شريط الأخبار

الحقيقة والإعلام الرياضي

الحقيقة والإعلام الرياضي
بال سبورت :  

خالد إسحاق الغول

يعتقد البعض، والبعض الآخر يصر، على أن دور الإعلام الرياضي هو المحاباة وكتابة مطولات التمجيد ومعلقات المدائح للقابعين على عروشهم في المؤسسات الرياضية، وللباحثين عن المجد والمديح والمداهنة من خلال الرياضة كمطية تحظى بالجماهيرية والمتابعة من قبل قطاعات واسعة من المجتمع. ويصرون دائما على أن تنحصر الكتابة في إطار المدح والتبجيل للوضع القائم، لكي يقال أنها  ايجابية وبناءة، خصوصا إذا كانت في مديح المسؤول أو محتكر الكرسي الذي ينجح في تحويل هذا النوع من الإعلاميين إلى ماكينة تلميع للكرسي والمتربع عليه، في حين كان عليهم أن يكونوا أوائل المطالبين بكسر  هذا الاحتكار.

 كان وما زال دور الإعلام هو تعميم المعلومات وكشف الحقيقة في المتابعة الإخبارية، والمعالجة الجريئة في الكتابة النقدية الرياضية. وأول ما يجب أن تفعله المقالة الرياضية هو كشف المستور وإماطة اللثام عن المسكوت عنه حتى يتم الخروج من الحال البائس والمزري الذي يزداد تأزما مع التجام اللسان وانقصاف القلم في غمرة القهر المنظم، الذي جعل البوح بما يدور في الرأس أو طرح التساؤلات البريئة والمتجردة تطاولا يعرض أصحابه للتهديد المبطن او الاستهداف المباشر.

ان الرد على الرأي الآخر بالتهديد يعبر عن منهج تاريخي في التعامل لا يقوم على احترام التعددية في الآراء، ويرفض منطق الحوار وتبادل الآراء بحيث يكون الرأي مقابل الرأي والكلمة مقابل الكلمة، ولا يمكنه ان يتجاوب مع مستوى وضرورة النقاش العلمي والموضوعي المفضي إلى وضع الحلول الممكنة. وهو أسلوب لا يليق بالرياضيين ولا يمكن أن يكون سلوكا رياضيا على الإطلاق.

ولان الإعلامي الحقيقي بطبعه وطبيعته يعشق الحرية وينتهج الديمقراطية مسلكا في حياته وممارسته المهنية فانه لا يمكن أن ينحاز إلى أعداء الحقيقة والديمقراطية، أو أن يكون مداهنا ومتملقا ومدافعا عن الأخطاء ومبررا للازمات ومسببيها لمآرب شخصية، أو أن يكون أداة من أدوات التضليل واللف حول جواهر الأمور بالحديث المراوغ والمجافي للحقيقة.

 إن الصحفي الذي يحترم مهنة الصحافة عليه أن يكون منحازا بشدة إلى الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، ولا يعمد إلى التزوير او التضليل أو تعمية العيون، وعليه أن يكون جريئا ونقديا وكاشفا للمستور ومسلطا الأضواء على كل ما يراد التكتم عليه أو إخفاؤه عن الرأي العام.

والصحفي الذي يحترم مهنته سواء كان محررا أو مراسلا أو كاتبا لا يمكن أن يسمح بتجيير قلمه للمجاملات والمدائح التي لا تفيد إلا من توجه إليهم هذه المدائح على حساب الحقيقة والمستقبل.

أما الصحفي الذي يكون صحفيا مرة ويكتب عن مسؤول ما أو جهة ما بكل تجريح وقسوة لان الصحافة تتطلب هذه الجرأة، ولان مطالبه وطموحاته تنسجم مع هذا الردح الصحفي المستمر في مناسبة ما وضد جهة ما،  ثم يصحو في اليوم التالي ليكتب مقالة تمجد أمرا واقعا مغايرا للحالة السابقة التي أغرقها بالنقد لأنه تذكر أنه واحد من المسؤولين عن هذا الأمر الواقع الآخر مبررا ذلك بأن علينا أن نركز على النصف المملوء من الكأس، وان نكون دائما ايجابيين، فتلك ازدواجية ممقوتة علينا التخلص منها فورا، لأنها تخدم الأمر الواقع في الحالتين ولا تخلق واقعا جديدا طالما حلمنا به.

مواضيع قد تهمك