شريط الأخبار

"البراشوت"

البراشوت
بال سبورت :  

كتب احمد ابو حسام

كنا ونحن صغار تستهوينا افلام الصور المتحركة "وبصراحة ما زالت"، حين كنا نتابعها عبر التلفزيون الاردني وهي القناة الوحيدة آنذاك قبل دخول "الدوش" علينا وأصبحت القنوات مثل "زخ المطر".

كان يستهويني من هذه الصور المتحركة على وجه الخصوص أفلام الطائرات والصواريخ والهبوط بالبراشوط والصعود بالمنطاد ورجال الفضاء الصاعدين الهابطين والحوت الابيض وو، طبعا نحن حبانا الله أن نولد ونعيش بالبلدة القديمة من القدس وهي المتراصة المترابطة والمتلاصقة البيوت، فبعد ان نشاهد الافلام المتحركة نصعد للسطح لنرى ان كان هناك من يحاول الصعود من رجال الفضاء أو أن كان هناك من يهبط علينا بالبراشوت، ولمن لا يعرف معنى البراشوت: هي كلمة عامية تعني (المظلة)، وهو ما يستخدمه من يقفز من طائرة أو من مكان مرتفع ليهبط بسلاسة إلى سطح الأرض فيعتمد على زيادة مقاومة الجسم للسقوط الحر عن طريق زيادة قوة رفع الهواء له، والبرشوت ذو مساحة سطح كبيرة ووزن خفيف يحدث مقاومة بينه وبين الهواء في حوله فيقلل سرعة سقوطه هذه المقاومة أشبه بالمقاومة الحادثة بين السفينة وسطح الماء.

وبعد أن نضجنا وبلغ الشيب منا عتيا، وتعلمنا وتثقفنا وأصبحنا نعي ان جميع ما شاهدناه عبر التلفزيون الاردني ونحن صغار ما هو الا آلاعيب وحيل وخدع تلفزيونية من صناعة "الآمريكان" المخادعين.

الان وقد ولجنا عصر الثورات الالكترونية "الفيس بوك والتويتر وبقية العائلة الالكترونية" التي اسقطت عروش وملوك ورؤساء، ونحن نعيش نشوة الربيع العربي، هل يعقل مع تلك الثورات ان نعيش عصر البرشوت ونجد من يهبط علينا بقدرة قادر بالبرشوت، آلم تصبح موضة البراشوت قديمة وبالية ومستهلكة وولى زمانها.

آذن اين التخصصية والمؤسساتية ودولة المؤسسات والقانون، هل يعقل ان يتحدث رجل الدين بالسياسة، وأن يفتي رجل السياسة بالدين، وأن يهندس الطبيب العمارة، وأن يعالج المهندس المرضى وأن يعمل الطباخ دكتور جامعة ، وأن يعمل استاذ المدرسة بالبناء وأن يصرف الكاتب والصحفي "روشتة الدواء".

التونسي أحمد الحفناوي الفرشيشي صاحب العبارة الشهيرة على القنوات الفضائية " لقد هرمنا"، وهو يضع يده على الشيب الابيض الذي غطى شعره وهو ابن الست واربعون سنة فقط، كان قد عبر عن حالة جيل عربي مهزوم ومقهور من الداخل .

والان على قادتنا ومسؤولينا وآولي آمرنا ان يعوا جيدا اننا "نضجنا وانفطمنا"، وهذا هو الشعار الذي يجب ان يرفع للمرحلة الحالية والمقبلة، فنحن لسنا بجيل "هرمنا" بل جيل "نضجنا"، وعليهم ان يضعوا الامور في نصابها بعد الربيع العربي وثورات الشباب، وعليهم ان يبتعدوا عن سياسة "البراشوت" التي ولى زمانها ومكانها.

آلم نبلغ حالة الفطام بعد، وأصبحنا قادرين على قيادة أنفسنا، متى سنعطي الخبز للخباز وليس للنجار أو الميكانيكي "مع الاحترام لأصحاب هذه المهن" وجميع المهن المذكورة آنفا.

مواضيع قد تهمك