حفنة دولارات لا تغني عن الميداليات
كتب ناصر العباسي
الاخفاق مهما كان حجمه وطبيعته واسبابه ومسبباته, يظل اخفاقا يسجله التاريخ ويدونه في ذاكرته مهما طال الزمان او قصر، وعلى غرار هذا السلوك, وعلى النقيض تماما من الاخفاق فان الانجاز في بلادنا يسير على نفس الوتيرة ولكن بشكل مختلف والفرق هنا: ان الاخفاق نعمل على تناسيه ونربطه بالاسباب والمسببات والاعذار الواهية والتي لا تنتهي الى حد معين لكن نعاود تكرارها، ويتنصل منها المقصرون لاخفاقائهم ونعود مرة اخرى الى نقطة الصفر، اما الانجاز فيظل محفورا بالذاكرة ومتداولا على ألسنة ابناء هذا الوطن رغم ندرته ومحدوديته ويصعب نسياته ونتغنى به وفي كل مرة بالجلسات والمناسبات مرتبطا بالمثل الشعبي «الخسارة يتيمة الاب، والفوز له ألف أب».
حقيقة .. تريثت كثيرا قبل الكتابة عن مشاركتنا الفلسطينية في الدورة الاسيوية الخامسة عشرة والتي تستضيفها الشقيقة قطر في هذه الايام وبدرجة امتياز، والسبب هو عدم استباق الاحداث، واطلاق الاحكام المبكرة على مردود هذه المشاركة عل وعسى ان تكون ايجابية, وبما اننا لسنا بصدد توجيه النقد وتناول الايجابيات والسلبيات وتحليلها للالعاب التي شاركنا فيها فان الرسالة الاعلامية والتي يوافينا بها الزملاء الاعلاميون من قطر تحمل في طياتها كل يوم اخفاقا جديدا للرياضة الفلسطينية وباتت الجملة الاكثر تكرارا في هذه الرسائل ان «منتخب لعبة ما» حزم حقائبه استعدادا للمغادرة الى ارض الوطن خالي الوفاض دون تحقيق اي شيء يذكر فهي متداولة وشبه يومية وربما ستظل تتكرر حتى مغادرة اخر فرد من بعثتنا ارض قطر. ما استوقفني بالامس القريب عندما كنت وكالعادة أطالع الصفحات الرياضية كل صباح وبالتحديد رسالة قطر الاعلامية اطلالة احد المشاركين في الدورة من اللاعبين وهو يبتسم ويرفع بكلتا يديه شيء ما!! وللوهلة الاولى ظننت ان فلسطين حصلت على احدى الميداليات!! وفاتني متابعة هذا الحدث عبر الشاشة الصغيرة!! لكن عندما تمعنت بالنظر وقرأت ما بين السطور، أدركت ان ما يحمله هو مئتي دولار والتي قدمت كمساعدة من اجل ابناء الوطن المقيمين بقطر، وهي جزء من عشرة الاف دولار حصلت عليها البعثة الفلسطينية ، ورغم قناعتي باهمية هذه المساعدة وخاصة للاعبين والذي يمر معظمهم بظروف اقتصادية صعبة الا ان الاهم يظل حجم الانجاز والذي حققناه في الدوحة فحفنة دولارات لا تغني عن الميداليات!!. ولا اظن ان وراء تلك الاخفاقات مسؤولية يتحملها اللاعبون والمدربون فقط فالمسؤولية هنا تقع على عاتق اللجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية ووزارة الشباب والرياضة والتي تتحمل مجتمعة هذه الاخفاقات لغياب التخطيط الرياضي السليم، والاعتماد على المحسوبية والعشوائية في العمل وحب الذات والاهم من ذلك هو «الرياضة السياحية» وهو الاستمرار بالسفر بين ليلة وضحاها!! وغياب التشريع بين المؤسسات... الخ .
وهنا نتساءل الى متى سيعلن عن انتخابات جديدة للجنة الاولمبية؟ والى متى سيظل الحاج احمد القدوة يتمسك برئاسة اللجنة منذ عقود مضت؟ والى متى ستظل الادمغة والكفاءات الرياضية والعلمية بعيدة ومهمشة عن الاتحادات واللجنة الاولمبية؟. ومتى سنولي اهتماما بالالعاب الفردية والاعداد لها بشكل سليم وقبل سنوات من المشاركة؟ والى متى سندرك ان الالعاب الفردية هي السبيل الوحيد لتحقيق انجاز وطني كما فعلت الشقيقة الاردن بحصولها على خمسة عشرة ميدالية في تاريخ مشاركاتها الاسيوية من الالعاب الفردية فقط!! وكان آخرها ذهبية التايكوندو في الدوحة للبطل محمد العبادي؟اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات من اصحاب من يمتلكون الاجابات والى اللقاء في حديث دوري اخر.
nasserabassi1@yahoo.com