شريط الأخبار

عشرون ساعة من عمري

عشرون ساعة من عمري
بال سبورت :  

كتب بدر مكي / القدس

في طريق العودة من المغرب......مررت بالقاهرة حيث يدرس ابني اياد.... يستقبلني في المطار.... كنت أودعه دوماً... واليوم..ينتظرني في المطار.....كبر ابني... وأصبح أمام عينياي رجلاً....شعرت بان الارض لا تسعني...كنت اريد ان اسال عن صحته وعن دراسته ... ذهبت الى حيث يقيم مع زميل له....ما أجملها من لحظات....هو شعور جميل ...ان تكون في حضن ابنك... وقد كان على الدوام...أحضنه و اطيب خاطره....

كانت بداية الانفلونزا على محياه ....ما أصعب أن يمرض الانسان في الغربة ....وقد بادرني لحظة الوصول الى الشقة...هناك لقاء بين الاهلي والمقاولون باستاد الكلية الحربية بالقاهرة....تريد ان تذهب...!! لم أكن اود الذهاب .. ولكني شعرت انه وزملاءه يريدون ان يشاهدوا اللقاء.... وربما هزيمة الاهلي...وكونهم زملكاوية... ولذا قررت الذهاب... والمفارقة .... ان اربعتنا كنا ننتظر هزيمة الاهلي...وخامسنا كان أهلاوياً...وكنا في المدرجات في وسط جماهير الاهلي... وسرعان ما سجل المقاولون ... وقام أحمد زميل اياد يريد أن يحتفل, فأمسكت بيده ان يحذر خوفاً من علقة .... وهكذا غادرنا بهدوء... في آخر الليل ... كنت بضيافة سيدنا الحسين واياد والأصدقاء ... وعدت متهالكاً...ليقودني الحديث مع اياد...الى احواله... وصحته التي لم تعجبني ولكنه اوجد في قلبي السكينة حول دراسته... وعن دماثة أخلاقه... فسأحدث الدنيا..عن اعز الناس في حياتي..كم شعرت بالفخر... وأنا اغادر المطار... وقد تركت قلبي في ارض الكنانة ... وبكيت وحيداً في الطائرة.

كانت رحلة من العمر... عشرون ساعة... ربما كانت الأجمل في حياتي...وكنت قبلها قد تم تكريمي في المغرب عن بلادي فلسطين ... تذكرت محطات في الثلاثين سنة ونيف في عمري الرياضي والاعلامي ... في اريحا والقدس وجامعة بيرزيت... وزيوريخ وميونيخ واوسلو... وباريس ومدينة تور... وفي دمشق وعمان وكوالالمبور...وفي معتقل انصار... وفي نادي هلال القدس واتحاد كرة القدم... ووزارة الشباب وجريدة الحياة الجديدة..تعرفت خلالها ...على المئات من الاصدقاء والزملاء... و بعضهم يمثل لي قيمة معنوية وانسانية ووطنية... فيما ترجل الاخرون...وغادروا من الباب الواسع...وقد كانوا في محطة صداقة المرحلة... وغابوا ولن يعودوا....

واذكر يوم السفر في طريقي الى المغرب... تحدثت عن حياتي... واصدقاء مروا بخاطري... وقد سقط سهواً اسماء العديدين... بدون قصد بالطبع... سأتحدث عنهم... بعد ان قادتني العجالة...ان انسى من نسيت... نعم...ما اصعب الغربة على ابني ...ولكني على يقين ان الغربة في الوطن اصعب...واكثر مرارة من العلقم... ولطالما رقصت على جثث الاسود كلاب.

وفي طريق العودة...تنفست الصعداء... وانا ادخل حاجز قلنديا متوجهاً الى القدس... وفي الحافلة...كانت تلك المطربة تغني..." سيد الحبايب... يا ضناي انت"..ها قد عدت الى القدس... التي تعيش فينا... لابني الوطن الصغير الذي اؤمن به... بالمحافظة على الاسرة...تربية الاولاد وتعليمهم...هذا هو الوطن الصغير...الذي علينا جمعياً ان نحافظ عليه... لان تحرير الوطن الكبير يحتاج الى ارادة الجبارين...التي ستأتي بعد حين ... والله على ما أقول شهيد.

مواضيع قد تهمك