"كذاب.. كذاب وقبيح"

محمود السقا- رام الله
الكاتب الموضوعي والصادق والأمين هو الذي يحظى بالاحترام والتقدير مثلما يحظى بالحفاوة والتفاعل مع كل حرف يخطه قلمه، فلا شيء أعظم من الانحياز إلى كل ما هو حق، وهذا ما مارسته، قولاً وفعلاً، صحيفة نيويورك بوست الأميركية، عندما كتبت على صدر صفحتها الأولى مع صورة بحجم الصفحة كلها للسباح «لوكتي»، كذاب.. كذاب، في إشارة إلى أن السباح، إلى جانب ثلاثة زملاء آخرين له ادعوا، كذباً، أنهم تعرضوا للسرقة في البرازيل، التي احتضنت دورة الألعاب الأولمبية الحادية والثلاثين، وقد أثبتت الشرطة أنهم كاذبون ومُدلسون، وفي مقدمتهم «لوكتي»، ولم تكتف الشرطة البرازيلية بالكشف عن ضلوعهم بالكذب البواح، بل إنها أوقعت غرامات مالية بحقهم.
الرياضة قبل أن تنهض على عنصر التنافس الشريف والروح الرياضية النقية، فإنها تستند إلى مجموعة من الأخلاق والقيم السامية والنبيلة، وأي اختلال في هذين العنصرين، معناه: أن تفقد الرياضة أهم بوصلة لها. ما رسخته صحيفة نيويورك بوست هو أسمى ألوان المهنية، التي تقوم على المصارحة والمكاشفة وقول كلمة الحق مهما كانت تداعياتها، وما قد يترتب عليها.
المهنية، وحدها، هي التي فرضت على القائمين على الصحيفة الأميركية كي يثوروا في وجه رياضييهم، لا سيما الذين حاولوا ممارسة الكذب.
صحافة، على هذا النحو، تستحق التقدير والتبجيل، مثلما تستحق الثقة المطلقة، فلم تتعاط مع السباحين باعتبارهم خطاً أحمر، وأن أي اقتراب منه سوف يؤثر على سمعة أميركا وهيبتها، بل تعاملوا مع الحالة باعتبارها تصرفاً مُشيناً وقبيحاً وأخرق، يستحق التأنيب والتقريع.
إن أحداً لم يسارع إلى شيطنة الصحيفة، وتهديدها بالويل والثبور وعظائم الأمور، بل تعاطوا مع الأمر بحسبانه سلوكاً صحيحاً، يدفع إلى الإبداع، ليس فقط في مجال مهنة القلم، بل في كافة مجالات الحياة.