إمبراطورية "أبو علي" الرياضية في واد النيص
الخليل- عوض الرجوب/ واد النيص، قرية فلسطينية صغيرة، لا يتجاوز عدد سكانها تسعمائة نسمة، تتوسط المسافة بين مدينتي بيت لحم والخليل جنوب الضفة الغربية، ومع ذلك فهي كبيرة بتفوقها الرياضي، ولا يغيب اسمها عن الصفحات الرياضية في الصحف الفلسطينية.
للقرية قصة غربية، فبعد أن كانت مهمشة لا يعرفها حتى أقرب الناس إليها، صنع منها فريقها الرياضي نجما بات يعرفه كل الفلسطينيين، والأغرب أن غالبية فريقها الرياضي من أسرة واحدة، ولا نكون مبالغين إذا سميناها "إمبراطورية أبي علي الرياضية".
مراسل الجزيرة نت عوض الرجوب زار عائلة يوسف أبو حماد (أبو علي) الرياضية، والتقت أفرادها، وكان واضحا أنها تعتز بما حققته من إنجازات منذ نحو ربع قرن، ويشعر ضيوفهم بالفخر عندما يشاهدون عشرات الكؤوس والدروع وشهادات التقدير تملأ أرجاء نادي واد النيص الرياضي.
عائلة رياضية
في عام 1984 أسس الوالد الحاج يوسف النادي الرياضي، وكان حينها رئيسا للمجلس المحلي. ويقول إنه كان يبحث في حينه عن شيء يرفع به اسم القرية المهمشة، وبالفعل نجح في ذلك وتمكن من توفير المدارس والبنية التحتية والكهرباء والمياه للقرية.
اعتمد أبو علي على أبنائه وأبناء قريته في تشكيل فريق رياضي مميز، وبالفعل نجح في غرس حب كرة القدم في نفوس أبنائه الاثني عشر "وبفعل الانسجام تم تأسيس فريق تصدّر الفرق الرياضية الفلسطينية وحصد أهم الجوائز".
لعب ستة من الإخوة الرياضيين وجميعهم عمال،في الفترة من تأسيس النادي وحتى عام 1999 وهم: علي وعمر (مدرب حاليا) وصلاح وفيصل وصالح وعبد الله (مشرف رياضي)،بينما أكمل أشقاؤهم الستة الباقون المشوار بعد عام 2000 وهم: محمد وحسن وسميح (كابتن) وعامر وغالب وخضر، ولا يقتصر حب الرياضة على الأب وأبنائه، بل دخل الأحفاد في الحلبة وأخذ بعضهم يشق طريقه في عالم الرياضة.
مر فريق واد النيص بعقبات كثيرةفي الانتفاضتين الأولى والثانية، لكنه سرعان ما كان ينهض ويستعيد حيويته، ويقول عمر مدرب الفريق حاليا، إن الفترة التي تلت تولي اللواء جبريل الرجوب رئاسة اتحاد كرة القدم شهدت نقلة نوعية في الرياضة الفلسطينية.
حصد الجوائز
حصد نادي وادي النيص معظم البطولات المحلية، وحصلفي العام الحالي على كأس فلسطين، كماكان وصيف بطولة الدرع مرتين، وهذا أحسن رصيد رياضي لأي ناد فلسطينيفي عشر سنوات.
يقول الوالد إنه يشعر بالارتياح لأنه حقق أهدافه من تأسيس النادي، وحصد عشرات الجوائز، مضيفا أنه يحرص على متابعة كافة مباريات الفريق الذي يشكل أبناؤه غالبية أعضائه، وإذا تعذر الحضور في المعلب فعبر التلفاز.بينما تحرص الوالدة أيضا على متابعة المباريات، وتكثر من الدعاء لهما خاصة في الصلاة.
ويضيف أن أهم ما يحرص على غرسه في أبنائه هو التسامح والأخلاق الرفيعة وعدم الاستسلام لاستفزازات الملاعب، مشيرا إلى أن إصابات الملاعب لم تكن تقلقه بقدر المصير الذي ينتظر الفريق.
ويقول "أصيب اثنان من أبنائي إصابتين بالغتين في الملاعب ونقلا إلى المستشفيات لكني كنت أتابع اللعبة حتى النهاية ومن ثم أسأل عن اللاعبين".
تدريب متواصل
يواصل الأشقاء الستة وزملاؤهم التدريب في ساحة مدرسة القرية، لكنهم يشكون من ضيق الملعب المعبد، ويأملون في إتمام بناء الملعب الرياضي المعشب الذي تمكنوا من الحصول على تمويل لإقامته مؤخرا.
بخلاف باقي الفرق الفلسطينية، ليس لفريق واد النيص جمهور محلي كبير نظرا لصغر القرية التي ينتمي إليها، لكنه يجد التعويض في المباريات بتزايد الجمهور من باقي أنحاء الضفة الغربية الذين لا يفوّتون مبارياته.
على المستوى العربي حقق فريق واد النيص إنجازات مميزة، فتمكن من الفوز على فريقي جيبوتي وجزر القمر، ضمن التصفيات العربية، واللافت في الفريق أن "الشبابة" وهي أداة موسيقية شعبية، يعزف عليها عمهم، تشكل حافزا لهم في الملعب وترافقهم في كافة المباريات في الداخل والخارج.