لا نامت أعين مثبطي الهِمم....

كتب محمود السقا- رام الله
انشغل المتابعون والمراقبون وعشاق الكرة بأدق تفاصيل عقد اللاعب الدولي المصري الجديد مع ليفربول، محمد صلاح، خصوصاً على الصعيد المالي، وحصروا تفكيرهم بأسئلة على نحو: كم يتقاضى في اليوم أو الأسبوع أو الشهر، وصولاً إلى موسم كامل، ولم ينشغلوا بالأسباب والموجبات التي دفعت إدارة نادي ليفربول كي تجدد التعاقد مع صلاح لمدة موسمين إضافيين، وهو في سنّ الثانية والثلاثين، وبراتب أسبوعي فاق راتبه الأول بخمسين ألف جنيه استرليني، فأصبح يتقاضى أربعمائة ألف جنيه، أسبوعياً، بدلاً من ثلاثمائة وخمسين ألف جنيه.
لم ينشغل عشاق الفرعون المصري كيف فرض شروطه على إدارة محترفة مثل إدارة ليفربول؟ ولماذا وافقت الإدارة على التجديد؟ وما هي أبرز أهدافها ودوافعها؟
وفقاً للصحافة الإنكليزية، التي عادة ما تهتم بأدق التفاصيل والحيثيات، ولا تتردد في إثارتها ووضعها في متناول القراء مستفيدة من هوامش الحرية الواسعة، التي تكفلها القوانين والأنظمة، أجمعت على أن السبب المباشر لتجديد عقد صلاح لا يخرج عن إطار البحث عن الاستقرار وديمومة النجاحات، التي بلغها ليفربول، ويتطلع لمراكمتها، فالاستقرار عنصر مهم في عملية البناء والتطوير ومواصلة النهوض، وعكسه لا يعدو كونه مِعول هدم يقوض أي بنيان مهما كان قوياً وراسخاً.
تقديري الشخصي أن السبب المباشر في التجديد، إلى جانب ما ذُكر سالفاً، إصرار محمد صلاح على المضي، قدماً، في مشوار النجاح، فكان أن نبذ من قاموسه مفردات اليأس والإحباط والقنوط، لأن هذا الثالوث قاتل لكل مَنْ يستسلم له، فقرر مقاومته والتصدي له، وتحديداً منذ أن عرض خدماته على نادي الزمالك ويُقال، والعهدة على الراوي، أن رئيس الزمالك في حينه، نظر إلى صلاح "مِن تحت لفوق"، وعلق بعبارة مؤسفة ومتسرعة ولا تليق باللهجة المصرية قوامها: "ده ما ينفعش الزمالك"، ولم يحفل صلاح لذلك ولم تهتز ثقته بمواهبه بل مضى في البحث عن الاحتراف في الخارج، وقد بدأه من سويسرا، مروراً بإنكلترا وإيطاليا، وعودة مجدداً إلى بلاد الإنكليز ليستقر به المقام في ليفربول منذ العام 2017، ويسطر أرقى الوان النجاح.
حقّاً لا يأس مع الحياة، ولا نامت أعين مثبطي الهِمم.