سلوان ... صرخة ونداء
جمال احمد عديلة – القدس
مع انني اتحفظ على سلونة الصفحات والكلمات، الا انني اجد من الضرورة في مكان ولخصوصية الحالة والمرحلة من توجيه صرخة صادقة عسى ان يكون لها صدى ..
سلوان البلدة الطيبة التي كرمها الخالق في جوارها للمسجد الأقصى المبارك، تلك البلدة التي صنعت بصمة مشرفة لها ولقاطنيها عبر تاريخ من العطاء والريادة.
فبعد تأسيس نادي سلوان الرياضي عام 1965 على يد فتية جمعتهم روح التطوع والعمل الجاد لإحتواء الأجيال وصقلها، كان نادي سلوان المواجه الأول لسياسة التهويد عندما زار النادي ما بعد احتلال القدس الشرقية وفد الماني برفقة رئيس ما يسمى ببلدية القدس ليقدم وثيقة مطالبة للدعم المالي قدمتها الهيئة الادارية لأمين القدس ليؤكد المامه الاستخباري بما تقوم به الهيئة الادارية، ويتقدم بعرض سخي ببناء جديد وملاعب وساحات في مقابل تحويل أسم النادي الى هبوعيل سلوان، وكان الرد سريع وصارم بأن أبناء سلوان يرتضوا سقوط سقف النادي المبني من الطين على رؤوسهم عوضاً عن مد يد النادي الى جسم يمثله الاحتلال.
نادي سلوان الرياضي وفي زمن صعب فيه العمل، وفي مرحلة ادعت جولدا مئير رئيسة وزراء الاحتلال بأن ليس هناك شعب فلسطيني، تصدر النادي المرحلة لتأكيد الوجود من خلال تشريف لاعبيه بألوان العلم كقميص رياضي يتوسطه الأقصى والصخرة المشرفة، وكان لذلك القرار ردود فعل صعبة واجهتها الهيئة الإدارية بصدور عارية بحنكة وصرامة.
وأنطلق سلوان المقدسي في سماء فلسطين ليصبح مكة الرياضيين ولا تخلوا أي مؤسسة رياضية في كافة ارجاء الوطن من كادر لم يكن له علاقة مباشرة في مسيرة النادي العريقة، وللنادي مساهمات جلية في صياغة الرياضة الفلسطينية كالاتحاد العربي ورابطة الأندية وغيرها.
ولم تكن الرياضة العنوان الوحيد لنادي سلوان، فكان الحاضن الأكبر للثقافة الوطنية الفلسطينية حيث كان مدرسة في التعبئة الوطنية على مر السنين، ولسلوان الفخر برجال ونساء اثروا الحركة الوطنية والثقافية والرياضية الفلسطينية.
خلال السنوات القليلة الماضية، بوشر مشروع تصفية الحساب مع سلوان الانسان والحجر والمؤسسة، ولا يمكن ان تخلوا الصحافة اليوم دون خبر عن استيطان او مواجهة او احتلال منازل في سلوان ... والقادم اظلم...
في واد حلوة اصبح ما بين كل بيت وآخر مغتصب يلغي التاريخ والحاضر، والبستان يمسي ويصبح في صراع بقاء، وراس العامود تتقسم الى كنتونات وتبتلع المستوطنة ساحة نادي سلوان لتمتلك هواءه وشمسه، وبيوت تنهار هنا وهناك وكأنني شاهدت ذلك في بلدة بيت صفافا منذ زمن قريب …
اليوم في سلوان أي خلاف او تباين تتصاعد الأمور من حوله ليتحول لمواجهة تحت مظلة العصبية القبلية، لنسهر الليالي ونجند عناصر الضرب والحماية ونتكبد التكلفة الباهظة لتهدئة مصطنعة...
إن البعض يستهين في حجم المسؤولية المترتبة على الهيئات الادارية في نادي سلوان الرياضي، دون النظر لحجم المؤامرة على سلوان البلد وعلى سلوان النادي الشامخ في السماء، وكيف يمكن العمل على عدة جبهات في آن واحد فالمشروع الرياضي والاصرار على الوجود وتلبية احتياجات المجتمع واحتواء الاجيال ودعم المجتمع المحلي في سبل صموده يجعل من الأجندة أكبر بكثير من قدرة أي هيئة او لجنة..
ان الهيئات الادارية تعمل ليل نهار لاستيعاب التحديات وتلبية الاستحقاقات فنادي سلوان هو المؤسسة الام في البلدة مع التقدير لكل مؤسسة فاعلة تخدم مجتمعها، وانني لصادق عندما اقول ان مسؤوليات الهيئة الإدارية للنادي بحاجة دولة لتلبيتها.
انه لمن المسؤولية ان اقدم هذه المعلومات والحقائق للتاريخ، حتى تكون سلوان قد بلغت الرسالة. فاليوم، المشروع يزداد شراسة وتفاقم بأيدي من هو متورط وآخر ممن لا يفقه المرحلة وآخر ممن لا يملك من الافق سوى انفه ...
اننا نواجه مشروع اغلاق مؤسسة نادي سلوان الرياضي بأساليب عدة، فكيف يمكن الحكم على من يدخل بوابة النادي لالقاء الحجارة على شبابيك المستوطنة مع ان كافة حدود المستوطنة مفتوحة ...؟ ان ذلك يعيدني الى مسلسل باب الحارة وابو غالب وما كان له من دور مدمر على تلك الحارة، واليوم لدينا الاف مؤلفة من ابي غالب تصول في القدس تعمل ليل نهار نحو تدمير الانسان ومؤسساته ... فهل لنا من صحوة؟؟
عملنا لمشروعنا الرياضي عبر سنين وتخلله كما تخلل كافة مشاريعنا مؤامرات داخلية تتجلى فيها رائحة السلق وأخرى خارجية تتوالى وهدفها تفكيك الترابط ما بين المجتمع المحلي والنادي وللصراحة فإن معظم من شاركوا بالمؤامرات كانوا من اصحاب الأفق المحدود وليسوا من الآخرين ... ان المشروع وبوضوح هو تفريغ نادي سلوان من قاعدته الجماهيرية ليكون طعم سهل للذئاب المتربصة لسلوان بأكملها، ولن يبقى منا احدا.
تعمل أهالي سلوان ومؤسساتها وخصوصاً نادي سلوان الرياضي على إيجاد سبل مواجهة المرحلة، وليس هناك خلافات او صراعات كما يسوقها البعض، وانما هناك عصف فكري وإجتهادات في كافة المجالات ومنها من يرى الحياة ويتفاعل بصعوبة جمة واخرى تطلق عليها رصاصة قاتلة منذ مهدها.
لم أقصد التقليل من شأن احد، او التقليل من شأن بلدتي وعزوتي سلوان، وانما لطرح حالة نعيشها اليوم تهدد حياتنا اليومية ومستقبل اجيالنا، لأقدم نداء جلي لكل شريف بدعم سلوان الانسان والحجر والمؤسسة قبل ان يفوت الاوان وحتى لا نصبح نتبادل الاعذار والاتهامات ... في وقت يصبح فيه نادي سلوان والسلاونة ذكريات في الكتب.
اللهم اني بلغت، اللهم لك البيت، وان للبيت رب يحميه، ولتبقى فلسطين والقدس اولاً ...