دماء نازفة فوق ملاعب الكرة

كتب أحمد المشهراوي- غزة
في وقت تفرض فيه مشاريع التطبيع الكروية والرياضية على كرة الانتفاضة، التي تنزف من خاصرتها دماء القتل والظلم، من قبل ربيبها رئيس دولة الاحتلال شيمعون بيريس، المتستر خلف مركز الكذب والدجل.. لم تستثن عمليات – الهولكست- الإرهابية المتصاعدة، و-المحارق- التي تشعلها قوات العدوان الصهيوني على غزة وقطاعها بصورة دموية، ملاعب الكرة الدامية.
وبصورة صادرة عن ذئب ماكر، سبق أن تلطخ فمه مرتين بدماء شهداء مجزرتي قانا اللبنانية، تغنى كثيراً بمشاريع الكرة التطبيعية، جاءت أوامره للآليات العسكرية لتطال أطفالاً ناضرة في عمر الورود، وتحول أجسادهم الصغيرة إلى أشلاء متناثرة، ودماء نازفة فوق ملاعبهم الصغيرة المحاصرة.. لتكون شاهداً حقيقياً على جرائم قادة الظلم وسفك الدماء، ولتبرز للعيان الوجه الحقيقي الأسود للمتنادين بعقد مشاريع السلام تحت ستار الكرة، ولتيقظ المتهالكين خلف هذا السراب المزعوم .
لم تستثن هذه العمليات من صواريخ الإرهاب، التي لا زالت تتصاعد منها شظايا الموت، وبارود القتل، ورائحة المنون، أرواح عمر وديب ومنير دردونه الصغيرة الغضة، وروح زميلهم محمد حمودة أثناء نزهة فوق ملعب الكرة بعد أن ضاقت بهم جرائم الاحتلال، أو ملاك الكفارنة.. لم تستثن أيادي محمد البرعي الرقيقة، وملاك الكفارنة، وطالت جاكلين وإياد أبو شباك، وسناء وسماح عسلية.. والقائمة تطول.
لقد نقلت وسائل الإعلام المشاهد المؤلمة لهؤلاء الأطفال فوق ملاعبهم الكروية وبين أسرهم و داخل بيوتهم، لتبين من جديد أن الاحتلال ليس له إلى وجه واحد، هو وجه القتل والدمار بعيون الحقد والكراهية، وفم متشدق بالإرهاب وسفك المزيد من الدماء، ولتؤكد أن نداءات السلام تحت مشاريع الكرة، جميعها باطلة، ولا يترتب عليها إلا تحقيق مصالح لأعدائنا، فهل وعينا الدرس، وخجلنا من دماء الطفل البرعي ورفاقه؟!!!
إن العدد الكبير من الأطفال الذين استشهدوا وأصيبوا في المجازر الصهيونية المتواصلة، ليدلل على أن الاحتلال لا يأبه لهذه الشعارات الكاذبة وأن دماءنا رخيصة في منظوره الظالم، وأنه غير معني بهذا النزف، وجاهز لتفصيل الاتهامات وفق مقاييسهم، فهل هي حقاً غالية علينا، وأننا سنرفض ما يطلى علينا من لقاءات ثمنها دماء أطفالنا من أبناء دردونة وأبو شباك.
إن هذه الدماء الغالية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، طالت دماء محمد أبو جاموس، والعميد أبو حميد، ومؤمن بارود، وعثمان الرزاينة، ومحمد حلس، ووليد كلوب، ومصعب جندية، والضاش، والبدي، وقائمة طويلة.. طالت إستاد فلسطين، ومقر اتحاد الكرة، ونادي المشتل، طالت منتخب فلسطين فمنعوه من السفر، ومست نادي شباب رفح فحرموه من المشاركة ... .
بلا شك أن ما نراه على شاشات التلفزة من استهداف مباشر للملاعب والساحات ومنازل المواطنين وأرواحهم وإلحاق الأذى بهم، بصورة عشوائية ومكثفة، يعني أن هذا الاحتلال لا يحترم أي قيم أو مبادرات ولا يعطي بالاً وتقديراً للمواثيق والمعاهدات، فلماذا نتسابق على اللقاء في الملاعب مع لاعبين هم في الأصل جنوداً يقتلون أهلنا، ويذبحون شعبنا، لنلتقط صورة هنا، أو ننال هدية مصنوعة من عظام أطفالنا ودماء شبابنا، بل تدعونا إلى مقاطعة هذه الاجتماعات المشبوهة ونرفسها بأقدامنا لأنها لن تكون أغلى من هذه الأرواح النيرة في حواصل طير خضر، ولا هذه الدماء الزكية التي أزكى من رائحة المسك.
إن دماء هؤلاء الأطفال النازفة لتدعونا مجدداً إلى ترتيب صفنا، وتوحيد جهودنا صوب طريق الوحدة، بعيداً عن التشتت والفرقة، والانطلاق بالأنشطة الرياضة والكروية، والعودة إلى ملاعبنا لأنها تعني الحياة، أن نعود مضمدين دمائنا، متمسكين بثوابتنا ومقدراتنا، لأن ديننا يدعونا، ووطننا يستحثنا، تدعونا دماء البرعي وعسلية وأبو شباك، وتستحثنا الدماء النازفة فوق الملاعب .