"الفوكس" سامر بركات حكاية التألق بين ملاعب فلسطين والأردن
الخليل- كتب فايز نصّار/ رحم الله الشيخ مجير الدين الحنبلي ، صاحب كتاب الأنس الجليل ، بأخبار القدس والخليل ، الذي يروي القواسم التاريخية المشتركة بين المدينتين المقدستين ، وما بينهما من صلة رحم ، ووشائج قربى ، لدرجة أنّ كثيراً من العائلات الفلسطينية تتقاسم العيش بين المدينتين .
وكان القرن الماضي شهد نزوحاً خليلياً مكثفاً نحو العاصمة القدس ، فتشابكت أسماء العائلات هنا وهناك ، كما هو الحال مع عائلة بركات "أبو الفيلات " ، التي ينحدر منها النجم الفلسطيني الأشقر سامر بركات .
وكانت ملامح موهبة ابن بركات ظهرت مبكراً ، من خلال فريق شعبي شكله مع رفاقه الصبية في بيت حنينا ، ليدخل ملعب المطران من بابه الواسع ، عبر البيت الابداعي المقدسي الجمعية ، ويشق طريقه بين خيرة نجوم فلسطين ، الذين لعبوا يومها لفريق الملهم ريمون زبانة .
وفي طريه نحو بلاد الأمريكان ، والعاصمة الأردنية عمان ، نجح فوكس مع نادي سلوان ، وعزف مع رجال الزي المقدس أفضل الألحان ، ليكون الفصل الأردني الأهم ، من خلال اللعب للفريق البرتقالي .
ومنذ اعتزاله اللعب سنة 1986 ، وانخراطه في العمل التجاري ابتعد سمور عن الملاعب ، بما صعب علي الوصول إليه ، لولا مساعدة زميليه سيمون خير ، وعاطف عساف ، ونجم الأردن الأول إبراهيم سعدية ، وصحبه في مجموعة قدامى نادي عمان .
ورغم تحفظه عن الحديث في البداية ، إلا أنه سرعان ما دخل في الموضوع ، وروى لي قصته في الملاعب على حافتي النهر ، من بابها إلى محرابها .
- اسمي سامر بركات سليمان بركات "أبو بركات" من مواليد يوم 12/5/1955 بدمشق لأنّ أمي سورية ، وأصل عائلتنا من الخليل .
- لعبت الكرة في طفولتي في الحارة ، حيث أسسنا فريقاً شعبياً في منطقة بيت حنينا ، وكنا نلعب على ملاعب مدارس بيت حنينا ، وفي احدى المباريات شاهدني المدرب عبد الله الخطيب ، فضمني لفريق الأشبال في جمعية الشبان المسيحية ، ليتم ترفيعي بسرعة إلى الفريق الثاني مع المدرب عقيل النشاشيبي ، حيث لعبت مع كثير من اللاعبين ، الذين أذكر منهم منذر عايد ، وسمير المغربي ، ودرويش الوعري ، وهشام النتشة ، وزياد البنان ، ومحمد الخطيب .
- وبسرعة أيضا تم ضمي للفريق الأول مطلع السبعينات ، لأصبح أصغر لاعب في الفريق ، ولعبت في مركزي الوسط والهجوم ، كصانع ومسجل للأهداف ، وذلك مع نجوم الواي المعروفين موسى الطوباسي ، وإبراهيم نجم ، وحاتم صلاح ، والمرحوم جبريل الدراويش ، وعبد الله الكرنز ، ويوسف البجالي ، ويوسف الدلياني ، ورجائي قمصية ، وسمير المغربي ، ومحمد الخطيب ، وسليمان وسفيان جعفر ، ومنذر عايد ة ، وسامي قندح ، ، وعدنان أبو سرية ، وعوني الكالوتي .. وغيرهم .
- وأذكر أنّ أول مباراة لي كانت مع " الرهيب " رياضي غزة على ملعب المطران ، ويومها فزنا بثلاثية نظيفة ، حيث سجلت الهدف الأول ، ومررت كرتي الهدفين لحاتم صلاح ، وموسى الطوباسي ، وربما كانت تلك المباراة الوحيدة التي هزم فيها الرياضي بهذه النتيجة .
- بعد ذلك فكرت في الهجرة إلى أمريكا ، ولكن جاري الصراف غالب الشيخ أقنعني باللعب لسلوان ، فوافقت مقابل مبلغ مالي شهري ، وبصراحة لم يقصر نادي معي ، ولعبت إلى جانب كل من علي وموسى العباسي ، وعماد عكة ، وأحمد صيام ، وأمجد حامد ، وعرفات حميد ، ومحمد المالحي ، وجمال القاق ، وحسين جميل ، وهاني عبد السلام ، والمرحوم محسن أبو صوي ، ومحمود عطا ناصر ، ورفيق عبده ، وموسى فتيحه ، وموسى عاصي ، وعامر الغول ، وغيرهم ، ولعب معنا في لقاء الأهلي الأردني بعمان المهندس عارف عوفي ، ودربنا في سلوان يوسف الدلياني ، ونادي خوري .
- بعدها هاجرت فعلاً إلى الولايات المتحدة ، وأثناء وجودي هناك تعرفت على مضيف طيران أردني ، فعرض عليّ تجربة حظي باللعب مع نادي عمان ، وشجعني بالحصول على تذاكر سفر ، ومقابلة أهلي في الأردن قبل الحُكم ، وفعلاً كنت من أوائل اللاعبين المحترفين في الدوري الأردني ، حيث خصصت لي شقة وراتب شهري ، وتذاكر طيران إلى امريكا .
- وفي أول موسم كان نادي عمان مهدداً ، فنجحنا في احتلال المركز الرابع ، لنتوج بعد ذلك بلقب الدوري سنة 1984، ولقب درع الاتحاد مرتين عامي "1984" و"1985".
- وفي نادي عمان لعبت مع إبراهيم سعدية ، وعاطف عساف ، وخالد عبد الفتاح ، وهاني أبو الليل ، ونضال طلال ، وحسين طه ، ومنصور العبادي ، وماهر أبو حاكمة ، ومحمد الصباح ، وحسن جوهر ، وشوكت عقل ، والحارس تركي ، ولاعب مصري محترف ، وكان رئيس النادي هشام عصفور ، قبل قدوم الأستاذ محمد جميل عبد القادر ، ومعه في الادارة احمد كعوش ، وسفيان شاهين ، ومضر المجذوب ، وبقيت في نادي عمان حتى اعتزلت اللعب سنة1986 ، وفتحت محلاً تجارياً يحمل لقبي المعروف فوكس .
- قصة احترافي طويلة ، وكانت بدايتها مع هبوعيل القدس ، حيث زار وفد يمثله بيتي ، وأقنعي بإجراء تجارب معه ، وبعد مباراة تدريبية قال لي مدرب فريق : أنت بيليه الأبيض .. ولكن بعد مراجعة نفسي رميت كل إغراءات هبوعيل وراء ظهري ، ورفضت الفكرة ، وفي عمان طلب مني المرحوم سليم حمدان الانضمام للوحدات ، كما طلب مني وسيط من طرف الشيخ المرحوم سلطان العدوان اللعب للفيصلي ، ولكنّ رديّ على الناديين كان بأنني احترم توقيعي مع نادي عمان ، وكان مسؤولو الفيصلي والوحدات شاهدوني عندما لعبت 3 مباريات في الأردن مع نادي شباب كلاعب تعزيز ، وقد تألقت خاصة في لعبة الفيصلي ، وسجلت هدف الشباب ، في لقاء انتهى 2/1 للفيصلي ، وأذكر أنني عسكرت مع شباب الخليل لمدة أسبوع في منطقة الفوار قبل رحلة إلى الأردن
- وفي الولايات المتحدة حاول وسطاء الحاقي بنادي كوسموس الامريكي المعروف ، ولكن إدارة النادي – ومعظمها من اليهود – رفضت ضمي كوني فلسطينا ، فالعنصرية هناك مستشرية ، حتى أنّ نجم مان يونايتد المعروف جورج بيست ، الذي لعب لنادي سان هوزيه في كالفورنيا قال لي : إنهم وقعوا معي لأني جميل !
- من أبرز إنجازاتي كما قلت لك الفوز بالدوري الأردني مرة ، وبدرع الدوري مرتين أمام الفيصلي ، وأمام الرمثا ، وفزت مع الجمعية ببطولة السداسيات ، في بطولة عرفت اختياري أفضل لاعب ، ومع سلوان فزت ببطولة الدوري التصنيفي عام 1978 وكنت هدافا لسلوان في هذا الدوري ، وفي آخر مباراة أمام أهلي الخليل سجلت هاتريك ، كما أحرزت مع نادي سلوان بطولة سداسيات أريحا ، بعد منافسة مع الهلال بقيادة الطوباسي ، وشباب الخليل بقيادة حاتم صلاح ، وفي النهائي فزنا على الشباب بأربع نقاط ، وكنت مسجل هدف الثلاث نقاط .
- بصراحة لو كان عنا منتخب في السبعينات ربما لتأهلنا لكأس العالم ، لأن ملاعب الضفة وغزة كانت مليئة بالنجوم ، ولك أن تتصور منتخباّ يحرس مرماه ماهر حميدة ، ومصطفى العلمي ، ويلعب في دفاعه أبو السباع ، وزكريا مهدي ، وعلي العباسي ، ويوسف البجالي ، ويلعب في وسطه عارف عوفي ، وسامر بركات ، وعمر موسى ، ويلعب في هجومه موسى الطوباسي ، وحاتم صلاح ، وناجي عجور ، مع وجود بنك احتياط يضم سليمان أبو جزر ، وفارس ابو شاويش ، وإسماعيل مطر ، وجبريل الدراويش ، وعثمان البازيان ، ومطيع طوقان ، والسنو ، ومحمود عايش ، وحسن صلاح وخليل بطاح ، ومحمد حنو ، وإبراهيم نجم .
- أفضل لاعب فلسطيني بالنسبة لي موسى الطوباسي ، وأفضل لاعب عربي الكويتي فيصل الدخيل ، وأفضل لاعب في العالم بيليه ، الذي لن يتكرر .
- أفضل مدرب فلسطيني بالنسبة لي ريمون زبانة ، وأفضل مدرب عربي الجزائري جمال بلماضي ، وأفضل مدرب في العالم السير اريكسون .
- من أطرف ما حصل معي في الملاعب قبل المباراة التي جمعت بطل الدوري سلوان ، مع بطل الكأس شباب الخليل ، وتمثل مباراة سوبر على كأس لجنة الزكاة ، ومن سوء حظي كنت مصاباً بتمزق في فخذي ، ولم استطع المشاركة ، وشهدت المباراة سيطرة مطلقة لشباب الخليل ، من خلال قذائف لحاتم صلاح ، وكرات تصدها عارضة سلوان ، فقلت لمدربنا يوسف الدلياني : أريد النزول ، فرفض لأني مصاب ، فلما ألححت عليه انزلني آخر عشر دقائق ، فسجلت الهدف الأول ، وسجلت الهدف الثاني بكرة مقصية ، لنفوز بهدفين من تسجيلي ، وكان جمهور الخليل يقول لي : " انت خليلي ، ارميها برا " .
- ومن الطرائف أيضاً انني - على غير عادة اللاعبين - كنت اصطحب خطيبتي إلى المباريات ، وقد سجلت في مباراة مع طولكرم ثلاثة أهداف بحضورها ، وفي كل هدف كنت أذهب لتحية خطيبتي .. ولكن في مباراة أخرى في الخليل ، رفض المدرب ريمون أن تركب خطيبتي مع الفريق في الحافلة ، فذهبنا إلى الخليل في التاكسي ، وفي تلك المباراة أُغلق المرمى أمامي ، وأضعت اكثر من سبع فرص محققة أمام الحارس الراحل عبد العظيم أبو رجب ، وهات تعليقات من الجمهور ، لأنهم غير متعودين على حضور خطيبة احد اللاعبين للمباراة !
- في الختام أقول : صحيح أنني بعيد عن الملاعب ، ولكن كرة القدم ما زالت تسري في شراييني ، وما زلت أذكر كل دقيقة لعبتها – بحلوها ومرها – وأشكر الله الذي أنعم عليّ بموهبة ، حاولت أن استغلها في الملاعب ، وكلّ التحية لزملائي الذين لعبت معهم في الملاعب ، والتحية أيضاً لكل من كتب له مشاهدتي وأعجب بي ، متأسفاً على عدم وجود منتخب وطني في أيامنا ، ومتأسفاً أكثر لعدم وجود الكاميرات التي توثق إبداعات جيلي في الملاعب ، أملاً أن يوفق الله القائمين على الحركة الفلسطينية ، وان يواصل المنتخب الفدائي تطوره .