كتب محمد زحايكة / القدس

كنت امشي متطوحا في شارع الزهراء بالقدس صباح الثلاثاء الفائت.. وفي رأسي تطن الصيحات الغاضبة لبعض انصار ومشجعي فريق نسور جبل المكبر بسبب خسارتهم (1- صفر) امام ثقافي طولكرم في الدوري الممتاز..! وبينما انا غارق في الهم والنكد، افكر في ردود الافعال هذه غير المنطقية وغير السليمة وغير الناضجة والتي تتنافى مع اصول وقواعد لعبة كرة القدم الشعبية العالمية التي تحتمل دائما المفاجآت والامور غير المتوقعة حتى في اللحظات الاخيرة ومع اقوى الفرق واعتاها على مستوى العالم.. .. بينما انا في هم وغم وكرب واضرب اخماسا في اسداس ..! واذا صاحبنا وصديقنا وحبيبنا ابو العز- داود عبيدات- احد فرسان نادي جبل المكبر الاشاوس. ورجل المهمات الصعبة.. يقف كالطود الشامخ على ناصية الشارع بابتسامته المعهودة ونظراته الواثقة المتحدية..! وما ان اقتربت منه والمحت له بوساوسي تلك حتى جذبني من ذراعي برفق وقال لي .. تعال .. استمع الى الكلام –المدوزن - الرصين واعرض عن الكلام الشروي الغروي الذي لا يقدم ولا يؤخر.. قلت ... ومنكم نستفيد....!

قال ابو العز " .. قل لهؤلاء على لساني.. ان خسارة اي فريق ليست نهاية العالم..! خاصة ونحن في بداية الدوري وما زال امامنا شوطا طويلا..! بل على العكس اقول لهؤلاء اكثر من ذلك ان الخسارة في البدايات قد تكون فرصة مهمة لاعادة الحسابات والمراجعات المفيدة ورسم الخطط وشد الهمم لتجاوز بعض الثغرات والهنات هنا وهناك .. اي بعكس الخسارة في النهايات التي قد تودي الى الخسران المبين والضياع..! ثم قل لهؤلاء وعلى لساني.. وانا أكن لهم كل الاحترام والتقدير وهم.. - على راسي والله - .. ان مباريات كرة القدم لا ينظر لها بعقلية الفزعة العشائرية التي تريد الغلبة والفوز ودحر الخصم والقضاء عليه نهائيا..! ليس هكذا تورد الحمير والبغال يا من تعتبرون دائما خسارة النسور في اية مباراة كارثة وتفتحون النار على اللاعبين والفريق وكأنهم اضاعوا الاندلس..!

اعلموا.. وافهموا انه من اساسيات والف باء الرياضة التحلي بالروح الرياضية العالية عند الخسارة وتهنئة الفريق الفائز بكل اريحية وتواضع وايمان.. والعودة الى الفريق الخاسر ومدربه والنقاش الهادئ معه للتعلم من الاخطاء التي حصلت وكيفية تجاوزها في المرات القادمة.. هكذا يجب ان تنظروا الى الامور.. وكفاكم .. اطلاق الاحكام الجائرة على فلان او علان..؟؟؟؟! وبعضكم لا يعرف ثلث الثلاثة كام في الرياضة ويريد ان ينصّب نفسه - ابو عمرين - الرياضة واخواتها.! انتبهوا رحمكم الله وتشفعت لكم ملائكته ورسله..! بل لا تذهبوا بعيدا .. والشيء بالشيء يذكر.. ها هو فريق الارجنتين وعلى ارضه وفي عقر داره وامام 120 الف متفرج يخسر امام البرازيل..! ام حسبتم انكم افضل من البرازيل والارجنتين وغيرهم من ملوك وسلاطين واساطين الكرة الملاعين..! "

وتابع ابو العز كلامه الموزون قائلا:" معكم حق .. لو طلبتم وتمنيتم على هدّاف الدوري البارز احمد علان ان يشد – براغيه - اكثر وان يروّض الكرة الساحرة كعادته ويودعها الشباك..! هذا كلام مفهوم ومسموع ..! اما ان تنصبوا المناحات وتقيموا القيامات على بعض الخسارات ..! فهذا شيء كثير بل ومعيب..! تذكروا دائما ان نسور المكبر هو الفريق المقدسي القوي الان والمؤهل لمقارعة اعتى الفرق على الارض الفلسطينية..! وهو يريدكم ان تعينوه لا ان تحملوا عليه..! يريدكم ان تتحلوا بالصبر.. وان تعلموا ان الخيل الاصيلة هي التي تشد في اخر السباق الكروي..! يريدكم ان تقلعوا عن عقلية الغالب والمغلوب في معارك كرة القدم التي وصفها شاعرنا الاكبر محمود درويش بأنها اشرف المعارك والحروب بين البشر .!

عليكم – على بعضكم على الاقل واخص بعض اللاعبين هنا - ان يقلع عن عقلية التعالي والغرور وهو ان الفوز مضمون وفي الجيبة ..! وان فريق النسور لا يقهر في الملاعب..! وها انتم ترون اعتى الفرق العالمية التي نحن بحاجة الى سنين ضوئية وفت عدس حتى نصل الى ربعها..! فاخزوا الشيطان الرجيم وابليس اللعين..! وتعالوا.. نلتف حول نسور المكبر ونهيء له الظروف والاجواء المساعدة على حصد الانتصارات والتربع على قمة الدوري حتى يظل فعلا نجم العاصمة الساطع في عالي سماها..!