شريط الأخبار

"في المرمى"... آفة الجدل الفتاكة

في المرمى... آفة الجدل الفتاكة
بال سبورت :  


كتب فايز نصّار- القدس الرياضي


يعجبني الرياضي الفلسطيني- المقيم في سوريا- الدكتور عبد المنعم جبارة، الذي يتحفنا بين الفينة والأخرى بكلمات كاريكاتورية، يخطها بأنامل الإبداع، الذي يذكرنا برياديّة حيفا ويافا، وعكا وصفد.

   من خرجات النجم السلويّ المتألق طرفة مضمونها: سألني صديقي الوغد: لماذا تقدم أفضل النصائح في الحبّ وأنت أعزب، فأجبته: لأن المدربين لا يلعبون؟ .. ومنها أيضاَ: بأنّ " قليل الإيمان، إذا عجز عن الحجة والبرهان، لجأ إلى البهتان" .

  ذكرتني أيام كانون الباردة بكلام طيرنا المهاجر، الذي قد لا تكون له علاقة بهرطقات شارع الرياضي في بلادي، وتباين الرأي الفظّ، بين من يتفاعلون بحكمة مع الكلام المباح، وتجنيات المغضوب عليهم من قبل المطبلين، الذين قبلوا دورهم بين الخارجين عن النصّ! 

   ولا يبدو أننا نملك القدرة على الفرز بين الحيين، فالساحة تحفل بالخيرين، الذين يتفاعلون مع المبادرات الوطنية، ويصفقون لنجاحات المبدعين، بعيداً عن معايير الفرز غير المهنيّة، ويتمنون الخير لمن يكلفون بالمهمات الجسيمة.

وفي الوقت نفسه يتكاثر في الميدان المثبطون، الذين أْفنَوا عمرهم بالتَّأوُّهِ والحزَنْ، وقعدوا مكتوفَي الأيديْ، يقولون: حاربنا الزَّمنْ، والذين طالبهم ملهمنا النابلسيّ ابراهيم طوقان بالقعودْ، لأنّهم ليسوا ممن يسعون إلى النهوض بالبلد، لأنّ التشاؤُمُ أضحى في حديثهم بالغريزَةِ والسَّليقهْ!

والغريب أنّ الأغلبية يفرزون أنفسهم مع المجموعة الأولى، وقد لا تجد من تأخذه الجرأة للاعتراف بأنّه يمارس الفلتان الرياضي، ويُقدِم على توبة نصوح .. وباب التوبة مفتوح أمام الجميع، ولا يغلقها إلا جاهل، يخالف أحكام الربّ .

    ولأنّ أمزجة الناس كبصمات أصابعهم، لن تجد من يتفقون على أمر معين، ليكون الحلّ بالمقاربة بين الآراء، ومحاولة الوصول إلى نقاط تفاهم لا تغضب هؤلاء، وتحفظ ماء وجه أولئك، على مائدة حوار هادئ، عماده أنّ اختلاف الرأي ظاهرة صحية، وضامنه " أختلف معك، ولكنيّ مستعد للموت دفاعاً عن حرية رأيك !"

 ولست أدري إن كان متعاطو الرياضة في بلادي يسمعون بمثل هذه الكلمات، لأنّ في الساحة ألف "أبو العُريف" سيد كلّ الميادين، وهو- وحده- يفهم في الفلاحة والتجارة، وشيخ مشايخ الحدادة والنجارة، بما يؤهله للتفرد في أمور الحلّ والربط، وديدنه: قل ما تشاء، وأفعل ما أشاء !

   لمحت شيئاً من هذا الجدل بين أبي العُريف، وصاحبه الذي يملك كبد الحقيقة، فجرّ الفهيمان الناس إلى انشطار في أمور تبدو من البديهيات.. حتى وجدنا من يستخف بروعة إنجاز الفدائي غير المسبوقة في شارع المونديال.

  ولأنّ الأمر زاد عن حدّه، أسمح لنفسي بالسؤال: لماذا لا نحاول التخلص من آفة الجدل، ونجعل آذاننا أكبر من أفواهنا، ونقبل رأي الآخرين، حتى لو اختلفنا معهم؟ والأهم: لماذا لا نحول الغيرة من إنجازات المبدعين، إلى عمل أكثر بلاغة في الردّ على المشككين؟ ولماذا لا نصفق لنجاحات المجتهدين،    ونستخلص العبر المهنية التي تحاول تغيير الذهنيات، بدل صب اللعنات في مطبات الشارع الرياضي؟

مواضيع قد تهمك