شريط الأخبار

الدم ما يصير ميه !

الدم ما يصير ميه !
بال سبورت :  

كتب فايز نصار/ الخليل

انتكست الكرة الاسبانية بالخروج غير المتوقع للنادي الملكي ، من دوري أبطال أوروبا ، بعد مباراة درامية مع الليون الفرنسي ، فتبدد الحلم الملكي في لعب النهائي على ملعب السنتياغو برنابيو ، وتأجلت رغبة البيت الأبيض الجامحة في الوصول إلى "العاشرة" .

والحق يقال : إن الملكي خرج مرفوع الرأس ، لأن لاعبيه لم يقصروا ... فرضيت الجماهير المدريدية حظها العاثر ، آملة التمعن في الدرس الليوني ، واستخلاص العبر قبل المحطات القادمة .

وبعد خروج الريال ، تتجه الأنظار إلى غريمه الرياضي برشلونة ، الذي ما زال يحمل الآمال الاسبانية المعلقة بما في جعبة الكتلان ، ومدى قدرتهم على الاحتفاظ بلقبهم ، وضمان التواجد الاسباني فوق المستطيل الأخضر للبرنابيو ، لا على المدرجات فقط .

ولا تقتصر هذه الرغبة الجامحة على أنصار البرشا فقط ، لأن اسبانيا كلها تجمع على ضرورة دعم السفير الاسباني ، وقد سمعت تصريحات تعزز هذا الاتجاه ، حتى من لاعبي الريال ، الذين ترفعوا عن كل أثار الحساسية المحلية ، وضربوا درسا في الانتماء للوطن الاسباني !

من يعرفون حجم الحساسية بين اللدودين ، أكثر تقديرا لموقف البيت الاسباني الأبيض ، لان المواجهات بين الجانبين طالما كانت تحبل بالمكاره والسرور ، ومن يتصفح حكايات الريال ن وقصص البرشا يقف على أشياء غريبة لا يمكن حصرها هنا !

يحدث هذا في أوروبا ، التي تقاتل أهلها في حربين كونيتين ، ويحدث بالضبط في اسبانيا ، التي شهدت أبشع حرب أهلية في العهد الفرانكوي .... ونتمنى ان يحدث هذا في الوطن العربي ، الذي تدغدغ العواطف القومية مشاعر أبنائه حتى في الرياضة ، منذ محاولة الاتحاد العربي للعبة الأكثر شعبية التأسيس لكرة قدم عربية النكهة ، من توليفة كروية بين عرب آسيا ، وأشقائهم عرب الشمال الأفريقي .. رغم التمايز الكبير بين الكرتين ، ورغم الحساسية المفرطة بين العرب الآسيويين ، وخاصة أبناء الخليج العربي مع بعضهم ، وبين العرب الأفارقة ، وخاصة دول المغرب العربي والشقيقة الكبرى مصر !

الدرس المدريديي يقتضي أن يشجع التوانسة من أنصار النادي الإفريقي الجار المحلي اللدود الترجي في مواجهاته الخارجية ، وأن يشجع الوداديون المغاربة الغريم الأخضر الرجاء في مواقعه القارية، وان لا يتأخر الزملكاوية عن دعم الأحمر الأهلاوي في غزواته الإفريقية !

والدرس المدريدية يقتضي أيضا أن لا يتخلف الليبيون عن دعم المنتخب التونسي في بطولة أمم افريقيا ، وان يصطف الجزائريون إلى جانب المنتخب المصري في منتخب القارات ، وان لا تتأخر "أم الكنانة" عن واجبها القومي إلى جانب الجزائر ، ممثلة العرب الوحيدة في المونديال الإفريقي !

مجلة سوبر الإماراتية طرقت صراحة العلاقة الرياضية بين مصر والجزائر ، من خلال سؤال للاعبي ومدربي المنتخب المصري ، وملخص السؤال : هل ستشجع منتخب الجزائر في المونديال ؟ ومصدر حساسية السؤال ما رافق مباريات التأهل للمونديال بين المنتخبين من أحداث ، لا اعتقد أن لكرة القدم النبيلة ناقة ولا جمل فيها !

المهم أن المجيبين انقسموا بين من عبر عن اعتزازه بالجزائر ، وانه سوف يشجع منتخبها ، كما فعل الجنتلمان أبو تريكة ، وبين من ابتلع الحصوة ، وجاهر بكونه لن يشجع الجزائر تحت أي ظرف ، كما فعل المعلم حسن شحاته!

ولسنا هنا بصدد تكميم الأفواه ، ومراقبة مشاعر الناس ، ولكن الدرس المدريدي يقاضي أن لا تصدر مثل هذه المواقف من أناس نحبهم ، ونحتسبهم المثل الأعلى للأجيال ، التي نمني النفس في توحدها .. فمثل هذا الكلام قد يصدر من جماهير غاضبة في الاسكندية أو وهران ... أما أن يصدر من المعلم حسن شحاته ، الذي طالما دغدغ مشاعرنا بدماثة خلقه ، وحسن سيرته رياضيا واجتماعيا ، وثراء سجله نجما ومدربا ، فالأمر يحتاج إلى وقفة ومراجعة !

لقد أحببنا المعلم حسن ، الذي طالما تلقينا منه الدروس الرياضية الواعظة ، في الميدان وخارج الميدان ، عندما قاد "أم الدنيا" لثلاثة ألقاب افريقية غالية ، ولرفضه البات للتعاطي مع أي شكل من أشكال التطبيع مع المحتل الأجنبي ، ولذلك كنا وما زلنا نمني النفس بدرس شحاتي جديد ، يقلب من خلاله الشاطر حسن آثار مواجهة الشقيقتين مصر والجزائر ، والإعلان على رؤوس الأشهاد بأنه سيرفع العلم الجزائري ، ممثل العرب الوحيد في المونديال ، وبأنه سيكون المشجع الأول لمنتخب الجزائر ، لأننا على ثقة بان معدن الشحاتة الصعيدي الطيب ، لن يسمح له بتشجيع انكلترا او الولايات المتحدة ضد الجزائر !

نقدر مواقف المعلم حسن شحاتة ، ومجاهرته بموقفه دون رياء ، وسنكون أكثر تقديرا له إذا اعترف بان كلامه للسوبر كان زلة لسان ، على اعتبار أن "الدم ما يصير ميه!"

مواضيع قد تهمك