من حقي أن اختلف عنك
خالد الغول
يمكنني هذه المرة أن احمل المسؤولية عن الفهم الخاطئ لدور الإعلامي عموما وللإعلامي الرياضي خصوصا إلى الإعلامي نفسه. ذلك انه ارتضى في كثير من الأحيان أن يلعب دور البوق لهذا الطرف أو ذاك حتى اقتنع القائمون على المؤسسات الرياضية بان الكف عن لعب هذا الدور هو (خروج عن الأصول) التي لا علاقة لها بأصول الممارسة المهنية للصحافة.
اذا قلنا انه لا يوجد صحفيون ينشرون يوميا صورة فلان أو علان في صفحتهم الرياضية من باب المداهنة فنحن نجافي الحقيقة، وان قلنا انه لا يوجد من يكتب باستمرار ضد طرف معين بشكل قاس ثم ينقلب بين ليلة وضحاها ليجامله ويكتب عنه الكلام المعسول مع أن أسباب الانتقاد لم تتغير، وما زال أداء المنقود يزداد سوءا وتأزما يوما بعد يوم ندرك أن خلف الأمور أمور.
كثيرا من نسمع انتقادات للإعلاميين الرياضيين من قبل هذا النادي أو ذاك، أو هذه المؤسسة الرياضية أو تلك لأن الإعلاميين كتبوا عنهم ما يعبر عن آرائهم وقناعاتهم هم وليس ما يحب أن يقرا النادي أو المؤسسة، ولم تتضمن المديح والتمجيد حتى وان كان الحديث عن إخفاقات وكوارث وعن مسيرة طويلة من الفشل الذريع.
وأحيانا يحتج البعض لان هذا الإعلامي الرياضي لم يتطرق لهم في مقالاته أو تقاريره ولم يكتب عنهم وعن انجازاتهم حتى وان لم تكن هذه (الانجازات) مقنعة وتستحق الذكر، وينصبون أنفسهم مقررين لما يستحق أن يكتب وعمن يجب أن يكتب وعمن يجب ألا يكتب. علما بأنه حتى وان كانت هنالك انجازات كبرى فانه ليس من حق صاحب الانجاز أن يفرض على الإعلامي بان يكتب عنه مقالات ترضيه لان الإعلامي الذي يحترم مهنته ويحترم تاريخه المهني لا يمكن أن يرضى لنفسه أن يكون مجرد بوق لهذا الطرف أو ذاك.
نحن نعلم انه في النقد الإعلامي، يحق للإعلامي أن يطرح آراءه وفق قناعاته الخاصة ويدافع عنها بكل جرأة لأنه لا يطرحها هكذا بشكل عبثي واعتباطي بل بمسؤولية وتجرد ودقة علمية مقترنة بإلمام ودراية بأصول الكتابة والنقد وباطلاع واسع على مفردات الكتابة النقدية وباستخدام خلاق لهذه المفاهيم والمفردات. وليس المهم ان نتفق أو نختلف معه ولكن المهم ألا يكون قد تجاوز أصول العمل المهني، وعندها تجوز محاسبته ومساءلته من مختلف الأطراف ذات العلاقة بالتجاوز المرتكب.
فمثلا لو اتفقت نسبة 90 بالمئة من الإعلاميين في تغطيتهم لمهرجان سينمائي دولي بان الفيلم الفلاني فيلم رائع وممتاز ويستحق الجائزة الذهبية ورأى آخرون أن هذا الفيلم ليس أكثر من جيد ولا يستحق أي جائزة فان النسبة المتبقية من الإعلاميين هنا لم يخرجوا عن أصول النقد الإعلامي، ولن تثور ثائرة مخرج الفيلم وطاقمه على هؤلاء الإعلاميين لأنهم مقتنعون بان الاختلاف في الرأي هو شرط مهم للتطور وبان آراء وأفكار وقناعات الناس لا يجب أن تكون واحدة بل متعددة ومتنوعة.
وكذلك الأمر بالنسبة لتقييم مباراة من المباريات فلو رأى البعض أن الفريق الفلاني كان رائعا ومتفوقا ورأى آخر أن هذا الفريق لم يكن بالمستوى المطلوب فهذه ليست جريمة بل هي وجهات نظر تطرح من زوايا مختلفة وتعالج بطرق متنوعة. ومن حق كاتب التقرير الصحفي أو ناقله أن يكتب أو يقول ما يشاء بشكل موضوعي دون تدخل من طرفي المباراة لأن هذا هو شرط العمل المهني المحترف الذي يجب أن تغادر في ظله إلى غير رجعة الحالة الدارجة التي تعرض الصحفي أو المحرر الرياضي لمشكلة أو ملاحقة إذا لم يكتب أي خبر أو تقرير إلا إذا كانت صادرة عن الناطق الرسمي أو أمين السر لهذا النادي أو هذه المؤسسة، وهو أمر لا علاقة له بالصحافة وبديمقراطية الإعلام على الإطلاق.