البقاء للاقوى ...!!!!
ياسين الرازم / رئيس نادي الانصار المقدسي
لاشك ان الهدف الاساسي من اقامة المباريات والبطولات والمنافسات الرياضية هو تحقيق الفوز او البطولة ،في بوتقة من التنافس الرياضي الشريف الذي يحفظ للفائز حقه في التعبير عن مشاعر الفوز والنشوة ، وما يتبع ذلك من اثار ايجابية على نفسية الفائزين، وما تجنيه الاندية الفائزة من نتائج معنوية ومادية تساعدها على الاستمرارية والتطلع لتحقيق المزيد من الانتصارات والانجازات ، فاللاعب يتدرب للوصول الى اقصى درجات الجاهزية البدنية والحركية والمهارية ، وكذلك الحال بالنسبة للفرق والاندية التي تنفق الاموال الطائلة من اجل الوصول الى اهدافها وغاياتها ، وفي الوقت نفسه حث وتحفيز الخاسرين على بذل الجهود الاضافية للوصول الى الاهداف المنشودة .
بدون هذه الاهداف ، وبدون وجود المنافسات الرياضية الحقيقية والمستمرة ،تصبح الرياضة بلا قيمة وتؤدي الى ابتعاد اللاعبين والرياضيين عن المواظبة والالتزام بالتدريبات وتدفع القائمين على الرياضة على عدم متابعتها ، وتحد من اقبال الجماهير على متابعة المنافسات، والداعمين عن رعاية المنافسات واللاعبين المميزين .
شخصياً لا اختلف مع أصحاب هذا الرأي ، في ان التنافس الرياضي مبني على الاجتهاد والمثابرة والاعداد والتحضير، من خلال استقطاب اصحاب رؤوس الاموال والمشاريع التنموية لدعم الانشطة والفعاليات والفرق الرياضية التابعة للنادي وتحضيرها للاستحقاقات الداخلية والخارجية ،وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي الا في اضيق الحدود ، وبالتالي العمل والاجتهاد للبقاء في دائرة المنافسة وبين اندية الصفوة رياضياً وفنياً وادارياً ، فلكل مجتهد نصيب !!ولكن حتى يدعم كلنا هذا التوجه ،ولا يخرج بيننا من يعارضه ويعمل على تشكيل مجموعة ضاغطة لإفشاله ، لا بد لنا من الدراسة المتأنية للاوضاع التي تعيشها الاندية والرياضة الفلسطينية ، وعدم الانجرار وراء بعض الافكار والعواطف والاحلام الوردية و غير الواقعية وان كانت بالوقت نفسه منطقية وملحة، الا انها تحتاج للتوقيت المناسب وتكافؤ الفرص بين الجميع .
ان بعض الذي يدور في اروقتنا الرياضية في هذه الايام ، و بعض الافكار التي بدأ البعض في تداولها وترويجها في الشارع الرياضي ،لا يستند الى اصول التنافس الرياضي الشريف ، وانما الى ما يشبه صراع بقاء وتنافس غير شريف يفتقر لادنى معايير مبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين ، ويترك الامور على غاربها والصراع على اشده ويحول التنافس الرياضي الى ما يشبه الاقصاء والاطاحة، وصولاً الى الهدف الذي ينشده البعض من ولاة امورنا من الرياضيين وغير الرياضيين لتطبيق نهج غير عادل ومعادلة ظالمة ابرز معالمها ( اللي معوش بلزموش ) والنادي الذي لا يستطيع الانفاق على نفسه فلا داعي او مبرر لوجوده، وبالتالي فان البقاء للاقوى حتى لو لم يكن هو الاصلح، لان من يملك المال يملك القرار ، وبنظرة سريعة الى الظروف التي تمر بها معظم الاندية العريقة منذ اندلاع انتفاضة الاقصى وقبلها الانتفاضة الاولى وما تمر بها الاندية ومراكز الشباب في قطاع عزة ، نجد ان الاندية تكبدت الخسائر المالية الطائلة وربما الديون كذلك، بسبب عدم نجاح الاتحادات في تنظيم واكمال المسابقات الرسمية وتوقفها بين الفترة والاخرى ، ونجد ان بعض الاندية تعرضت للاعتقالات واقتحام مقراتها ومصادرة ممتلكاتها، ومنها من فقد عدد لا بأس به من اللاعبين المميزين شهداء على درب التحرر والانعتاق من الاحتلال ، وهذا يقودنا الى معادلة صعبة تتطلب منا التريث وعدم الاستعجال في تنفيذ بعض المطالب والشروط الداخلية او الخارجية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ومنذ اكثر من خمس سنوات اتبعت المؤسسات الدولية والعربية والمحلية المانحة أوالداعمة نهجاً جديداً ارضاءً للطرف الاخر، وذلك بعدم التعاطي مع أي مشروع تنموي يقدمه لها أي ناد او مؤسسة شبابية رياضية مقدسية ، لا بل انها نقلت مكاتبها من القدس الى رام الله او غيرها من المحافظات الفلسطينية ، اما تلك المؤسسات القليلة التي ما زالت تحتفظ بمقرات لها في القدس، فهي لا تحيد عن النهج وتطبقه بحذافيره ، وفي نفس الوقت تعجز مؤسسات السلطة عن دعم الاندية والمؤسسات المقدسية، وخاصة تلك التي ترابط داخل ما كان يسمى بحدود البلدية، او ما بات يعرف بالاندية داخل جدار الفصل العنصري ، وذلك رغم عقد المؤتمرات الدولية والشعبية والوطنية في داخل الوطن وخارجه الوطن ،وتشكيل اللجان المختلفة وتعيين كبار المستشارين للاهتمام ومتابعة ونصرة القدس واهلها ومؤسساتها على اختلاف مشاربها ونشاطاتها .
امام هذه المعادلة المعقدة وغير العادلة او المنصفة ، من الخطأ ان تدخل الاندية والمؤسسات الاندية المقدسية والاندية الاخرى التي تعيش في ظروف مشابهة لها ، حلبة الصراع من اجل البقاء ( وهي الملاحقة قانونياً وضرائبياً ومقراتها مهددة بالاغلاق في كل لحظة والمثقلة بالديون ) ، وذلك لانعدام ادنى معايير مبدأ تكافؤ الفرص مع نظيراتها في محافظات الوطن ،التي تغدق على بعضها مؤسسات السلطة والمؤسسات الدولية بالعطاء والمشاريع ، وعلى الرغم انه من حق الاندية والمؤسسات المقدسية المطالبة بخصوصيتها، والنظر اليها عاى انها قلاع وطنية يجب الحفاظ عليها وهي ما زالت تئن تحت وطأة الاحتلال، ولا تلوح في الافق اية بوادر حقيقية للانعتاق منه ، الا ان اندية القدس لا تريد هذه الخصوصية على شكل منة او معروف، بل نطالب اولي الامر في سلطتنا الوطنية القيام بدورهم الوطني والسيادي، وذلك بتوفير مبدأ تكافؤ الفرص امام الجميع سواء من خلال اقناع الجهات الداعمة بضرورة ان تشمل مشاريعها اندية ومؤسسات القدس، او تقوم مؤسسات السلطة بتوفير البديل العربي او الاسلامي ، وهذا كله لا يسقط عنها او يعفيها من دورها الوطني في رعاية المؤسسات الوطنية المقدسية ،رعاية من اجل التطور والبناء والنماء والاستمرار ، وليس من اجل البقاء على قيد الحياة فقط ، لان مؤسسات الطرف الاخر تقدم المغريات المادية التي يسيل لها اللعاب وتخطط لابتلاع والتهام مؤسساتنا الوطنية ، او بالحد الادنى الحاقها بالمؤسسات التابعة لها وافراغها من مضامينها الوطنية .
اخلص في حديثي الى القول ان شعار البقاء للاقوى يجب ان يسبقه شعار اكثر عدالة واهمية الا وهو توفير مبدأ تكافؤ الفرص امام الجميع ، للوصول الى الاهداف والغايات الموضوعية، والقابلة للبناء عليها من اجل مستقبل زاهر للرياضة الفلسطينية .