شريط الأخبار

صائب جندية: ربع قرن من العطاء في المستطيلات الخضراء

صائب جندية: ربع قرن من العطاء في المستطيلات الخضراء
بال سبورت :  


غزة- كتب أحمد سلامة/ لاعب من زمن العمالقة وأحد الأسماء الكروية التي يشار إليها بالبنان، اسمٌ تعدى مرحلة النجومية بملايين السنين الضوئية، ووصل لمرحلة الأسطورة مع كبار نجوم اللعبة، أصبح علامة فارقة في التاريخ الرياضي الفلسطيني.. فهو من نوعية اللاعبين الذين تجد صعوبة في التحدث عنهم والتعبير عن قدراتهم، وتخونك كل أصول وفروع النحو من حروف وكلمات وجمل وأسطر ومحسنات بديعية لمحاولة إحصاء قدراته وإمكاناته..
يعرفه الجميع في ربوع فلسطين الحبيبة، شرقاً وشمالاً، غرباً وجنوباً.. أخلاقه فلسطينية متأصلة، مشواره مُكلل بالنجاح مُذ كان طفلاً، وحتى جاءت اللحظة القسرية لمفارقة الكرة كلاعب.. الحديث عنه يكاد لا ينتهي.. والحروف لن تمنحه حقه.. ابتسمت له الملاعب فأعطته بمقدار ما أعطاها من حب وعشق وحنين.. عشقته الجماهير لحسن قيادته وفدائيته.. له من الإنجازات ما لم يحققه لاعب في فلسطين.. وله من الأهداف ما قد يميزه في التأثير.. ولعل هدفه العالمي الذي سجله في مرمى المنتخب الليبي في الدورة العربية 1999 في الأردن يُعيد للأذهان هذا الحضور المميز الذي كان يقدمه اللاعب للجماهير العطشى سواء مع فريقه الشجاعية أو المنتخب الوطني الفلسطيني على مدار ربع قرن من العطاء والوفاء للساحرة المستديرة..
حوارٌ يُنهي مسيرة طويلة من البذل.. ويبدأ بمسيرة أخرى في مجالات شتى جرى مع كابتن فريق الشجاعية والمنتخب الوطني السابق "صائب جندية" الذي وضع حداً نهائياً لمسيرته الرياضية كلاعب قد لا يتكرر.

قرار صعب
يقول جندية عميد لاعبي فلسطين أن قراره النهائي باعتزال كرة القدم كلاعب يعتبر الأصعب له في حياته، مشيراً إلى أن ما يشفع له بترك الساحرة المستديرة هو المسيرة الطويلة التي قدمها كلاعب لفريق الشجاعية والمنتخب الوطني التي استمرت قرابة ربع قرن من الزمان كان فيها جندياً مخلصاً لفريقه والمنتخب، لم يبخل خلالها في تقديم كل ما يملك مؤكداً أن قراره بالاعتزال جاء بعد تفكير عميق ومشوار طويل كان يجب أن ينتهي، وقد حانت اللحظة المناسبة التي تعتبر في الوقت المثالي، بعد ما يقارب من ربع قرن في ملاعب كرة القدم.

الشجاعية بدء الحكاية
لم يكن يتصور العميد جندية نفسه أن يلبس قميصاً في فلسطين غير قميص الشجاعية كونه الفريق الذي صنع نجوميته بمدربيه وإداراته وجماهيره ومحبيه، مشيراً إلى أن العام 1999 يعتبر وجه السعد عليه، بعد أن حقق فيه إنجازات ستبقى عالقة في الأذهان، حيث بدأها مع الشجاعية بالحصول على لقب كأس فلسطين، ثم الحصول على برونزية الدورة العربية الشهيرة في العام ذاته، وبعد عودته من الدورة العربية فاز مع الفريق ببطولة كأس السوبر الفلسطيني بالفوز على خدمات رفح بهدفين لهدف، ليبدأ العزف على وتر الإنجازات تباعاً.

هؤلاء تركوا بصمة
ربما يستغرب البعض أن بداية جندية مع كرة القدم كانت في مركز لاعب وسط على حد قوله، حيث لعب للفريق الأول 1992م، إلا أن قناعة المدير الفني للشجاعية "إسماعيل المصري" آنذاك بأن مركز الليبرو هو الأفضل لجندية كان نقطة تحول حقيقية، ونصحه باللعب في هذا المكان وأنه سيبدع وسيحجز لنفسه مكاناً مع المنتخبات الوطنية، وهو ما تحقق واقعاً، فأبدع جندية في مركز الليبرو وكان صمام أمام الفريق والمنتخب بعد انضمامه، ويضيف جندية، أن المدير الفني نعيم السويركي أيضاً ترك بصمة واضحة على المستوى الفني والبدني لجندية خلال الفترة الطويلة التي تولى خلالها قيادة الفريق، إضافة للمدير الفني للمنتخب الراحل "عزمي نصار" الذي ترك إرثاً رياضياً فلسطينياً لن ينساه التاريخ، وجعل للاعب الفلسطيني قيمة ومكانة كبيرة بين المنتخبات الأخرى في فترة قصيرة جداً.

قيادة بالتخصص
يؤكد العميد أن شمسه لم تغب عن مشاركات المنتخب الرسمية منذ انضمامه لأول مرة، حيث شارك في كافة الاستحقاقات التي كان المنتخب الوطني طرفاً فيها والتي تعد أكثر من عشر مشاركات رسمية، حقق خلالها الإنجاز الأبرز على مستوى فلسطين وهو برونزية الدورة العربية 1999، بالإضافة لمشاركته مع منتخب الكرة الشاطئية في أكثر من بطولة رسمية وتحقيقه أيضاً لبرونزية دورة الألعاب الآسيوية العام الماضي، مؤكداً أنه عاصر العديد من أجيال كرة القدم خلال مسيرته في المنتخب الذين كانوا عصب الكرة الفلسطينية وسطروا اسم فلسطين بأحرف من نور..
ولم يكتف جندية بقيادة المنتخب الوطني لكرة القدم، بل قاد منتخب الكرة الخماسية في مشاركتين متتاليتين الأولى في الدورة العربية للكرة الخماسية في جمهورية مصر العربية 1998م ووصل المنتخب إلى المربع الذهبي، والثانية في بطولة آسيا للكرة الخماسية في إيران 2001م، ووصل المنتخب لدور الـ8.

الاحتراف خطوة في الاتجاه الصحيح
وأكد جندية أن تطبيق نظام الاحتراف من قبل رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب ساهم بشكل كبير في تطوير الرياضة الفلسطينية ووضعها على الخارطة الرياضية القارية، ما ساهم في تطوير اللاعبين والمنشآت أيضاً، فأصبح لدى فلسطين عدد لا بأس به من المحترفين في البلدان العربية، لافتاً إلى أن استمرار الثورة الرياضية سيضاعف عدد المحترفين في الفترة المقبلة، مؤكداً أن الفترة الحالية هي الأزهى للاعبي كرة القدم في فلسطين مقارنة بالفترة والظروف التي عاشها المنتخب الوطني التي كانت تفتقر للإمكانات، وقال: "خاض العديد من اللاعبين السابقين في فلسطين تجربة لا بأس بها من الاحتراف الخارجي، ولكنها لم تكن بقيمة الاحتراف اليوم لأن فارق الإمكانات تغير بالكامل، ولو توفرت ظروف اليوم لجيل الأمس لأصبح عدد المحترفين الفلسطينيين أكبر بكثير من عدد اليوم".
وأكد العميد رضاه عن تجربة الاحتراف القصيرة التي خاضها مع فريق الحسين اربد أردني 2002-2003 والتي حقق فيها مع الفريق المركز الثالث في الدوري، ووصيف بطل الكأس آنذاك، آملاً أن تكون الفرصة أكثر إيجابية أمام جيل اليوم لتحقيق ما لم يحققه السابقون.
وعن تطبيق الاحتراف في المحافظات الجنوبية أسوة بالشمالية قال جندية أن تطبيقه يحتاج إلى شروط أهمها تحسين المنشآت الرياضية، وخاصة الملاعب المعشبة، إضافة لانتظام البطولات بشكل دوري ورسمي، ناهيك عن اهتمام الشركات الفلسطينية المحلية برعاية أكبر عدد من الأندية.

الاتحاد قاهر المستحيل
يقول جندية: "يُحسب لجميع إدارات الاتحادات أنها كانت تحفر في الصخر في سبيل النهوض بالكرة الفلسطينية ووصولها لمنصات التتويج، والتي بدأها اللواء أبو نضال العفيفي الذي حقق المنتخب في عصره برونزية الدورة العربية، مشيراً إلى أن اللواء الرجوب الذي ترأس الاتحاد قبل خمسة أعوام تمكن من عمل ثورة رياضية واضعا فلسطين على الخارطة الرياضية القارية من خلال المنشآت الضخمة التي تم تدشينها، إضافة لاعتماد الملعب البيتي في فلسطين والذي كان محروماً على لاعبينا على مدار سنوات طويلة، ناهيك عن تطبيق الاحتراف بمعناه الحقيقي، في وقت لم تستطع دول عربية كبرى تطبيق نظام الاحتراف عندها مؤكداً أن المرحلة المقبلة سيكون للرياضة الفلسطينية شأن آخر في ظل الإدارة الحكيمة في اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية الذين يقهرون المستحيل لإبقاء اسم فلسطين خفاقاً.

هؤلاء يستحقون الاحتراف
وشدد العميد جندية أن فلسطين ولاّدة للمواهب وزاخرة بالنجوم وهناك الكثير منهم يستحقون الاحتراف أمثال علاء عطية وأنس الحلو ومحمود النيرب وعبد الحميد أبو حبيب ومحمد وادي، وجميعهم من جيل الشباب الذي لو أُتيحت له الفرصة سيبدع ويشق طريقه للنجومية، لافتاً إلى أن فلسطين تعاني من مشكلة نوعية في عدم وجود وكيل لاعبين يحمل الرخصة الدولية التي تخوله لتسويق هؤلاء اللاعبين في البلدان المجاورة، مؤكداً أن تجربة زياد الكرد ورمزي صالح وعبد اللطيف البهداري في الاحتراف الخارجي كونهم الأكثر نجاحاً واستمراراً تعتبر مؤشراً إيجابياً بأن اللاعب الفلسطيني لا يقل عن الآخرين لو توفرت له الظروف والمناخات المناسبة.

طريقٌ واحد
وأعرب جندية عن أمله بأن تكون طريق أبنائه الأربعة الذين يلعبون ضمن صفوف فريق الشجاعية في الفئات العمرية المختلفة مفروشة بالورود، وأن يكون مستقبلهم مع المستطيل الأخضر أفضل بكثير، خاصة وأن الظروف الحالية والمستقبلية التي تنتظر الرياضة الفلسطينية تدعو للتفاؤل، وستكون الفرصة مواتية لأجيال متعاقبة من اللاعبين لاستغلالها الاستغلال الأمثل والمضي قدماً نحو النجومية والاحتراف، مشيراً إلى أنه لا يُقحم رأيه في وجهة اختيار أبنائه فيما لو قرر أحدهم اللعب لنادٍ آخر، مؤكداً أنه سيترك القرار لهم وحدهم، وهم من يتحملون نتيجة اختيارهم.
وأضاف: "رغم أنني لا أميز بين أبنائي الأربعة طلال، محمد، عبد الله، حمزة إلا أنني أرى في نجلي "محمد" مشروع لاعب سينتظره مستقبل مشرق في حال استمرت الرياضة الفلسطينية على هذا النحو من التطور".

ما بعد الاعتزال
أكد جندية أنه بعد قرار الاعتزال رسمياً، وحصوله على شهادة التدريب الآسيوية المستوى B فإنه من الطبيعي أن يتوجه إلى عالم التدريب لاسيما أنه يعمل مدرباً في الفئات العمرية لنادي الشجاعية، وسبق أن خاض فترة قصيرة العام الماضي في تدريب فريق الشجاعية برفقة زميله الكابتن هيثم حجاج، لافتاً إلى أنه يرنو إلى إكمال مسيرته في هذه الطريق بغض النظر عن الفريق الذي سيقوده، وإن كانت الأولوية لفريق الشجاعية الذي ترعرع بين جنباته وصنع نجوميته، مشيراً إلى أنه يمني النفس بصنع اسم كبير في عالم التدريب وأن يقود احد المنتخبات العمرية في المرحلة المقبلة ليضع كل خبراته الطويلة في أيدي الأجيال القادمة، بالإضافة لعمله كمساعد مدرب مع منتخب الكرة الشاطئية التي يسعى إلى مراكمة الإنجازات من خلالها أيضاً.

إنجازات حقيقية
* الحصول مع المنتخب الوطني الفلسطيني على الميدالية البرونزية في الدورة العربية بالأردن 1999م.
* الفوز مع فريق الشجاعية بكأس فلسطين 1999.
* الحصول على كأس السوبر الفلسطيني بعد الفوز على خدمات رفح بهدفين لهدف 1999-2000م.
* الحصول على وصيف الكأس مع الحسين اربد الأردني 2002-2003م.
* الحصول على ثالث ترتيب الدوري الأردني مع الحسين اربد 2002-2003م.
* وصيف الدوري الفلسطيني 2006م، بعد الخسارة في المباراة النهائية أمام خدمات رفح بهدفين نظيفين.
* الفوز بالميدالية البرونزية في بطولة الألعاب الآسيوية للكرة الشاطئية 2012م.
* الحصول على أفضل لاعب فلسطيني في أكثر من مناسبة طبقاً لاستفتاءات الكثير من الصحف والمؤسسات الفلسطينية.

قالوا عن جندية:
-- عبد السلام هنية" عضو اللجنة الأولمبية: "صائب جندية قائد لن يتكرر في التاريخ الرياضي الفلسطيني لما يتمتع به من مواصفات قيادية وكاريزما خاصة، وباعتزاله سنفتقد اسماً كبيراً كلاعب حقق ما لم يحققه أي لاعب آخر".
-- جمال الحولي" لاعب المنتخب الوطني السابق: "لاعب مميز.. من طراز فريد استطاع طوال تواجده وبمجهوده داخل الملعب أن يصنع اسما وتاريخا لنفسه، فكان دائماً نجما مع كل المدربين الذين تتابعوا على تدريب المنتخب".
-- حمادة شبير" كابتن فريق خدمات الشاطئ: "مهما تحدثت عن الكابتن صائب جندية فلن أوفيه حقه بالمطلق، فما قدمه للكرة الفلسطينية على مدار ربع قرن يجعله رمزاً وطنياً يُشار له بالبنان".
-- محمد الشيخ خليل" حكم دولي: "حين يكون الحديث عن النموذج المثالي لأي لاعب كرة قدم بصفات متكاملة فأول ما يتبادر إلى الذهن الكابتن "صائب جندية" المثال الحقيقي للاعب الذي كافح كثيراً ليسطر قصة نجاحه".
-- أسامة أبو عيطة" صحافي بجريدة فلسطين: "سيظل الكابتن صائب جندية علامة فارقة في تاريخ الكرة الفلسطينية، فهو ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل قائد حقيقي ربما صعب تكراره".

بطاقة شخصية:
الاسم: صائب جندية.
تاريخ الميلاد: 13/5/1975م.
الحالة الاجتماعية: متزوج وأب لخمسة أبناء (طلال، محمد، عبد الله، حمزة، وهديل).
المهنة: موظف حكومي.
المباريات الدولية: 78 مباراة.

مواضيع قد تهمك