شريط الأخبار

الملاكمة الفلسطينية على اعتاب فرصة تاريخية قد يهدرها التعنت والتناحرات

الملاكمة الفلسطينية على اعتاب فرصة تاريخية قد يهدرها التعنت والتناحرات
بال سبورت :  


كتب حسن طه/ القدس

تعتبر رياضة الملاكمة من اعرق الالعاب الرياضية تاريخيا ويعود ظهورها الى الالف الثالثة قبل الميلاد بحسب ما ظهر باحدى المنحوتات السومرية التي تصور رجلين بقبضات اليد العارية وهناك منحوتة مصرية اخرى تعود للاف الثانية قبل الميلاد تصور الملاكمين . غير ان اول واقدم دليل يظهر قفازات الملاكمة يعود الى فترة الحضارة المينونية في الالف الاولى قبل الميلاد . وفي التاريخ الحديث يعود تاسيس اول مدرسة للملاكمة الى القرن الثامن عشر على يد جيمس فيج وفي العام 1865 تم ارتداء القفازات وتحديد عدد الجولات ومدتها بحيث اعتمد النزال كثلاث جولات مدة كل جولة ثلاثة دقائق يتخللها دقيقة واحدة للراحة بين الجولات وفي العام 1880 تم تاسيس اول اتحاد للملاكمة في انجلترا وتم تنظيم اول بطولة رسمية في العام الذي يليه .

ولا تقل الملاكمة الفلسطينية في تاريخها الحديث عراقة عن الملاكمة العالمية فقد ظهرت الملاكمة في فلسطين في اعقاب الحرب العالمية الاولى أي في عشرينيات القرن الماضي حيث ادخلتها الادارة البريطانية الى فلسطين وشكلت هذه الرياضة نوعا من المبارزة والتحدي بين الاندية العربية واليهودية واقيمت اول بطولة رسمية للملاكمة في العام 1928 حيث تبارى الملاكم الفلسطيني اديب تركي مع الملاكم اليهودي فركسمان ونشطت الملاكمة في اعوام الثلاثينات فافتتحت العديد من اندية الملاكمة كان ابرزها نادي الملاكمة والرياضة في حيفا وتوالى ظهور العديد من الابطال على مدى الاعوام التالية والذي خلد اسمهم التاريخ في رياضة الملاكمة في فلسطين كالبطل اليافاوي اديب الدسوقي والارمني ماردوس بوكرشيان والسرياني سنحاريب صليبا . ونشطت نزالات الملاكمة في تلك الفترة تحت مظلة الاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي تفكك بعد ثورة عام 1936 بحيث ترك المجال للاتحاد اليهودي باستقطاب الفرق والملاكمين للعب تحت رايته واليسطرة على الحركة الرياضية . وهذا ما دعى الاندية لبذل جهودها من اجل تاسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني للملاكمين الهواة والذي تاسس في العام 1943 والذي قام بتنظيم بطولة فلسطين للملاكمة فور تأسيسه مباشرة . ثم نشطت الملاكمة وكثفت اللقاءات بين الملاكمين الفلسطينين واشقائهم المصريين في الاربعينيات والاعوام التي تلت تأسيس الاتحاد الفلسطيني للملاكمة الهواة والذي تاسس في العام 1946 . وتخطت الملاكمة الفلسطينية في تلك الفترة الحدود العربية لتصل الى المستويات العالمية .

وكما عانت الملاكمة الفلسطينية قبيل ثورة العام 1936 من التفكك عادت الملاكمة في الوقت الراهن الى التفكك والانسلاخ من جلدتها وهي فترة عاشتها الملاكمة الفلسطينية ما بين اعوام 1998 وحتى العام 2008 بحيث استقطبت الملاكمة في الكيان الصهيوني عددا من الملاكمين الذين يجدون في مسابقات الاندية والاتحاد الصهيوني ملاذا لهم للمشاركة بالنزلات في ظل عدم توافر الامكانات والتعنت والتناحرات وقلة الوعي الرياضي الوطني وساهمت الاولمبية في اتساع تلك الفجوة عقب القرار الذي اتخذته بتعيين اعضاء الاتحاد تعيينا بدلا من انتخابهم من قبل هيئتهم العامة الامر الذي يشكل خرقا لقوانين الاولمبية الدولية . وفي الوقت الذي تولي فيه الاولمبية الفلسطينية ممثلة برئيسها وامينها العام اهتماما خاصا برياضة الملاكمة الا ان الاولمبية وبشكل قد يكون غير مقصود قد تساهم في توجيه دفة الاتحاد الحالي نحو التجميد رغم النشاط المكثف الذي يقوم به الاتحاد وذلك بناء على وعود بصرف موازنات تشغلية للاتحاد " بشقيه في الضفة وغزة " وهو الامر الذي لم يتم حتى اللحظة وهو ما يجعل نشاط الاتحاد رهنا بقربة السقا . وحتى لانتجنى على احد فقد تكون قربة السقا فارغة من الماء . لكن كلا الامرين يدلل على ان الاتحاد الحالي لا يملك نهجا او مخططا واضحا للعمل ضمن استراتيجية من شأنها نشر وتطوير اللعبة والمحافظة على عراقتها التاريخية الوطنية . فمن ناحية استنكفت عدد من الاندية من المشاركة في نشاطات الاتحاد فكان عدد المشاركين في اخر مسابقة هو اربعة ملاكمين في اربعة اوزان مختلفة وهو ما دعا الى عدم اجراء أي نزالات . كما تم ابلاغ منسق الانشطة عن التوقف لتحضير مسابقة هي الاولى من نوعها في فلسطين لعدم توافر الامكانات المادية لاقامة النشاط . وذلك بعد سلسلة من النشاطات والانجازات التي قام بها الاتحاد الحالي منذ تعيينه .

الملاكمة في الوقت الراهن على اعتاب فرصة تاريخية وقد يتوافر لها ما لم يتوافر لها سابقا فمقومات العمل الرياضي خطت خطوة كبيرة بوجود اللجنة الاولمبية التي لم تكن موجودة سابقا . وفلسطين تحظى بوجود واحترام في مشاركاتها الدولية العديدة في الفترة الاخيرة وبناء ارضية الملاكمة كادت ان تكتمل والاعلام الذي تخلى في فترة من الفترات عن مسئولياته التاريخية بالنسبة لرياضة الملاكمة قد بدء بالعودة من خلال التاريخ وعدد لا يستهان به من الملاكمين وعشاق اللعبة قد تبلورت لديهم افكارا واضحة عن مسئولياتهم الرياضية الوطنية .

رئيس الاتحاد الحالي قد يكون احد رجالات الملاكمة التاريخيين الذين يحملون عشقا وحرصا لاستمرارية وبناء الملاكمة الحديثة في فلسطين لكن عشق اللعبة وحده لا يكفي والتغريد خارج السرب في خطوة استباقية قد تستعدي جميع الذين بامكانهم حمل الراية معا جنبا الى جنب بانكار الذات واستبعاد التناحر .

مواضيع قد تهمك