شريط الأخبار

الموت المفاجئ عند الرياضيين

الموت المفاجئ عند الرياضيين
بال سبورت :  

كتب جواد عوض الله

بالأمس القريب ،فجع الوسط الرياضي بما طالعتنا به الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية لخبر وفاة الرياضي الشاب هيثم مشاقي ،وهو من ابطال سباقات العاب القوى ،ومحبي هذه الرياضة ،ولم يترك هذا الراحل سباقا هنا او هناك إلا وحاول الاشتراك به ،وكان آخر هذه السباقات مشاركته في ماراثون القدس الدولي الرابع الذي عقد في 14-11-2013 ،وقد قلد ضمن الأوائل في هذا السباق ،؟!

هيثم مشاقي ،لم يكن الشاب والرياضي الأول الذي يغادرنا فجأة ،ودون انذار مبكر،ولن يكون كذلك مع الأسف الشديد الرياضي الأخير ،الذي يغادر ميادين الرياضة ،في رحلة الغياب الأخير ،نعم غاب هيثم ،وغاب غيره من الرياضيين ،وأرشيفي ان صح يشير الى غياب لاعب اسلامي جنين قبل سنوات "الشاب سامر فضل راجح،اثر نوبة قلبية حادة المت به على ارض الملعب وأثناء ممارسة التمرينات والنشاطات الرياضية ، وفي ظروف مشابهة توفي اللاعب محمد حجاوي وقتها، وكان مسجلا بصفوف نادي اسلامي قلقيلية ، كذلك ،ومن قبله سقط اللاعب "وهيب " احد لاعبي فريق الطيبة داخل فلسطين المحتلة ، وغيرهم من رياضيين اصيبوا بنوبات قلبية ،اسفرت عن رحيلهم مباشرة ،فيما اصبح يعرف رياضيا بظاهرة الموت المفاجئ عند الرياضيين .؟

لعل ظاهرة وقوع اللاعبين داخل الملاعب والصالات الرياضية وإصابتهم بالنوبات القلبية،اصبحت تطفو على السطح بين الفينة والأخرى ،ليس محليا فحسب ،بل عربيا ودوليا ايضا ، وما زال مشهد غياب احد طلبة الجامعة ماثلا أمامي عند وقع على ارض الملعب وهو يمارس رياضة كرة القدم ،!وقد فارق الحياة قبل وصوله للمستشفى الجامعي ؟كان ذلك عام 1996 اثناء التحاقي لدراسة الماجستير في الإدارة الرياضية بالجامعة الأردنية،نعم منذ ذلك الحين ، وما زال التساؤل يراودني؟!

ومن هنا ، من حق القارئ والمتابع ان يتوقف ويتساءل ايضا: هل الرياضة سلاح ضدنا ؟! ام سلاح لنا ولحمايتنا ؟!

ان الاطباء ينصحون بممارسة الرياضة والتمرينات البدنية بهدف تحسين الصحة العامة ،والوقاية من الأمراض ،وزيادة كفاءة القلب والرئتين، بالإضافة الى دور الرياضة في تحسين المظهر العام وحماية القوام ،وغيرها من فوائد ؟!، فكيف تصبح الرياضة مضرة بالفرد ،وبدلا من قطف ثمارها وجني الفوائد الإيجابية من ممارستها ،يمكن ان تسبب للفرد الضرر ،وتلحق به الأذى ،بل والموت المباشر والوفاة المفاجئة في بعض الأحيان ؟!، سواء بسبب النوبات القلبية ،او بسبب ما اصبح يعرف بظاهرة بلع اللسان ،وغيرها من اسباب ..؟

وانوه هنا ،ان هذه ليست دعوة للعزوف عن ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية والرياضية عامة ،بقدر ما هي اضواء ولفت الأنظار الى اهمية الممارسة الصحيحة للأنشطة البدنية والرياضية ،وفق اصولها وقواعدها ، مع مراعاة الظروف الصحية الخاصة بكل فرد وشاب ولاعب معرض للدخول في ظروف المباريات والمنافسات الرياضية ،وخاصة تلك الأنشطة صاحبة الأداء الكبير والجهد الشديد المصاحب للمنافسة ؟! وعدم اهمال ايا من اعتباراتها الأساسية عند الممارسة ومنها :

الفحص الطبي الشامل والدوري،للوقوف على الحالة الصحية لأجهزة الجسم "خاصة القلب والرئتين"قبل البدء بمزاولة النشاط البدني ،لمعرفة مدى كفاءتهما وتحملهما للعب والجهد البدني الواقع عليها تحت تأثير التدريب وفي ظروف المنافسة،حيث من اهم اسباب هذا الغياب او ما يسمى "بالموت المفاجئ عند الرياضيين "وتعد عوامل و(مسببات رئيسية )وجود عيوب وتشوهات خلقية بالأجهزة الحيوية الداخلية لجسم الإنسان عند الولادة "عيوب خلقية بالقلب " ومن هذه العيوب : ضيق الصمام الأورطي،ويؤدي ذلك مع الزمن الى سمك عضلة القلب للداخل ،وعلى حساب كمية الدم المحمولة ،بمعنى تقل كمية الدم المنقولة والتي يحملها القلب للجسم بسبب هذا التضخم ، وفي ظروف المنافسة وتحت ضغط التدريب والمجهود البدني العنيف ،يقع على قلب الرياضي عبء اكبر ويصبح مطالب بالمزيد من العمل لنقل كمية الدم المطلوبة للجسم وعليه يستمر اللاعب ببذل مجهود اكبر لكي يضخ كميات اكثر من الدم للجسم ،ونتيجة هذا التسارع والضغط المتواصل قد يجهد القلب ويصاب بالقصور والهبوط ،مما يسبب النوبة القلبية الحادة وبالتالي الوفاة المفاجئة ، او ما يسمى بالموت المفاجئ لهؤلاء الرياضيين ،ومن العيوب الأخرى ،احتمال وجود ثقب بين البطين الأيمن والبطين الأيسر ،وضيق الصمام التاجي.

وهنا يجب ان نفرق بين المجهود البدني خارج المنافسة او المباراة ،وبين المجهود البدني في ظل المباراة وتحت وطأة المنافسة ،ولا شك فالفارق كبير ؟!

فالفرد يمكن ان يتلقى الراحة في الوقت الذي يشعر فيه بالتعب اثناء عمله او تدريبه خارج اطار المنافسة او خارج (المباراة)،اما الرياضي داخل المنافسة ،فهو محكوم بظروف المنافسة المختلفة ،وعليه هو لا يقاوم التعب الناجم عن المجهود البدني فقط ،بل يقوم بذلك ويقاوم ويكابر على تعبه ،تحت تأثير الزمن ووقت المباراة ،وظروفها ،والعبء النفسي الناجم عنها والضغط والشد العصبي ،والظروف الجوية المحيطة ،من ارتفاع للحرارة وغيره ،وصورة اللاعب امام جمهور المشاهدين والمتابعين ،؟ مستمرا في بذل طاقته ومجهوده حتى نهاية المباراة ،وخاصة ان كانت نتيجة المباراة في غير صالح فريقه ؟!،ولعل الضغوطات العصبية والنفسية الناجمة عن مثل هذه العوامل والظروف المصاحبة للمنافسة ،وتزامنها مع وجود التشوهات والعيوب الخلقية المسببة لضعف الأجهزة الداخلية ،قد تشكل عوامل مساعدة وتسبب النوبات القلبية الحادة وبالتالي ،قصور القلب في اداء واجبه مما يسبب التوقف عن العمل والموت المفاجئ.

ونذكر ان التشوهات والعيوب الخلقية ،هي عيوب تصيب القلب والرئة ،يولد بها الطفل وتستمر معه اذا لم تعالج ،هذه العيوب جراحيا ،ولا ندري فمن المتوقع ان هؤلاء اللاعبين (رحمهم الله)وغيرهم من رياضيين سقطوا في الميادين ،كانوا يعانون من تشوهات خلقية قلبية مماثلة،ادت لموتهم المفاجئ عند تعرضهم للمجهود البدني العنيف والشديد في المنافسات الرياضية ،باعتبارها من المسببات ( العوامل الرئيسية ) وهناك اسباب ثانوية اخرى ،بالإضافة للعيوب والتشوهات الخلقية المسببة للموت المفاجئ عند الرياضيين مثل :الركود والخمول لفترة طويلة من الوقت ومن ثم التعرض المباشر للحمل البدني الزائد ،وظروف المباراة او المنافسة (الفوز والخسارة)،والاهتمام والمغالاة بالنتيجة ،وكذلك الظروف الجوية والبيئية المصاحبة ،و لا ننسى فالشد العصبي والضغط النفسي العام المصاحب للاعب اثناء المنافسة،عامل هام كذلك ،ولذلك دائما ما نقول ان الأعداد النفسي مهم كثيرا في المنافسات الرياضية ،قبل وأثناء وبعد المباريات وعليه فان غياب الأعداد النفسي)عامل مؤثر كذلك على المضاعفات الصحية ،كما ان نقص الأعداد البدني وضعف اللياقة البدنية وعدم الاهتمام بالإحماء العام والخاص ،يعرض الجسم للإصابات كذلك بنسب متفاوتة ،وأيضا نذكر ان الإجهاد البدني والتعب والحمل الزائد يعد خطرا ايضا على صحة اللاعب في الملاعب ،ومن هنا نلحظ كيف بعض المدربين يلجا الى اراحة بعض اللاعبين خوفا من اجهادهم وتعرضهم للإصابة ،خاصة في عالم الاحتراف ،الذي جعل من اللاعب الرياضي الآدمي مكينة بشرية ،يكاد لا يتلقى الراحة الكافية ،وهو ينتقل فيها بين كافة الدوريات والقارات ،ومطالب بالعطاء وحصد البطولات ، ووقته موزع بين سفر وجهد وإعلام وغيره من مؤثرات ومتابعات ، ولا ننسى فهناك حالات وفاة حدثت لرياضيين محترفين على الصعيد العالمي تبين ايضا ان من اسباب الوفاة كان تعاطي المخدرات او المنشطات .... تحت ضغط تقديم المستوى والأداء الفني العالي .......للبقاء في الأضواء ؟

ان هذا الموضوع (الموت المفاجئ عند الرياضيين )،وان لم يرق لمستوى الظاهرة المخيفة في الميادين ، الا انه من المواضيع التي اصبحت تدق جرس الإنذار وتشكل خطرا للإصابة والتعرض لها ،وان لم يكن سوى حالة واحدة حدثت بالميادين ،فهي كفيلة ان تجعلنا نتخذ التدابير ونحاول البحث لها عن حلول ،للمساعدة والوقاية منها ؟؟

من هنا ارى ان نلجأ للفحص الطبي المبكر وخاصةللأجهزة الحيوية ( للقلب والرئتين)، للأطفال في المدارس، وربما من الأفضل ان تلجا ايضا المدارس الحكومية والخاصة والوزارات ذات الاهتمام بالصحة والرعاية بعمل الفحوصات الطبية الشاملة للطلبة في مدارسها ،بحيث يتم اكتشاف هذه العيوب الخلقية مبكرا على طريق معالجتها جراحيا ان امكن وقبل فوات الأوان،

وكذلك الحال ،من يتابع موضوع انتقالات اللاعبين المحترفين عالميا ،وقبل توقيع العقود النهائية الخاصة بانتقالهم ،يطالب اللاعب المحترف بالنجاح في الاختبارات الطبية ،سواء اختبارات للياقة البدنية ام الفحوصات الطبية ،بل ان ابرام العقد النهائي مرتبط بهذه الاختبارات ،

من هنا ارى ان الأيمان بالقدر، لا يعفينا من العمل لما فيه صالح البشر ،وعليه، هذه دعوة موجهة الى كافة المؤسسات الرياضية ،الإدارية منها والأكاديمية ،والمؤسسات الطبية والإعلامية بضرورة تسليط الضوء اكثر على هذه الظاهرة ،(ظاهرة الموت المفاجئ عند الرياضيين )،وتغطيتها وتناولها اكثر بالبحث العلمي ،لما فيه فائدة ووقاية للشباب عامة وللرياضيين خاصة ، وكذلك فليكن هناك اجراءات ادارية متبعة وملاحقه قانونية لمروجي المنشطات الرياضية ،بعد شيوع تعاطي بعض الرياضيين لها تحت مبررات كثيرة ،وأيضا هذه دعوة اخرى موجه الى كافة المراكز وخاصة الأندية الرياضية ،الى ضرورة الاهتمام بالفحص الطبي الشامل والدوري لكافة اللاعبين ،ولكافة الفئات العمرية المنتسبة لها ،وفي مختلف الألعاب الرياضية ،وليس فقط في كرة القدم ،انطلاقا من حرصنا اولا على سلامتهم الصحية ولوقايتهم من التعرض للإصابات ،او النوبات القلبية ،لا قدر الله ،قبل البدء بمزاولة اي نشاط بدني او رياضي في النادي.

مواضيع قد تهمك