شريط الأخبار

التطبيع في ميزان الربح والخسارة

التطبيع في ميزان الربح والخسارة
بال سبورت :  

كتب نبهان خريشة / رام الله

عادت مجموعه من الصحفيين والمثقفين الفلسطينين الخميس 28/6/2012 من ايطاليا بعد ان التقت مع مجموعة اسرائيلية مشابهه على مدى 3 ايام حيث جرى التداول في كيفية تغطية القدس في وسائل اعلام الجانبين .. ورغم شح المعلومات التي رشحت من هذا اللقاء، الا انه ما من جديد في اللقاءات الفلسطيينة – الاسرائيلية ، فهي قديمة متجددة ومرتبطة بمسار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ..

وجديد قديم اللقاءات التطبيعية هو ما يدور من نقاش ، بل جدل في الشارع الفلسطيني بين مدرستين الاولى ترى في اللقاءات مع الاسرائيليين إذعانا لإرادة العدو وقبولا باحتلاله، بل ويذهب البعض من اصحاب هذه المدرسة الى تخوين من يشتركون بمثل هذه اللقاءات، أما المدرسة الاخرى فترى في اللقاءات مع الآخر مسارا مكملا لمسار المفاوضات السياسية أو ما يطلقون عليه "الدبلوماسية الشعبية" بهدف التأثير على الرأي العام الاسرائيلي للقبول بالفلسطيني وبدولة له ، ويرى البعض من أنصار مدرسة التفكير هذه أن معارضيهم ما هم الا "قطيع" يساق من قبل فوضوين متطرفين لا يرون ابعد من انوفهم .

واذا تمكن التوجه المعارض للتطبيع مع الاسرائيليين من "قمع" التوجه الآخر المؤيد والممارس له ، مع فشله في نفس الوقت في وضع حد للقاءات مع "الآخر" التي جرت وتجري بـ "التقية" كغطاء كما جرى في لقاء ايطاليا نهاية حزيران 2012، الا انه رغم ذلك هنالك العديد من الاسئلة التي تبحث عن اجابات مثل : من المستفيد ومن الخاسر من هذه اللقاءات؟ ولماذا الكيل بمعايير مختلفة تجاه المشاركين في لقاءات مع اسرائيليين حيث تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يشارك أشخاص ممن ليسوا لهم "ظهر" في لقاء مع اسرائيليين ويسود صمت كصمت المقابر عندما يشارك أشخاص مدعومين من "الملأ" السياسي في هذه اللقاءات؟ وهل صحيح ان المشاركة في اللقاءات مع الآخر أيا كانت مسمياتها إذعانا لإرادة هذا الآخر والقبول باحتلاله ام انها تكمل المسار التفاوضي للتأثير على الاسرائيلي في قبول الفلسطيني وتطلعاته بالتخلص من الاحتلال؟

وإذا اجرينا جردا لحسابات الربح والخسارة من اللقاءات الفلسطينية الاسرائيلية منذ اوسلو 1993 وربما قبل ذلك، لسنا بحاجة لأن نكون أذكياء لنكتشف أنها لم تحقق هدف التأثير على الرأي العام الاسرائيلي او على حكوماته لإنهاء الاحتلال ، بل على العكس فخلال الـ 19 عاما الماضية ازداد الفلسطينيون ابتعادا عن هذا الهدف، وكما لم يحقق أصحاب مدرسة التطبيع من الفلسطينيين هدفهم فإن الاسرائيليين كذلك لم ينجحوا كذلك في تحقيق هدف أن يقبل الفلسطيني بالتعايش مع احتلالهم ..

وفي ميزان الارباح والخسائرأيضا فقد خسر الفلسطينيون كثيرا بازدياد عدد المستوطنات والمستوطنين بين مدنهم وقراهم وعلى اراضيهم التي ازدادات وتائر نهبها ونهب ثرواتها وأقامة الجدار في عالم انتهت فيه الجدران، مما انعم الله على الاسرائيليين بعدم رؤية الفلسطينيين يتجولون في شوارعهم، بل واكثر من ذلك فبدلا أن يصبح الاسرائيلي اكثر تفهما بات اكثر تطرفا، وكراهية للفلسطيني .

ورغم وجاهة رأي المعتقدين بميل الميزان التجاري للخسارة من اللقاءات مع الاسرائيليين، الا ان هذا لا يبرر الحدة في موقف بعضهم من الذين يعتقدون بجدوى اللقاءات مع الاسرائيليين إستراتيجيا على المدى البعيد، ولا يبرر وصفهم لمن يخالفهم الرأي بـ "العمالة" وغيرها من الاوصاف التي لن تغير في الامر شيئا سوى زيادة التوتر ، كما لا يبرر كيلهم بمكيالين في التعامل مع المشاركين في لقاء "الآخر" ...

إن الساحة السياسية الفلسطينية تشهد حاليا تجاذبات بين قوى وحركات سياسية مختلفة ، بل وتجاذبات لأجنحة داخل الحركة الواحدة التي تحاول توظيف اية قضية في خدمة اجنداتها، وتجنيد مؤسسات ومنظمات العمل الاهلي في هذا السبيل.

وإذا اردنا وقف التطبيع او الحد منه إن لم نستطع وقفه والاخذ برأي الفيلسوف الصيني (صن تزو) في كتابه (فن الحرب) الذي الفه قبل نحو 2500 عام والذي قال فيه ان اقامة علاقات مع العدو قبل حسم المعركة هو مقدمة للهزيمة، علينا اجراء حوار وطني شامل وهادئ حول مسألة التطبيع بمشاركة من يريد ومن لا يريد .

* نبهان خريشة / عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

مواضيع قد تهمك