شريط الأخبار

ورحل أبو حمزة !

ورحل أبو حمزة !
بال سبورت :  

كتب فايز نصار/ الخليل

عندما كان جثمان أبي حمزة الطاهر يرى آخر النور في هذه الدنيا ، وكانت أيدي "الجبعيين" الأوفياء تهيل عليه الترب ، مسقيا بأغلى العبرات ... كان أنين ولي العهد حمزة بن تيسير يختصر حكمة الفلاسفة في كنه الموت وأسراره ، التي لا يملك مفاتحها إلا الباري عز وجل !

وعندما كان السفح الجنيني - المحنى بدماء الشهداء – ينحني مستقبلا الجندي الفتحاوي ، فارس القلم تيسير جابر كان الزيتون يروي حكايات الوطن ، في محطات العذاب الفلسطيني ، ومشاهد الجرح المكابر ، التي لم يترجل خلالها أبو الحمزة منذ التحاقه بأمير الثوار ، الوزير أبو جهاد منتصف السبعينات ، فدائيا في صفوف قائدة النضال ،ومفجرة الثورة حركة فتح الأبية ... حتى لقي ربه في السادس عشر من نيسان ، اليوم الأعز في مذكرات الشهادة ، كونه احتضن أعز الشهداء أبو جهاد !

بين الموعدين لم يكن تيسير - كما عرفته - رقما عابرا بين الارقام ، لأن طموحه الفلسطيني المشروع جعله معلما من معالم المقاومة ، وعلامة بارزة بين أعمدة الصحافة ، وركنا وطيدا مؤثرا في دفتر الإعلام الرياضي، فلسطينيا وعربيا !

كانت طفولة تيسير الأولى عينة نموذجية لمواعيدنا الأولى على هذه الأرض ، التي تفتحت أعيننا عليها لنعلم أن بين ضفائرها ما يستحق الحياة ، وأن مهرها مخضب بالعرق والتفاني والوفاء والانتماء ... على سفوح سيدة البلاد ، بين التين والزيتون أينعت الأفكار التيسيرية الأولى ، لتصطدم طموحاته المبكرة بمحتل يجثم على صدر الوطن المفدى ... والأمر عند الملهم توفيق بن زياد "فكر وتدبر"!

كانت الخيارات كثيرة .. ولم تكن قبلة الثوار اللبنانية الخيار الأسهل ، فالي بيروت يا تيسير حيث الختيار أبو عمار يمسك بالثوابت الفلسطينية بيد ، ويحرك العالم باليد الأخرى .

هناك في بيروت ، خاض ابو حمزة كل معارك البقاء الفلسطينية ،التي ساهمت في الحفاظ على الهوية ... حتى كان الرحيل المؤلم إلى تونس .. بل إلى فلسطين قال أبو عمار ، الذي لم يصدقه يومها اللاهون في حل الكلمات المتقاطعة ، فركب تيسير البحر مع زعيم الثوار عائدا إلى فلسطين عبر الخضراء التونسية ، وداعا أيها البيروت .. ولك أيتها الخضراء بعد 13 سنة آخر الوداعات .. انه تيسر بن جابر يحمل حقيبته عائدا إلى رفح ، في الفصل الأخير من سفر الثوار .

قبلة أولى على تراب فلسطين .. وسجدة شكر لنصير الفلسطينيين ، ربّ العرش العظيم ، ثم سيارة أجرة مباشرة إلى جبع لمفاجئة الحنونة "ست الكل" وتقبيل يديها بعد عقدين من الغياب القصري !

بعد منتصف تلك الليلة فتحت جبع صدرها للثائر العائد ... وبعد منتصف نهار يوم الأسير الفلسطيني أطبقت جبع اللحد على الجثمان الطاهر . عندما عاد من عمان مستشهدا .. فبكت دمعتين ووردة .. ولم تنحني في ثياب الحداد !

إنها أم تيسير أم الأوفياء... إنها جبع أم الشهداء .. إنها جنين القسام عاصمة المقاومة والإباء .. إنها فلسطين الغالية ، التي عاش تيسير واستشهد من أجلها في قلب الحدث الإعلامي الرياضي .

عدنا من الجبانة الجبعية لنتأكد أن تيسير لن يعود ثانية ، لأنه لبى نداء الواحد الديان .. عدنا من مقبرة الشهداء متضرعين للمولى أن يرحم الراحل الكبير ، وان يلهم آله وذويه الصبر والسلوان .

عدنا من الدفن معاهدين الراحل الغالي على أن نبقى للأمانة حافظين ، ولخطى تيسير متبعين ، وعلى العهد باقين .وأول العهد أن يعمل الجميع لتحقيق المثل التي فني أبو حمزة عمره من اجلها ، ومطلعها وحدة صف الإعلاميين الرياضيين في فلسطين .

مواضيع قد تهمك