أرادوا إحراجه فكان الرد حاسماً
كتب محمود السقا- رام الله
اكثر ما يُعجبني في المرء عصاميته، وإصراره
بالاعتماد على نفسه، حتى في ظل أسوأ الظروف وأكثرها قتامة وسوداوية.
لغة التحدي هي التي تصنع شخصاً متكامل
الرجولة، بعكس منطق الاستسلام والارتماء الطوعي في أحضان الفشل، والارتهان له بحيث
لا يستطيع التخلص من تبعاته وتداعياته القاتلة.
هذه العبارات، بادرت إليها في أعقاب مشاهدة
مقتطفات سريعة من حوار أجراه الكاتب والناقد الصحافي اللامع والمخضرم، حسن
المستكاوي، مع اللاعب الدولي المصري السابق، محمد أبو تريكة، الملقب بـ"أمير
القلوب"، لأنه استحوذ على حب الناس بأدبه الجمّ وعفويته وتواضعه، وتداولته
مواقع التواصل الاجتماعي.
المستكاوي حاول إحراج أبو تريكة بسؤاله عن
مصانع الطوب وعلاقته بها، ففوجئ به يسترسل في هذه الجزئية، ويتحدث باستفاضة وكيف
انه، وهو ابن الـ13 ربيعاً، كان يعمل في احد مصانع الطوب، وانه تدرج في السلم
الوظيفي، حسب وصفه، فبدأ عاملاً يكنس الأرضية، ويتولى مهمة إزالة بقايا
"الزلط" او "الحصمة"، لأنها مستهلكة وعديمة الجدوى والفائدة،
الى ان اصبح يتولى تحضير الخلطة الخاصة بصناعة الطوب.
بداية مشوار محمد أبو تريكة الحافل بالصعوبة،
والعمل فيما يشبه الأشغال الشاقة، لم يبعده، أبداً، عن الكرة التي عشقها صغيراً،
وبرع فيها كبيراً، من خلال إصراره على التواصل معها حتى وهو ينغمس في صناعة الطوب.
يتذكر محمد أبو تريكة كيف انه أذهل احد مدربي
النادي الأهلي عندما طلب منه مداعبة الكرة، ففعل ذلك الى ان وصل للرقم 150 مرة دون
توقف، وهنا تم الطلب منه التوقف، في إشارة الى قبوله في "القلعة
الحمراء"، التي أحبها والده، وسائر افرد العائلة.
الماضي البائس لا يعني الاستسلام والارتهان له،
بل ينبغي ان يكون حافزاً للتخلص منه والانطلاق صوب فضاءات أرحب، وأكثر إشراقاً، وكل
ذلك لا يتأتى بدعاء الوالدين، على أهميته، بل بالعمل والجدّ والاجتهاد والمثابرة
والعزيمة، التي لا تلين او تستكين.