غيمة عن غيمة بتفرق !!
خالد إسحاق الغول
ونحن نراقب السجال القائم في الوسط الرياضي حول الأمل واليأس، والتفاؤل والتشاؤم، والآفاق المفتوحة والمسدودة أمام الأندية الفلسطينية وكل مستويات العمل الرياضي في فلسطين. فإننا سنتذكر من بين قصصنا الشعبية قصة تلك المرأة التي تعاني من العقم، وعندما تعجز عن إقناع زوجها أو ضرتها أو حماتها بأنها قادرة على الإنجاب تلجأ إلى الاحتيال واختراع خدعة الحمل الكاذب لكي تثبت وجودها، ولكي تحافظ على مكانتها لدى زوجها. لكنها ورغم كل المحاولات العبثية تنكشف أمام نفسها والآخرين بسبب تعنتها ورفضها الاعتراف بالواقع.
كان الله في عون تلك (الكنة) أو (الضرة) العاقر، فهي في وضع لا تحسد عليه. ولهذا نراها تحاول الاستفادة من وجود (الداية) التي تساهم في إطالة عمر الوهم لديها، بحيث تعمد الداية إلى إقناع الناس وإقناع نفسها بان هذا الحمل ليس كاذبا، وهي بذلك تقدم خدمة جليلة للوهم المتضخم في عقل تلك المرأة التي بدأت تصدق دون أدنى حد من الشك بأنها (خصبة) وأنها على وشك الإنجاب!!
ان قراءة علمية للواقع بلا محاباة وبدون مجاملة هي الوحيدة الكفيلة برؤيته كما هو. وعندما نمارس هذه المهمة التي يبدو أنها ما زالت صعبة، سيصبح من الأسهل خلق واقع أكثر إشراقا. وذلك بعد أن نضع المرآة أمام الفشل لكي يرى حقيقته دون رتوش، وبعد أن تنتهي مهمة إنقاذ الفشل وإطالة عمره وإسناده ومنحه لقب (ناجح بامتياز). والذي لو سألناه: ما الذي جعلك تحتفظ بهذا اللقب حتى الآن، وتسجل كل هذا (النجاح المؤزر)؟ سيقول "وجدت من ينتقدني بالكلام، ويستبسل في تبرير فشلي بالفعل".
سيبقى همنا الدائم وشغلنا الشاغل هو: كيف تدار المؤسسات الرياضية؟، وسنبقى نلح على وزارة الشباب والرياضة والهيئات الرسمية وغير الرسمية المشرفة على الأندية، لكي تتخذ الإجراءات اللازمة من اجل أوضاع إدارية أفضل في هذه الأندية، وسنظل نكرر ونعيد ونزيد: انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة لا اقل، وهيئة عامة مفتوحة للجميع غير محتكرة لطرف محدد لا اقل، وقانون صارم كحد السيف ملزم للجميع لا اقل، وشفافية عالية لا يوجد في ظلها لعب من تحت الطاولة لا اقل، ولجنة انتخابات تأتمر فقط بالقانون لا اقل، وبرنامج عمل من اجل ( الفوز والنجاح) وليس ( الإخفاق والفشل) لا اقل، ولجان مساندة صديقة للمؤسسة تصدق هيئتها الإدارية (بضم الدال) ولا تصدقها (بكسر وشد الدال) وتحظى بالاحترام والتقدير لجهودها لا اقل، وهيئة إدارية تحترم الرأي العام ولا تحتقره لا اقل، وهيئة إدارية تتمتع بالحد الأدنى من الكفاءة والمهنية والنزاهة لا اقل ....
عندما نبدأ بادراك هذه الوقائع بالملموس وعلى ارض الواقع ، وعندما يكون الخروج عن الصمت فعلا مباشرا في الميدان وليس كلاما من باب ( فشة الخلق)، وعندما نتعامل على قاعدة أن احتقار المواعيد والتلاعب بها احتقار لمن نعدهم، نكون أمام غيوم حبلى بالمطر ، وأمام حمل حقيقي يتوج بمشهد رياضي جديد نفخر به ولا نخجل منه أمام أنفسنا والعالم.
كانت أم سعد" بطلة إحدى روايات المبدع الشهيد غسان كنفاني تكرر القول" خيمة عن خيمة بتفرق" ونحن ارتباطا بالاعتقاد غير الدقيق بأن كل غيمة حبلى بالمطر، وأن في كل سحابة خير، سنقتبس قول "أم سعد" ولكن بتصرف لنقول: (غيمة عن غيمة بتفرق!).