شريط الأخبار

الفيديو الذي قهر المصريين وفلسفة " الفيفا"

الفيديو الذي قهر المصريين وفلسفة  الفيفا
بال سبورت :  

الحكم الدولي خالد عمار/ اريحا

كشفت بطولة العالم للقارات التي استضافتها جنوب افريقيا مؤخراً فلسفة تمسك الاتحاد الدولي " الفيفا " بعدم الاستعانة بتقنية الفيديو لمساعدة الطواقم التحكيمية في مباريات كرة القدم ، واعتبار هامش الخطأ البشري لقضاة الملاعب نكهة لا بد منها في المنافسات التي تشهدها معشوقة الجماهير .

لقد تسببت الاعادة التلفزيونية لشريط الفيديو في الهزيع الاخير من مباراة مصر والبرازيل وتحديداً اللقطة التي منحت فريق السامبا ضربة جزاء سجل منها هدف التفوق على الفراعنة بحرمان الفريق المصري من نقطة ثمينة كانت كافية لانتقالة الى المربع الذهبي وتحقيق انجاز غير مسبوق في هذه البطولة الكبيرة بعد المستوى الرائع الذي ظهر فيه ابناء المعلم حسن شحاته .

ان هذا الحدث الذي جاء سريعاً و عفوياً وبدون ايعاز من الاتحاد الدولي " الفيفا " شكل صدمه للقائمين على البطولة وللأسرة الكروية على أمتداد العالم أجمع ، لأن قرار حكم الساحة بالاشاره لركلة ركنية وبتعزيز من مساعده الأول كان سيمر طبيعياً كما هو الحال في أي مباراة ، لكن اعادة الفيديو على الشاشات الضخمة في مختلف ارجاء الملعب مع التركيز البطيء وبتقنيات عالية وابراز ارتداد الكرة بذراع المدافع المصري وتكرارالمشهد" على عينك يا تاجر " خلقت بلبلة و دفعت الحكم الرابع بعد هذه الصورة التي اقتحمت حرمة المباراة بشكل غير قانوني لاتخاذ قراراً مبنياً على دليل في الاصل هو غير شرعي أو مشرع من " الفيفا " و التدخل لارغام حكم الساحة على تغيير قراره بفرض ركلة جزاء صالح البرازيل وطرد اللاعب المصري و تسجيل سابقة خطيرة كان ثمنها اجهاض الحلم المصري في حقه بمواصلة ماراثون التنافس في المربع الذهبي .

وعلى أثر اللقاء المصري البرازيلي وهذه الواقعة المحيرة وزج الحكم الرابع تسجيل الفيديو في اتخاذ القرارات التحكيمية وخطورة اعتماد هذه التقنية على مستقبل كرة القدم والسيطرة عليها بنفس المعايير جاءت التعليمات بعدم تشغيل الشاشات خلال سير المباراة وتحديداً نقل الوقائع واعادة اللقطات وتم تطبيق هذا القرار فور انتهاء مواجهة الفراعنة والسامبا ، حتى ان معظم شعوب العالم بما فيهم المصريين تعاطفوا مع البرازيل في المباراة النهائية أمام الولايات المتحدة الامريكية عندما أخفق حكم الساحة ومساعديه على الخطوط والحكم الرابع في احتساب هدف صحيح سجله نجمه المتألق " كا كا " في المرمى الامريكي وتسبب هذا الخطأ البشري بحرمان البرازيليين من التعادل في حينه ، وبالرغم من الظلم الذي وقع الا ان فريق السامبا طوى هذه الحادثة في لحظتها وواصل التركيز في اللعب لان هذا الخطأ جزء لا يتجزأ من كرة القدم .

والسؤال الذي يطرحه المتابعون والمهتمون بكرة القدم ، اذا كانت " الفيفا " واذرعها الممتدة في الاتحادات والاندية يبذلون جهود سخية ويرصدون اموالاً هائلة للنهوض للتقليل من الاخطاء التحكيمية والنهوض بمستوى الحكام للوصول الى أعلى الدرجات للقرارات السليمة ، واذا كانت التكنولوجيا والتقنيات وتسجيلات الفيديو تساعد الحكام في تحقيق هذه الاهداف ، فلماذا لا يتم اعتمادها رسيماً وادخالها الخدمة ؟ .

وهنا نقول ان كرة القدم لعبة شعبية وهي الأكثر ممارسة في العالم ولا تقتصر على غني أو فقير ، وقوتها وروعتها انها تتبع تنظيماً دقيقاً ومتيناً يشكل قانون اللعبة جوهرة وشريانه الاساسي ، فلا تختلف عناصر اللعبة التي يؤكد عليها القانون بين قارة وأخرى أو دولة متقدمه أو نامية ، الجميع يتقاطعون في القانون ويشتركون في نسق التطبيق وان كان الاختلاف في فخامة المنشآت الرياضية وقيمتها وسعتها الا ان ميدان الملعب في اجندة " الفيفا " واحد سواء كان ترابياً أو عشبياً أو صناعياً .

ولأن هناك تفاوت في امكانات الدول وقدراتها الاقتصادية والمالية والتكنولوجية ، ولان الدول الفقيرة لا تستطيع توفير نظام وتقنيات متطورة لتسجيل الفيديو واقامة الشاشات باهظة الثمن في ملاعبها وفي نفس الوقت الذي لا يستطيع الاتحاد الدولي من توفير هذه الخدمات في جميع ملاعب العالم لاعتبارات مالية وفنية فان " الفيفا " التي تنادي بترسيخ مفهوم العدالة في تطبيق القانون على مستطيل المنافسات لا يمكنها ولا بأي حال من الأحوال توفير هذه التقنيات لجميع الشعوب والتي في حال اعتمادها بالمنقوص يعني اسقاط اهم عنصر في قانون كرة القدم وهو مبدأ العدالة وبالتالي تهديد مستقبل اللعبة لأن الكيل بمكيالين يتعارض مع أصول كرة القدم وفلسفتها ويقودها نحو الضباب .

وعليه فان " الفيفا " تنظر الى استمرار انتشار الساحرة المستديرة بأقل التكاليف حتى تظل أفيون المتعة لشعوب العالم قاطبة بدون أي عراقيل أو محددات حتى تواصل رسالتها بلغة واحدة وتحافظ على الدورالتاريخي المتواصل للاحياء والحارات والشوارع الشعبية في تفريخ اللاعبين واكتشاف المواهب ومد الملاعب بالنجوم وحماية هذا الموروث الكروي الأصيل الضاربة جذوره في أعماق الطبقات الشعبية بكل ألوانها ومستوياتها وتعزيزاً للانسان الذي صنع بقدراته ومهاراته التكنولوجيا نفسها.

مواضيع قد تهمك