شريط الأخبار

عندما يتحدث الكبار

عندما يتحدث الكبار
بال سبورت :  

بدر مكي / القدس

كنت عائدا مع ابني من عمان بعد ان انهى سنته الجامعية الاولى، دخلنا مدينة اريحا، مارا بالقرب من استادها الدولي، تذكرت اللحظات الجميلة من عمر الملعب، كان ذلك في العام 93 عندما حضر قدامى فرنسا بقيادة نجمها الاول ميشيل بلاتيني، قبل ان يهل عهد زيدان في كأس العالم 89.
جاء قدامى فرنسا الى اريحا، بفضل جهود رئيسنا الراحل ياسر عرفات تعبيرا وتقديرا من الجماعات الفرنسية المؤيدة لشعبنا وقد اشرفت على المباراة رابطة الاندية بقيادة المرحوم والاب الروحي للرياضيين ماجد اسعد، في تلك المباراة القى د. صائب عريقات كلمة الرئيس عرفات.
وعند افتتاح الاستاد في العام 96 بعد ان تحول الملعب الترابي انذاك الى ملعب معشب بجهد رائع من د. عريقات مع الحكومة اليابانية، جاء د. عريقات مندوبا عن الرئيس، كان صوته يشق العنان، في لقائنا والاردن الشقيق، كان د. عريقات كبير مفاوضينا يحب الرياضة، وقد مارس هواية المشي، ولكنه كان يتابع المباريات والنهائيات بكرة القدم، وخاصة تلك التي تهم اندية اريحا ( الهلال الشباب عقبة جبر<، كنا نشاهده في الاستاد الدولي، ضاحكا وممازحا، وصوتا هادرا عندما يتحدث امام الجماهير الرياضية، كان يصر على الثوابت الفلسطينية وعلى استحقاقات السلام المطلوبة من دولة الكيان، حتى اطلقنا عليها، استحقاقات د. عريقات للسلام، تلك التي تتعلق بالقدس واللاجئين والحدود والمعابر والمياه والمستوطنات و.. و .. كان الفتى ابن العائلة الكريمة يتحدث في كل موقع ومجلس واجتماع بلسان ياسر عرفات وتعلم الدهاء منه، ولازم الختيار في حله وترحاله حتى في ايامه الاخيرة ووداعه، كان صائب عريقات يجول الامصار والاقطار مدافعا عن قضية بلاده، وهل يمكن ان ننسى مدريد، عندما ارتدى صائب عريقات الكوفية الفلسطينية، وقد اقام ضجة فوق رؤوس >ابناء العم< وها هو يزامن الرئيس ابو مازن ويتعلم الحكمة والصبر منه.
قدم د. عريقات لبلاده مئات المشاريع بصفته وزيرا سابقا ونائبا في البرلمان، وتمتع بالمصداقية والشفافية والنزاهة، واحسب ان مروري بالقرب من استاد مدينة الاغوار احب المدن الى قلب ابو علي جعلني استعيد في المخيلة التحضيرات لمباراة فرنسا وكذا لمباراة الاردن، وقد تابع المفاوض الفلسطيني التحضيرات بجدية، حتى يقدم نموذجا على قدرة الفلسطيني على العمل والابداع والانجاز.
د. عريقات يقدم لزواره الاجانب دروسا في القضية الفلسطينية وعدالتها مقرونة تلك الدروس بالوقائع والاحصائيات والخرائط، بل واصبحت دائرة المفاوضات في عهده سفارة متنقلة وموسوعة عن تاريخ وجغرافية فلسطين.
شكرا للانسان المتواضع والفلسطيني حتى النخاع المجبول بالفكر العرفاتي، الثابت دوما في مواقفه تجاه ثوابت قضية بلاده، وعندما يتحدث الكبار عن قضية الوطن، يكبر الوطن فينا بل ويعيش فينا.

مواضيع قد تهمك