حسن البطل و "الموندياليزم"
كتب محمود السقا- رام الله
نَعي الكاتب الكبير، حسن البطل، بعبارات تفيض حزناً وألماً ولوعة على رحيل قامة إعلامية باسقة، لم يقتصر على كُتاب الأعمدة ذات الطابع السياسي أو الأدبي أو الثقافي والاجتماعي وهلمجرا، بل امتد الأمر؛ ليطال قطاعاً واسعاً من الأسرة الرياضية، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين يتعاطون مع وسائط التواصل الاجتماعي، ولهم حضورهم المُكثف في منصاتها، تعليقاً وتفاعلاً وكتابة.
ذاكرة الرياضيين، الثرية والخصبة، لم تقفز عن غياب حسن البطل، الذي برع في كافة حقول الصحافة، بما في ذلك الشق الرياضي، أكان من خلال إطلالته، البهية والثرية والنافعة، في المونديال الكوني، من خلال اجتراح عمود "موندياليزم"، وهو عمود عبارة عن ومضة سريعة، لكنه حافل بالثراء وبرشاقة العبارة، والأسلوب السلس والأخاذ، إلى جانب عموده اليومي، "أطراف النهار"، والذي كان عبارة عن جنّة غنّاء تحفل بما لذ وطاب من أفكار ومعالجات وخواطر وانطباعات وقراءة دقيقة للحاضر، واستشراف مذهل لكفّ المستقبل، وبالطبع فإن الحركة الرياضية كانت حاضرة في "أطراف النهار"، وكانت تحظى بمساحة طيبة، وكان حسن البطل يُعبر عن ذلك، كتابة ونقاشاً، وأذكر أن الراحل اعلن عن حضوره الواعد وتماهيه مع نبض الحركة الرياضية في مونديال 1998 الفرنسي، والثابت أن عناوين ومانشتات "أيام المونديال"، وهو ملحق يومي بادرت إلى إصداره "الأيام"، ولاقى إقبالاً مذهلاً في حينه، راقت لحسن البطل، فدأب على التواصل مع الدائرة الرياضية عبر "الفاكس"، مستفسراً عن عناوين بعض المواجهات.
ولم يكتف بذلك، بل كان يقترح عناوين بعينها، وعندما فازت فرنسا بالذهب المونديالي، استفسر عن العنوان، الذي يتصدر صفحة غلاف الملحق، فكان الرد عبر الفاكس العنوان التالي: "الديك الفرنسي يبيض ذهباً"، وقد راق له، كثيراً، بدليل انه حضر في اليوم التالي للدائرة الرياضية، تسبقه ابتسامته الصافية والبريئة، معززة بإشارة الإبهام، التي تُفصح عن رضاه وإعجابه.
يرحم الله حسن البطل، والله نسأل أن يُعوض فلسطين بمواهب كتابية مبدعة تسير على نهجه وتترسم خطاه.