هنا السودان
منتصر ادكيدك / وكالة بال سبورت
موفد رابطة الصحفيين للسودان
في الوهلة الاولى كانوا يشعرونني بأنها صحراء قاحلة، لا يوجد فيها شي غير الأناس الإفريقيين، كانوا يسخرون منها وكأنها بلد لا يملك شئاً من مقومات الحيات البسيطة، حتى طلب البعض مني ان احمل معي الطعام او الخبز لكي لا أموت جوعاً، ويصفوها بأرض المجاعة ولكنها كانت ارض الخير والبركات، احدهم قال لي بكل سخرية " ما في غير السودان يعقد فيها دورة إعلام رياضي " اي هم بدهم مين يعلمهم اول" كانت هذه هي عباراته البسيطة التي لا تحمل في صفحاتها اي فكرة عن المكان، كانت ارض السودان في هذه الدورة هي الارض الخصبة لأبرع المدربين في الوطن العربي، ليس ذلك فحسب بل كانت ملاعبهم تقول و تنقل الصورة الحقيقية للرياضة السودانية.
فنجد مثلاً نادي المريخ السوداني المتواضع في إمكانياته، يمتلك ملعبه الخاص الذي يتسع ل20 الف متفرجاً تقريباً، ويمتلك بناية ضخمه شاسعة لمقر النادي، هذا نادي المريخ وعداك عن النادي الأهلي الذي يعتبر الأفضل في الإمكانات المادية، ويقال بأنهم دولة فقيرة، أو يوصفون في بعض الأحيان بأسوأ العبارات، ومع الأسف نحن لا نمتلك نصف عدد المقاعد او ربعها في اضخم ملعب في وطننا، بل حتى ولو وجد ذلك العدد لا نجد الجمهور الذي يشغلها جميعها في ايام المباريات، وهذا عكس ما شوهد في السودان.
حتى صحافتنا الرياضية فالبعض منا يعتبرها الأفضل على صعيد الوطن العربي، وتسمعه يقول بأنها في أوج تقدمها بين الدول العربية، دون ان يعود ويشاهد بأننا لا نمتلك صحيفة رياضية يومية واحدة مختصة في هذا المجال بينما يوجد في السودان تسعة صحف يومية تختص فقط بالصحافة الرياضية، وعداك عن المجلات الشهرية المتخصصة.
هذه هي السودان في إمكانياتها المتواضعة من بين الدول العربية والأفريقية، وهذه إمكانياتنا في فلسطين، حتى التنظيم لاحتفالات الكاف فلم يكن بالشئ البسيط بالنسبة للسودان، ولكن اثبتوا بأنهم كانوا الأكفأ لهذا الاحتفال، وما قدموه للوفود المشاركة، والتنظيم و البرامج أكد مدى قدرتهم على امتيازهم ليكونوا ابطال هذه الاحتفالات، واذكر قصة هناك ان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر قد وصل لمبنى اتحاد كرة القدم السوداني وعند محاولة دخول مقر الاتحاد للتوجه لافتتاح ملعب جديد يبعد عشرة امتار من موقع نزوله، طلب منه نائب رئيس الاتحاد بان يعود لسيارته وان يتوجه لطريق آخر يبعد أكتر من مئتي متر لإفتتاح الملعب بكل هدوء للتقيد بالترتيبات، فيا ترى لو جرى هذا الأمر عندنا فكيف سيكون الحال..
اتوقع مروره وكسر البرنامج فقط لأتخاذ قرار فردي من مسؤول "امزبط حالو" وهذه صورة السودان التي نفتقدها مع الأسف في الفترات الأخيرة.
الهدف من هذا المقال هو ليس كشف للعيوب، فكلنا نعرف بأن الإمكانيات لدينا صعبة من الجانب المادي ولكن صورتنا للعالم الآخر المشوهة قد شوهتنا، وأضعفت مؤسساتنا وجعلتنا ننام في سبات عميق بعيداً عن النشاط الرياضي الموثق و الصحافة الرياضية المتخصصة.