شريط الأخبار

توليفة فنية .... لمنتخبنا !

توليفة فنية .... لمنتخبنا !
بال سبورت :  

كتب فايز نصار / الخليل

   لا نختلف مع من يعتقدون ، أن الحديث عن أمور لا تتصل "بيورو" القارة العجوز الكروي - هذه الأيام -يندرج ضمن التغريد خارج السرب ... ولكن حساسية الوضع الكروي الفلسطيني تجعل مثل هذا التغريد أمرا مباحا ، يحتم على المخلصين تقديم أجندته ، إذا حقّ أن ما يستحقه البيت ... لا يوهب للمسجد !!

    نعم ... فكرة القدم عندنا ، تعيش أجواء فترة انتقالية حرجة ، تتسم بعناية - قد تكون غير مسبوقة - من القيادة السياسية ، ويقودها - لأول مرة - رجل تخرج من أكاديمية المعتقلات ، وجاء إلى الملاعب ، مزودا بخبرة مرحلة هامة ، قاد خلالها جهازا امنيا ، اطلع بالمهام الأكثر حساسية !

   نعم .. إنها فترة انتقالية .. ستأخذ "جلدنا المنفوخ" إلى شواطيء العشب الأخضر ، ليبدع فوقه نجوم ، أحسنت الأندية صقلهم ، وأحسن الاتحاد توفير احتياجاتهم ، الفنية والمادية ، فتفرغوا للمهمة النبيلة ، باهرين كل شعوب الدنيا ، مشَرِّفين الشعب المعذب في كل الميادين ! ... وإلا فالبديل – لا قدر الله – أن يتواصل نومنا الغطيطي ، ويبقى الفاشلون يسرحون ويمرحون ، وتبقى المصلحة الذاتية عصا في دواليب مصالح الناس ، وتواصل المناكفات   لعبتها العبثية ، "فيلعب" القيسيون باليمنيين ، لعبة الخلاف على جدلية البيضة والدجاجة ... ويمضي الموسم دون أن نزرع الأرض ... لا بالبامية .. ولا بالملوخية !

    المهم أن الفترة الانتقالية   هذه تحتاج إلى قرار متمحص حول القيادة الفنية لمنتخبنا الوطني ، لأن انجازات المنتخب ، تختصر كل النتائج ... ونجاح المنتخب في مهامه بمثابة تسجيل الهدف الأغلى في المباراة ، لأن الأمم لا تسأل عن أوضاع ومستوى الدوري المحلي ... عندما   ينهمك سفراء الملاعب في حرق المراحل ، ويحققون أفضل النتائج ... والعكس صحيح تماما ، إذ أن تألق الأندية الانجليزية في دوري أبطال أوروبا لم يشفع للبلاد ، التي وضعت قوانين اللعبة الغياب عن أعراس سويسرا والنمسا !

   ولا شك بأن أمر قيادة العارضة الفنية لأي ّ منتخب تصطدم – كما يحصل في كل البلدان – بجدلية المدرب "الوطني" والمدرب "الأجنبي" وأنصار الأول هنا لهم مسوغاتهم ، لأن الأرض ما يحرثها غير عجولها ، ولأن أهل مكة أدرى بشعابها !

   أما أنصار المدرب   الأجنبي " غير المواطن " عربي كان أم غير عربي ، فيبررون توجههم بالنظر لفارق الخبرة والتأهيل ، وأفضلية الحياد في منح الفرص للجميع ، بعيدا عن الحساسيات والضغوط الداخلية !

   ولا يختلف اثنان أن المدرب الأجنبي ، غير مؤهل لاستفزاز الخواص النفسية الكامنة لنجومنا .. لأن أقدامه لم تصطلي بعذابات المحتلين ، وبالتالي فانه قد لا يكون قادرا على استثمار الطاقات النفسية الهائلة ، والرغبة الجامحة في إثبات الذات ، رغم أنف المحتلين ، مما يقدم في هذا المجال أوراق المدرب الفلسطيني ! ناهيك عن كون المدرب الأجنبي غير مستعد للتضحية ، وتحمل أعباء الاحتلال ، وتبعات الحصار والإغلاق ، وقد لا يكون مستعدا للعمل الطوعي ، إذا تعذر على الاتحاد توفير مستحقاته !

   ولا يختلف المدرب العربي "غير الفلسطيني " هنا عن المدرب الأجنبي إلا بشيء من الشفقة والحمية ، التي يبديها المدربون العرب ، تعاطفا مع شعب فلسطين ، ولكن المدرب العربي - أيا كان تأهيله - لن يستطيع الوصول إلى مستوى المدرب الفلسطيني ، في فهم كلمة السر ، لدى اللاعب الفلسطيني !

   الأمر إذا يحلب في إناء المدربين الفلسطينيين ، الذين يمكن أن نوزعهم – وفق ظروفهم – إلى ثلاث فئات .. الأولى تضم عددا من المدربين الفلسطينيين ، الذين ابتسم لهم الحظ ، وتأهلوا في المعاهد الكروية العليا ، لفترات محدودة ، ولكن لم تكن لهم تجربة ميدانية ، إلا مع أندية الوطن ، بظروفها الفنية الصعبة ، وإمكانياتها المحدودة !   

   وهذه الفئة من المدربين ، تملك الرغبة في الانجاز ، ولكنها تفتقد للخبرة الكافية ، التي تضمن الوصول إلى النتائج المأمولة ، علما بأنه كان لبعض هؤلاء تجارب متفاوتة النجاح ضمن الطواقم الفنية للمنتخب ، خلال السنوات الماضية ، ويمكن أن يستفاد من جهود هؤلاء ضمن الطاقم الجديد ، بالنظر لسلاسة تحركهم في محافظات الضفة وغزة ، ومعرفتهم بقدرات النجوم المحليين !

 وتضم الفئة الثانية من المدربين الفلسطينيين ، المرشحين لتدريب المنتخب ، عددا من المدربين الفلسطينيين من المناطق التي احتلت سنة 1948 ، ويملك   هؤلاء خبرة هائلة ، من لعبهم لأندية رفيعة المستوى الفني ، وإشرافهم على فرق تتوفر على إمكانيات فنية وتنظيمية متقدمة ،إضافة إلى تأهيلهم في معاهد عليا ، وحصولهم على دورات متقدمة ... ومما يعزز فرص هؤلاء النجاح الذي حققه الراحل عزمي نصار في فترة تدريبه الأولى للمنتخب قبل الانتفاضة الثانية ، ويمكن أيضا الاستفادة من رغبة هؤلاء في تأكيد فلسطينيتهم ، رغم صعوبة تحركهم مع المنتخب ، في بعض الملاعب العربية والآسيوية ، على خلفية الوثائق التي يحملوها !

   وتشمل الفئة الثالثة من المدربين الفلسطينيين ، عددا من المختصين ، الذين تألقوا في دول العرب والعجم ، وحققوا نتائج جيدة ، بفضل خبرتهم الواسعة ، وتأهيلهم العالي .. ومن هؤلاء نقولا شهوان ، الذي كانت له تجربة مع المنتخب ، وعبد الله ابراهيم ، الذي كانت له تجربة ناجحة في النرويج ، ومنصور الحاج سعيد ، المتألق في سوريا والجزائر .

   ورغم أفضلية الأوراق الفنية لمدربي هذه الفئة ، إلا أن ما ينقص هؤلاء صعوبة تحركهم في ملاعب الضفة والقطاع ، مما يجعلهم يفكرون أكثر في الاعتماد على المحترفين !

     لا غرو أن فلسطين ملك للجميع ، ولا يجب أن يحرم أيّ فلسطيني من شرف التجند في فيلق المنتخب الوطني ... بمعنى أننا يمكن أن ننحاز للمدرب الفلسطيني ، والاستفادة من الميزات الفنية للمدربين الفلسطينيين من الفئات الثلاث ، وتشكيل طاقم فني   موحد ، يساهم فيه مدربون من الوطن والشتات ومناطق ال 48 !

مواضيع قد تهمك