بين حجري الرحى
كتب احمد البخاري
مدير شبكة ووكالة بال سبورت
في الوقت الذي تشتد فيه هجمة القوى التطبيعية على الرياضة الفلسطينية ومؤسساتها وأنديتها واتحاداتها الرياضية خاصة في مدينة القدس التي تعاني الآمرين، مستخدمة كافة الوسائل والمغريات وأولها سيطرة المال والنفوذ، في هذا الوقت بالذات نرى التغاضي والسكوت على كافة المستويات وأولها المستوى الرسمي الفلسطيني، وفي هذا الوقت ايضا الذي تشتد الهجمة والأعتداءات على الأراضي الفلسطينية واللبنانية نرى هذه الجهات تعمل على الأرض وتستهدف الكثير من ابناؤنا واشبالنا وتغريهم في سفريات خارجية كثيرة، نرى العديد من المؤسسات والأندية تتجاوب وتتقاعل مع هذه القوى، ونرى الكثير من المؤسسات الوطنية الأخرى تهاجر المدينة وتتركها مكرهة لأغلاق ابوابها او مهددة بالأغلاق في القريب العاجل بعد ان تراكمت عليها الديون دون مجيب او منقذ لصمود هذه المؤسسات التي تعاني أداراتها من تراكم الديون وأجرة المقار والضرائب الأسرائيلية الباهظة وغير ذلك من العوائق والمعيقات التي يضعها الطرف الأخر امام السكوت والتغاضي الفلسطيني الرسمي، الذي وبعد رحيل الرئيس ياسر عرفات جعل اذنا من طين والأخرى من عجين، وترك المؤسسات الرياضية والثقافية والأعلامية الموجودة في المدينة منذ عشرات السنين بين حجري الرحى الأسرائيلي والصمت الفلسطيني الذي حدى بالعديد من تلك الأندية والمؤسسات الرياضية ترك المدينة واللجوء للضواحي أو اغلاق مقارها او التحضير لأغلاق تلك المقار مكرهين، فهل من مجيب؟
كيف نصنع بطلا
قادتني الصدفة قبل ايام للأجتماع بمدرب الملاكمة المقدسي خليل زاهدة، مدرب المنتخب الوطني للملاكمة والخبير والمتابع للرياضة الفلسطينية ، وبادرني بالسؤال عن مشاركتنا في دورة الالعاب الأسيوية المزمع عقدها في قطر نهاية العام الجاري، ماذا اعددنا للمشاركة في هذا المحفل الهام الذي يقام مرة كل اربعة اعوام، وتستضيف هذه الدورة العاصمة القطرية الدوحة وتشارك فلسطين في هذه الدورة بأثني عشرة رياضة جماعية وفردية، لعل من ابرزها العاب القدم والسلة والتايكواندو والكراتيه وغير ذلك.
وأذا عدنا للسؤال وهوعنوان الموضوع " كيف تصنع بطلا"، يرى زاهدة اننا في فلسطين بعيدون عن هذه الصناعة بعد السماء عن الأرض لعدة اسباب وعوامل غيبناها عن أعيننا كجهات رياضية مسؤولة ومنها:
· عدم التركيز على الرياضة المدرسية والتي تعتبر المصنع الاول لصناعة الأبطال، مع العلم ان الكثير من مدارسنا تعتبر حصة الرياضة حصة للتسلية وتضييع الوقت.
· غياب الكفاءات المهنية وأصحاب الشهادات الأكاديمية المتخصصة.
· المساهمة الفاعلة والكبيرة للكثير من الأندية والصالات الرياضية في وطننا في التوجه للربح المادي وتغليب الأتجاه التجاري على الصقل الرياضي.
· عدم وضع استراتيجية واضحة من قبل الجهات المسؤولة عن الرياضة الفلسطينية في تحديد المشاركات الخارجية وحصرها في جهات صاحبة قدرة على المشاركة والعطاء مما جعل الكثير من المشاركات الفلسطينية بقصد السياحة والسفر والدعوة ان المشاركات تأتي بحجة الأحتكاك وأكتساب الخبرات وما ألى ذلك من تسميات.
وهنا اذا نظرنا في هذه النقاط نرى اننا فعلا بعيدون عن صناعة البطل، لأننا لم نستفد من تجارب الغير بالرغم من وجود مؤسسات رسمية وأهلية من واجبها العمل على صقل وبناء جيل رياضي بطل يرفع علم فلسطين ويرفع رأسها ايضا في المشاركات الخارجية، لا ان نبقى نتذيل اسفل القوائم في تلك المشاركات.
وأذا ما أخذنا التجربة المصرية وهي الأبرز عربيا في صناعة الأبطال فاعتقد جازما اننا سننجح في صناعة الأبطال خلال خمس سنوات او ما يزيد بقليل، وأهم عناصر التجربة المصرية هي انشاء مدارس للموهوبين رياضيا من طلبة المدارس وأدخالهم معسكرات تدريبية تشرف عليها الدولة ويحاضر فيها محاضرين رياضيين حاصلين على شهادة الدكتوراة في احدى تخصصات الرياضة او على أقل تقدير ان يكون حاصلا على شهادة الماجستير، ويخضع المتدرب لنظام تدريبي يتماشى مع تحصيله العلمي لعدة سنوات.
فهل نحن معنيين بصناعة الأبطال والأستثمار في الجيل الرياضي الجديد والتوجه نحو التجربة المصرية او القطرية وهي غير بعيدة عنها وبدأت تؤتي آوكلها، ام سنستمر بسياسة السياحة والسفر والأحتكاك والضحك على الذقون.