين الفريقين.
يظهر الدون للمرة الأولى امام الكاميرا في لقطة كاد يبكي فيها المشجع المدريدي على الايام الخوالي التي عاشها رونالدو في مدريد، ينزل رونالدو بين الشوطين الى غرفة تبديل الملابس في بادرة تظهر عشقه للفريق الابيض محاولا تشجيعهم لحصد نقاط المباراة الكاملة.
في هذه اللحظات يظهر ذكاء المدرب وخبرته محنكته في التعامل مع هذه المباريات الكبيرة، كيكي سيتيين يحاول بشتى الطرق السيطرة على الكرة قليلا وبنفس الوقت يفكر في ادخال صفقته الجديدة مارتن برايثوايت للملعب لاعادة خطوط الريال قليلا الى الخلف.
ادخال برايثوايت كان لا بد منه وهو تبديل هجومي سليم لانعدام المهاجمين في البارسا من جهة ولضغط الريال الغير متوقع من جهة اخرى، يخرج التشيلي فيدال في الدقيقة 69 ويدخل الدنماركي الذي كاد ان يرسم البسمة على وجه مدربه مثبتا له ان تبديله هو من سيقلب زمام الامور في المباراة وبمجرد ما ان استلم كرة من الوسط انطلق المهاجم الجديد ليسبق مارسيلو للكرة ويبقي الظهير البرازيلي خلفه في شبه انفراد من الجهة اليسرى للميرينغي ويسددها محاولا تسجيل الهدف الاول قابله تألق جديد من حامي العرين الابيض.
لم تمر دقيقة واحدة ليظهر الخلل مباشرة في اخراج التشيلي الذي قام بأدواره الدفاعية على اتم وجه، لقطة اسطورية التقطتها الكاميرا للدولي الألماني توني كروس طالبا من فينيسيوس التقدم الى الامام في كرة بينية وصلت البرازيلي الذي سددها دون تردد الى المرمى مغيرة اتجاهها بعد اعتراض بيكيه للكرة ليعلن الشاب البرازيلي الصغير تقدم ريال بالهدف الاول ومحتفلا امام الجماهير بنفس طريقة احتفال رونالدو.
هذا الخلل الذي سببه سيتيين لم و لن يمر مرور الكرام فقد كان من الاجدر بدلا من ان يخرج فيدال ان يقوم باخراج دي يونغ التائه داخل الملعب، ليس لشيء انما تألق كاسيميرو في العودة الى الدفاع والثبات في الوسط قيّد حركة الهولندي بشكل كبير اضافة الى ان البرازيلي ارثر لا يستطيع ان يقدم المرجو منه طوال 90 دقيقة في مباراة لا يحتمل الوقوف فيها الا لسبب اضطراري.
الامر الاكثر غرابة انه ومنذ تسجيل هدف الريال الاول لم يشعر مشجع الفريق الكتالوني ان هنالك محاولات جادة للعودة، خط وسط يتيم وهجوم خجول حتى ان الوافد الجديد تم ادخاله الى اليمين في الوقت الذي يحتاجه به الى رأس حربة يهدد المرمى بشكل مباشر، اضافة الى ذلك فقد قوبل هذا الخجل بشراسة هجومية من الريال واصرار على تسجيل هدف ثان.
ما قام به زيدان فلم يتوان عن تجديد هواء الجهة اليمنى بتكريم فالفيردي بعد تحية ووقوف كل من في الملعب على الاداء الذي قدمه لاعبهم الشاب ومستقبلهم في العشر سنين القادمة على اقل تقدير، دخول للاسباني فاسكيز محاولا ازعاج البا ومنعه من التقدم تبعه تبديل اخر بادخال ماريانو دياز بديلا للفرنسي كريم بنزيما في محاولة لكسب الوقت من زيدان وذلك ما رفضه دياز عند استلامه للكرة الاولى داخل منطقة الجزاء ليسدد الكرة في شباك الحارس الالماني معلنا تسجيل الهدف الثاني لريال مدريد في لحظة لم تستطع الجماهير تصديقها، تلك الجماهير التي كانت تستبعد حصول هذا السيناريو بعد خسارتهم الاسبوع الماضي امام كتيبة جوارديولا.
اذا اضعت فحتما ستقبل !! فرص للبارسا لم يتم استغلالها بقليل من الوجه الامثل حتى القت بظلالها وعاقبهم الميرينغي على ضياعها، فوز مستحق لكتيبة زيدان، فوز يعترف بجدارته المشجع الكاتالوني قبل المدريدي، فوز اعاد الصدارة من جديد الى مدريد بفارق نقطة واحدة عن برشلونة.