ماجد أبو خالد ساحر الكرة الفلسطينية
الخليل- كتب فايز نصّار/ لم ينل نجم فلسطيني محبة الرياضيين بمقدار ما نال ساحر القدس الشريف المرحوم ماجد أبو خالد ، الذي كانت تربطه صداقة حميمة مع كثير من الرياضيين ، من بينهم كاظم لداوية ، الذي يعرف كلّ تفاصيل صفاته الانسانية ، التي تكمل لوحة إنجازاته الرياضية المعروفة ، حيث كان أبو خالد صخرة الدفاع في الملاعب ، وصخرة الدفاع ، والسند الذي يركن إليه في حلّ مشاكل كلّ من عرفه ، ولا يبخل في سبيل ذلك لا بالوقت ، ولا بالحكمة ، ولا حتى بالمال ، ويتبنى كلّ قضية تصل بابه وكأنها قضيته .
وكان أبو خالد – كما يقول اللداوية - يأخذ كرة القدم على محمل الجدّ ، لأنّها مقدسة في وجدانه ، وتشعر وأنت بجانبه في الملعب وكأنك في بورصة المال ، ممنوع أن تغفل ثانية ، حتى لا تنهار الشركة ، وكانت جديته تصل إلى مراقبة كلّ تفاصيل المباراة ، فعيناه تراقب بكلّ الاتجاهات ، متوجهاً بالتعليمات لزملائه في الفريق ، راصداً لاعبي الفريق المنافس ، وحتى الجمهور .. ويضيف أبو خليل : بأنّ أجمل وأدق تمريرات استلمها في حياته الكروية كانت من صنع المرحوم ماجد ، الذي كان يفرض عليك أن تكمل التمريرة كما فكر فيها هو دون أن يخبر بذلك .
ورغم جديته وصلابته في الملعب كان أبو خالد وديعاً طيباً ، وحاضناً ، ومرحاً خارج الملعب ، وكأنه شخص آخر عندما يخرج من تقمص شخصيته كلاعب .
ولد المرحوم ماجد حامد أبو خالد في القدس يوم 28/12/1949 ، وهو سليل عائلة أبو رميلة التميمي المعروفة في خليل الرحمن ، وفي حارات وأزقة القدس الشريف لعب أبو خالد الكرة يانعاً ، وتفتحت مواهبه في مدارسها العتيقة ، قبل أن يلتحق بصفوف نادي سلوان المقدسي ، ويفرض نفسه إلى جانب نجوم سلوان المعروفين مصطفى القدسي ، واسماعيل المصري " أبو السباع " وأمين ياسين ، وابراهيم نجم ، ومحمد طالب ، وناجي عودة ، وعارف عوفي ، وناجي عجور ، وموسى العباسي ، وعز الهيموني ، والذين لعب معهم فترة من الزمن الخلايلة رجب شاهين ، وحاتم صلاح ، وماهر سلطان ، وغازي غيث ، وشفيق الناظر .
وكان المرحوم أبو خالد حاضراً مع فريق سلوان ، الذي دشن اللقاءات الحميمية مع فرق الوسط العربي في فلسطين التاريخية ، وذلك عندما فاز السلاونة يوم 21 كانون ثاني 1973 على نجوم يافا بنتيجة 5/3 ، وكان اتحاد يافا يومها يضم ثلة من النجوم ، من بينهم رفعت الترك ، وخليل الأسمر ، ومحمود الدسوقي .
وقبل ذلك شارك المرحوم ماجد أبو خالد يوم 11 نيسان سنة 1972 في كرنفال كرة القدم الغزّيّ ، بمناسبة عودة النشاط لملاعب القطاع ، حيث احتضن ملعب اليرموك مباراة حاشدة بين منتخب نجوم القدس ، وفريق شباب غزة ، وضمت تشكيلة نجوم العاصمة يومها الحارس الغزيّ ماهر حميدة ، ومن أمامه ماجد أبو خالد ، وزهير عبد المجيد ، وأمين ياسين ، وإبراهيم نجم ، ومجدي أبو ربيع ، وموسى الطوباسي ، وعدنان أبو سرية ، وعقيل النشاشيبي .
وبعد تألقه مع سلوان التحق أبو خالد بفريق شباب الخليل منتصف سنة 1974 ، ولعب مع الشباب كثيراً من المباريات الهامة ، التي ساهمت في فرض الفريق الخليلي نفسه واحداً من خيرة الفرق الفلسطينية ، وكان أبو خالد حاضراً يوم فاز الشباب على مركز طولكرم بالخمسة ، وكان توقيعه للهدف الخامس شرارة الأحداث ، التي وقعت في المباراة الثانية في طولكرم بعد أسبوعين ، كما ساهم أبو خالد في فوز الشباب على غزة الرياضي في أول لقاء بين الفريقين نهاية سنة 1974 ، وساهم في فوز الشباب بالخمسة على جمعية الشبان .
وتشرف أبو خالد باللعب مع طلائع نجوم شباب الخليل في العصر الذهبي ، ومنهم فيصل الجعبري ، ورجب شاهين ، ووليد كستيرو ، وعدنان الحداد ، وجويد الجعبري ، وماهر سلطان ، وغازي غيث ، وجبريل الدراويش ، وحاتم صلاح ، واسحق العيدة ، وعز الهيموني ، وبهجت الجعبري ، ومنذر الشريف ..وغيرهم .
بعد ذلك عاد أبو خالد إلى بيته الأول نادي سلوان ، لينتقل نهاية السبعينات إلى هلال القدس ، الذي كان متواجداً قبل ذلك ، ولكنّ ساحر الكرة ساهم في تأسيس الفريق الأول ، وجمع اللاعبين المقدسيين ، الذين كان من بينهم موسى الطوباسي ، وابراهيم نجم ، وكاظم لداوية .
وأصبح الهلال مع جيل الحاج ماجد علامة فارقة في الكرة المقدسية ، وظهر يومها إلى جانب المرحوم كلّ من موسى الطوباسي ، وابراهيم نجم ، ودرويش الوعري ، وكاظم لداوية ، وعماد الزعتري ، وجودي مسودي ، وموسى الدباغ ، وعايش الكركي ، و أبو علي الترياقي ...وغيرهم .
ولم يبرح المرحوم أبو خالد الملاعب بعد مسيرته الحافلة بالعطاء ، بل كانت له محطات جديدة في مجال التدريب ، فأشرف ردحاً من الزمن على تدريب هلال القدس ، وحقق معه نتائج ملموسة ، وأشرف على تدريب نادي الثوري المقدسي ، الذي صعد معه عدة درجات ، وجعله من الأندية المنافسة في الضفة الغربية .
كما كانت للنجم المقدسي مآثر لا تنسى في المجال الإداري لهلال القدس ، ومع منتخب نجوم القدس ، وكان في مقدمة الحريصين على تواصل نجوم الزمن الجميل في العاصمة القدس ، وفي جميع المدن الفلسطينية ، من جنين شمالاً حتى رفح جنوباً ، وكانت تربطه علاقات وطيدة مع جميع النجوم الذين لعب معهم ، أو في مواجهتهم ، وجميعهم بصموا له بالعشرة ، كنجم لا يجارى في الملاعب ، وكإسنان خلوق ترفع له القبعات في جميع المجالات ، لأنّه كان الأب الروحي لكل الرياضين .
وكان أبو خالد يرتبط بعلاقات خاصة مع رفيقي الملاعب ابراهيم نجم ، وموسى الطوباسي ، وكانت تربطه صداقة حميمية مع النجمين عز الهيموني ، وكاظم لداوية ، وصداقة أكثر حميمية مع الإعلامي الراحل محمد العباسي ، وكان دائم التواصل مع النجمين حاتم صلاح ، وجبريل الدراويش ، كما كان كثير الاعتداد بنجوم غزة ، الذين لعب معهم في سلون ابو السباع ، وناجي عجور ، وماهر حميدة ، ناهيك عن اهتمامه الخاص بالنجوم الأقرب إلى نفسه جودي مسودي ، ومحمود القواسمي ، وعماد الزعتري ، ومحمد الترياقي ، وهشام شحادة ، وغيرهم من نجوم الهلال .
وقبل وفاته تعرض الحاج ماجد أبو خالد يوم 14/4/2014 لجلطة ، أدت إلى أصابته بشلل نصفي ، فواجه المرض بكل رباطة جاش ، واعتكف لمدة أربعة اشهر في منزله بالعيزرية ، وربط حبالاً خاصة ، وعالج نفسه لمدة أربعة أشهر ، فشفي تماماً من آثار الجلطة ، ولكنّه بعد ذلك أصيب بمرض في الدم أدى إلى وفاته يوم 31/7/2016 .
وبعد وفاته أقيم للراحل الكبير حفل تأبين معتبر ، نظمته رابطة قدامى لاعبي القدس برعاية مؤسسة الرؤيا الفلسطينية ، وذلك وسط حضور رياضي كبير اكتظت به قاعة مسرح الحكواتي ، وتقدمه وزير القدس يومها عدنان الحسيني ، ووفد من محافظة الخليل بقيادة رجب شاهين ، إضافة إلى المدرب الكبير نادي خوري ، وإمام المسجد الشيخ يوسف ابو اسنينة ، الذي ذكّر الحاضرين بأنّ الراحل كان من رواد المسجد الحرم القدسي .
ويرى رفيق درب ابو خالد ابراهيم نجم أنه بدأ مع الفقيد قصة الملاعب في الزمن الجميل ، مستذكراً مشاركته مع المرحوم ضمن منتخب القدس ، الذي لعب مباراة كبرى مع منتخب غزة ، ومحطات العمل المشترك ، التي أثمرت عن تأسيس نادي الهلال ، ومشاركته في لقاء نعم للرياضة لا للسموم ، ولقاء لا للاقتتال الفلسطيني الفلسطيني في غزة ، وترؤسه رابطة قدامى اللاعبين ، ومشاركته في العديد من المناسبات الرياضية والاجتماعية .
ولا ينسى كابتن شباب الخليل في رجب شاهين مسيرة الراحل ابو خالد المؤثرة الملاعب ، وأعتبره من العظماء الذين تركوا الرياضة مترجلين عن صهوة جوادهم ، بعد أن قدموا الكثير للرياضة ، مثله مثل الكبار ماجد أسعد ، وأحمد عديلة ، وراسم يونس ، وخليل الحسيني .