الدوري الفلسطيني مشروع وطني يجب حمايته
بقلم : الحكم الدولي خالد عمار
اشمخي فلسطين وانثري رياحينك في كل الارجاء فانت اليوم في عرس وطني ولا أروع، فها هي الاندية من شمالك الى جنوبك يعيدون الحياة الى ملاعب الوطن التي تسيجت باصرار المخلصين والشرفاء لحماية مشروع الدوري التصنيفي الوطني الكروي الذي اطلقه بجدارة اتحاد اللعبة بقيادة عراب الرياضة الفلسطينية رئيس الاتحاد والاولمبية اللواء جبريل رجوب، وبتعاون مثمر من جميع الغيورين على الحركة الرياضية في كل المواقع والمستويات الرسمية والشعبية، الجميع يشارك ويتابع نبضات تطور هذه الانتفاضة الكروية المشرفة التي احدثت زلازلاً من العيار الثقيل في المنظومة الرياضية المحلية والعربية والاقليمية والدولية ، ونفضت غبار الترهل واللامبالاة والانكماش الذي عانت منه كرة القدم خلال السنوات الماضية لترسم بثقة الخطوط الواضحة لمعالم مستقبل الكرة الفلسطينية لا بل الرياضة بكل اشكالها وكما يريدها شعبنا العظيم بالمقاس الدولي والحضاري والتنافسي المنشود .
لقد اثبت استمرار الدوري التصنيفي الفلسطيني خلال المرحلة المنصرمة وبعد تخطي نصف المشوار المحدد حسب الاجندة المعلنة لاول مرة بفضل التخطيط السليم والتنظيم الرائع والادارة والمتابعة المتواصلتين على نجاح منقطع النظير ، فالمباريات تجري حسب الجدول الزمني بالتمام والكمال وكذا الملاعب وتوزيع الحكام و البنية اللوجستية وكل المقومات المطلوبة لانجاح اللقاءات من توفير طواقم الشرطة وطواقم اسعاف الهلال الاحمر الفلسطيني ومهندسي وفنيي الكهرباء وانارة الملاعب والمراقبين ، و حظيت هذه اللقاءات بتغطية اعلامية غير مسبوقة سواءً من جانب الفضائيات وتحديداً راديو وتلفزيون العرب art او المحطات الفضائية العربية والاجنبية والتلفزيونات المحلية و وكالات الانباء والتلفزيونات المحلية والصحف والمجلات الفلسطينية والعربية والدولية ، حتى الشبكات العنكبوتية الالكترونية .
ان المتابع لمسيرة الدوري الفلسطيني سواء على المدرجات أو عبر النقل التلفزيوني يشعر بالفخر والاعتزاز لهذا الانجاز الوطني الذي حمل فلسطين ورسالتها بالحرية والاستقلال الى جميع ارجاء العالم وشعوبها قاطبةً ، وهذا انجاز لا يقدر بثمن ويمكن القول ان ما قدمته كرة القدم للقضية الفلسطينية ولشعبنا الرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي خلال الاشهر الماضية من عمر الدوري يفوق ما عجزت عن انجازه السياسة على مر السنوات الاخيرة ، فهذا الدوري الكروي الذي استطاع ان يوحد كل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات وراء الحلم والمستقبل المشترك ، بعيداً عن التجاذبات السياسية والفصائلية والحزبية والعشائرية والفئوية ليصبح هذا الدوري الكروي مشروعاً وطنياً بكل معاني الكلمة مما يتوجب علينا جميعاً صونه وحمايته حتى يواصل طريقه نحو محطته الاخيرة بثبات ونجاح .
ان هذا المشروع الكروي المتمثل في الدوري التصنيفي لجميع الدرجات بدءاً بالممتازة ومروراً بالاولى وانتهاءاً بالمناطق يعتبر مؤشراً هاماًعلى المستوى الحضاري الذي وصل اليه الشعب الفلسطيني وقدرته على بناء دولته المستقلة على ارضية مؤسساتية تعتمد على توظيف الامكانات والتخصصات في المكان المناسب واسقاط كل الشعارات المستهلكة التي تنادي بتحطيم الانظمة والقوانين بحجج واهية ومصلحية وشخصية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا التي تشكل الرافعة الحقيقية للبنيان الرياضي القوي الذي نتطلع اليه لتكون فلسطين أولاً .
اننا نؤمن بالخطوات الجريئة التي قطعها الدوري التصنيفي بفضل اهتمام ومتابعة جميع اعضاء اتحاد الكرة ورئيسه الرجوب الذي يتنقل بين ملعب وآخر ويتابع كل كبيرة وصغيرة لتأمين وصول السفينة الى شاطيء الامان ويساعد في هذه المهمة المشتركة اللجانه المتفرعة عن الاتحاد و الاندية واللاعبين والاداريين والمشجعين بالتزامهم وانضباطهم وطواقم الاسعاف والشرطة.
ويشكل رجال الشرطة الفلسطينية ابرز الارقام في معادلة نجاح الدوري ، فهم جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني ومن ابناء الحركة الرياضية ويعملون ليل نهار لتوفير الامن والامان للاعبين والحكام ولكافة الجماهير التي تزحف الى الملاعب بدون استثناء أو تمييز ، همهم الاول والاخير حماية هذا الانجاز الوطني سواء داخل الملاعب او في الشوارع والطرقات التي تتصل بهذه المنارات الرياضية المعشبة ، وهم يتدخلون في اللحظات التي يشعرون ان هناك اعتداء على قدسية القوانين والانظمة وعلى فلسطين وسمعتها وانجازها ويزيد من حساسية تدخل الشرطة عند تطويق احداث شغب الملاعب ان معظم المباريات تنقل على الهواء مباشرة ، ويتساءل المرء ماذا على رجل الشرطة ان يفعل عندما يحاول بعض المشاغبين اطلاق الشتائم المخجلة على المدرجات والتي تخدش الحياء وتسيء لكل القيم والعادات والتقاليد ونضالات الشعب الفلسطيني التي سطرها الشهداء والجرحى والمعتقلين والشرفاء ، كيف يحبذ ابناء الاسرة الرياضية ان يتدخل رجال الشرطة عندما يشاهدون بعض المشاغبين وهم يتمادون في رشق الحجارة والزجاجات على ارضية الملعب المقدس اثناء سير المباراة و كيف يحاول البعض تجاوز الخطوط الحمراء بالتطاول على ارض الملعب بقصد الاعتداء على اللاعبين والحكام ، هل نتوقع من اخواننا رجال الامن والشرطة ان يقفوا مكتوفي الايدي ويتركون العابثين يتمادون في عمليات التخريب والحاق الضرر والاذى بمسيرة شعب بأكمله بدون ان يحركوا ساكناً ؟ ولمصلحة من يصر البعض على تقزيم رجال الشرطة الفلسطينية وتهميش دورهم والتقليل من هيبتهم التي هي هيبة كل فلسطيني شريف ؟ ثم الا يعلم من يحاول ان يخلق المبررات لمطلقي الشتائم ان حرية الفرد تنتهي عندما تهدد حرية الآخرين ، وكيف يكون الحال وملاعبنا تحتشد بالآلاف المشجعين وقد ترتفع هذه الارقام وهذه الحساسية مع دخول الدوري المربع الأخير الذي سيشهد منافسة أشد واثارة كبيرة وصراع على البقاء .
المطلوب في هذه المرحلة الهامة والقادمة من جميع الاندية ادارات ولاعبين ومشجعين التعاون التام لانجاح جهود استكمال مباريات الدوري حسب الاجندة وان لا تتوقف مسؤولية هذه الاندية عند مسألة اعداد اللاعبين والمنافسة لحصد النتائج فقط ، بل عليها مسؤولية وطنية واخلاقية في ضبط جماهيرها على المدرجات من عن طريق نشر الوعي الرياضي بين المشجعين وتنظيم دورها في التشجيع النظيف وحثها على التعبيرعن احتجاجها بالوسائل الحضارية المشروعه مثل استخدام الوان معينة من المناديل او الاعلام كما تفعلها جماهير ريال مدريد ومانشتر وغيرها من الفرق الكبيرة وان تترك مهمة الاعتراضات على الامور التحكيمية والفنية للمعنيين بهذه المواضيع وعبر القنوات القانونية المتعاوف عليها في هذا الاطار .
كما ان على الجهات المشرفة على الملاعب واتحاد الكرة ان تحدد اماكن المشجعين على المدرجات ، أي تخصيص جهة لكل نادي والزام ادارة النادي المتباري بمراقبة سلوك مشجعيه ، بحيث يستطيع كل نادي تحديد هوية أي مشجع لا ينتمي الى فريقه و يجلس في المنطقة المخصصة لجماهيره وهذا يساعد في ضبط السلوك العام للمشجعين ، كما ان هذا الاجراء الوقائي يحول دون ضرورة تدخل رجال الشرطة ، لان أي تصرف خارج عن النظام والقانون ومن شأنه ان يلحق الأذى في سير المباراة سيكون من مهمات الحكام وسيدفع ثمنه الفريق الذي يتسبب جمهوره في هذا التجاوز اللاحضاري وقد تصل هذه العقوبات الى تخسير الفريق نقاط المباراة وفرض عقوبات مالية وستطال هذه العقوبات الجمهور نفسه، واعتقد ان هذا الاجراء بتنفيذه سيكون رادعاً قانونياً وحضارياً لكل العابثين بالمسيرة الرياضية و " قبل ان تقع الفأس بالرأس " ، ولنعمل على انجاح الدوري حتى نحافظ على مشروعنا الوطني من اجل فلسطين الجميع .