ذلك هو الوفاء بعينه..
كتب محمود السقا- رام الله
الشعوب أو حتى الأفراد النابضة قلوبها بحب فلسطين لا تحتاج إلى مَنْ يناشدها أو يستثير هِممها كي ترفع أصواتها عالية، من أجل نُصرة الفلسطينيين، الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية ممنهجة في غزة، كتلك التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يفلت من جرائمه البشعة حتى الحيوانات، وتحديداً الأبقار، التي رصدتها عين الكاميرا وهي تئن تحت وطأة الجروح البالغة، والحروق التي طاولت أجسامها.
صور كثيرة من الوفاء النقي لفلسطين مارسها، قولاً وفعلاً وسلوكاً، أشهر رياضيي العالم، بالأمس المصارع الداغستاني، إسلام مخاشيف الذي رفض الاحتفال بانتصاره المؤزر على متحديه الأسترالي اليكسندر فولكانوفسكي بالضربة القاضية ليتوج على ضوئها بلقب بطولة العالم للوزن الخفيف في الفنون القتالية المختلطة.
رفض إسلام مخاشيف الإحتفال أرجعه إلى ما يجري في فلسطين حيث تشن دولة الاحتلال والبغي حرباً ضروساً على غزة، وقد أمطرتها بما يعادل واحداً وثلاثين طناً من المتفجرات.
إسلام مخاشيف طالب على مرأى ومسمع العالم بوقف الجنون الذي يحصل في هذا العالم، مؤكداً دعمه المطلق لفلسطين، والوقوف إلى جانبها.
هذا الصوت، النبيل والجميل، القادم من حلبات النزال، كان بمثابة رجع صدى لأبناء وطنه، داغستان، الذين اندفعوا، كما السيل المُنهمر، لمجرد أن تناهى لمسامعهم أن هناك طائرة هبطت في المطار، وعلى متنها ركاب إسرائيليون قفلوا عائدين إلى داغستان، لأنهم يحملون جنسيات مزدوجة، روسية وإسرائيلية، فما كان من الطوفان البشري الهادر إلا أن اندفع بالمئات نحو المطار رافعاً العلم الفلسطيني ومندداً بجرائم دولة الاحتلال الوحشية، في صورة، عظيمة الشأن والدلالة، جسدت أسمى معاني الصدق والوفاء لفلسطين وأبنائها الغُر.