شريط الأخبار

قراءه هادئة للمشاركة العربية في كأس القارات

قراءه هادئة للمشاركة العربية في كأس القارات
بال سبورت :  

محمد قدري / معد ومراسل ART بالأردن

أقل ما يمكن أن يقال عن المشاركة العربية في النسخة الثامنة من بطولة كاس القارات لكرة القدم المقامة حالياً في جنوب أفريقيا أنها لم تكن سيئة إلى الحد الذي يبرر حالة الإحباط التي حولت الشارعين العراقي والمصري بل والعربي عموماً إلى حالة حزن شديد .. ودفعت بالبعض من المتربصين بكيل الاتهامات والعودة من جديد إلى مسلسل تصفية الحسابات .
لن نقول أن ظهور الكرة العربية في بطولة كأس القارات بجنوب أفريقيا كان مشرفاً إلى الدرجة التي ينبغي التعامل معها على أنها انجاز أسطوري نغمض به عيوننا على بعض الأخطاء والهفوات التي وقعنا بها ، ولكننا في الوقت نفسه نقول ونجزم أن من حق الكرة العربية أن تفخر أولاً بأنها كانت سفيرة لأكبر قارتين .. الصفراء التي مثلها العراق ( بطل أسيا) والسمراء التي مثلتها مصر ( بطلة أفريقيا) ، هذا بحد ذاته انجاز يحسب للكرة العربية.
منتخب العراق الذي يعاني أكثر من غيره ويمثل شعباً يعاني منذ سنوات من حرب وحصار ثم احتلال وحالة من عدم الاستقرار طال أمدها .. هذا المنتخب لم تكن مشاركته في كأس القارات " مخزية " كما يظن البعض أو كما يرى البعض من المتربصين باتحاد اللعبة ورموزه والذين أطلقوا تصريحات تفوح منها مع كل أسف رائحة الشماته .
اسود الرافدين لم يخسروا أمام الأسبان ( أبطال أوروبا ) إلا بهدف .. بعد تعادل سلبي بطعم الفوز مع أصحاب الأرض " جنوب أفريقيا " قبل تعادل نجزم أنه بطعم الخسارة مع نيوزيلندا ( بطلة اقيانوسيا) في ختام المشوار ..
نعم كان بإمكان العراق في كأس القارات أبدع مما كان لو أنهم نجحوا في هز شباك نيوزيلندا ولو لمرة واحدة كانت كفيلة بظهورهم في المربع الذهبي لثاني أقوى البطولات العالمية بعد كأس العالم .. ولكن تحميل المنتخب العراقي أكثر ما طاقته فيه كثير من الإجحاف .. وفيه تقليل من شأن منتخب بذل كل ما في وسعه وان لم يكمل الفرحة التي كنا في انتظارها .
القائمون على الكرة العراقية ومن يغار فعلاً لا قولاً على مصلحتها ومستقبلها دون البحث عن أجندة شخصية عليهم أن ينظروا إلى ما تحقق في كأس القارات .. على أنه بداية عهد جديد لا نهاية لجيل وحد العراقيين وجعل من المنتخب الوطني العراقي حاله وطنية بل واستثنائية .
الحكومة العراقية مطالبة قبل غيرها بدعم منتخب بلادها وحمايته وتوفير ابسط ما يحتاجه .. وعليها أن تبذل جهداً مضاعفاً مع أسرة الفيفا والإتحادين العربي والأسيوي لرفع الحظر المفروض منذ سنوات على الكرة العراقية ويحرمها من حقها باللعب على أرضها ووسط جمهورها .
نصل للمشاركة المصرية في كأس القارات التي حظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق وبإشادة مستحقة عززت مكانة الكرة العربية ووضعتها في الواجهة العالمية ونقول .. بل ونتساءل بدهشة لمن يحاول التقليل من شأن تلك المشاركة .. من من هؤلاء كان يتوقع قبل كأس القارات أن يودع " أبناء حسن شحاتة " ثلاثة أهداف في شباك البرازيل " سحر العالم " !؟ ومن من هؤلاء كان يظن أن الفوز البرازيلي لن يتحقق إلا بركلة جزاء قاتلة أثارت الجدل ؟! .. ومن كان من هؤلاء يظن قبل مواجهة البرازيل أن نجوم السامبا سوف يتصببون عرقاً ويعيشون على أعصابهم قبل فرحتهم التي لم تسعهم وهم يحتفلون بفوز خجول على منتخب مصر ؟!
منتخب مصر الذي تحاولون النيل منه الآن هو الوحيد منذ عام 2005 الذي هز شباك البرازيل 3 مرات ومنتخب مصر هذا هو المنتخب الأفريقي الوحيد الذي قهر أبطال العالم " منتخب ايطاليا " .
منتخب مصر هذا الذي " وحد العرب " ولو لعدة أيام وهو الذي توج بكأس أفريقيا في النسختين السابقتين وهو الذي جعلنا كعرب نشعر ولأول مرة منذ سنوات طويلة .. أن بإمكاننا بلوغ العالمية أن نحن عرفنا كيف ننفق على كرتنا وكيف نطورها ونتعامل معها ليس كسلعه وإنما كمظهر من مظاهر تقدم الأمم والشعوب .
ندرك ونعترف أن منتخب مصر لم يكن في ختام مشواره بكأس القارات في الموعد أمام منتخب الولايات المتحدة .. وإنه فرط بفرصة ذهبية بل وتاريخية لعبور المربع الذهبي .. وندرك أن لحالة الحزن بعد الخسارة المصرية " الثقيلة " أمام المنتخب الأمريكي لها ما يبررها .. ولكننا في الوقت نفسه ينبغي أن ندرك أن لتلك الخسارة أسبابها وظروفها .. وان حالة الإرهاق التي بلغت من نجوم مصر لم تسعفهم أن يقدموا في أخر المشوار ولو نصف أدائهم أمام البرازيل ثم ايطاليا .
الخسارة أمام المنتخب الأمريكي بالثلاثة .. والوداع الحزين لكأس القارات ينبغي أن لا ينسينا جميعاً أن تلك المشاركة المصرية كانت الأفضل على الصعيد العالمي وعبر تاريخ الكرة المصرية .. وينبغي أن تدفعنا لمواصلة المشوار .. والنظر بتفاؤل مشروع للمستقبل .. لا بتشاؤم يعيدنا إلى الخلف سنوات وسنوات .
لاعبو منتخب مصر .. وجهازهم الفني بقيادة " الشاطر " حسن شحاته يستحقون منا الوقوف إلى جانبهم لا الابتعاد عنهم .. وإحباطهم وبالتالي خسارة كتيبة مصرية تحتاجها الكرة العربية وكذلك الأفريقية الآن أكثر من أي وقت مضى .
وتحية عربية .. أسيوية - افريقية للمشاركة العراقية المصرية في بطولة القارات وأملنا أن نستعيد البسمة قريباً بتأهل أكثر من منتخب عربي إلى نهائيات كأس العالم المقبلة " جنوب أفريقيا 2010 .

مواضيع قد تهمك