"فاكهة الملاعب 48".. يكتبها فايز نصار ...
** كرة القدم الفلسطينية تفقد الاسطورتين أحمد عليان وابراهيم نجم..
** البواب وترزي بيضا وجه فلسطين في اولمبياد العرب.
من جديد أعود اليكم أحبتي عبر " فاكهة الملاعب" بعد غياب لشهر ونصف ، بسبب أدائي فريضة الحج ، حيث أحس بأنّني كيوم ولدتني أمي ، وما يقتضيه الأمر من مسامحة لكلّ من شعرت يوماً بأنّه ظلمني ، في المجال الرياضي ، أو غيره من المجالات ... والأمر – يا جماعة الخير – يقتضي من الجميع الدخول في مسامحة رياضية جماعية ، تتجاوز كلّ الزلات ، التي ولّدت خلافات غير مجدية ، والدنيا – يا أحبتي – لا تستحق أن نختلف على جزئياتها ، وهي لا تساوي عند الخالق عز وجل جناح بعوضة !
رحيل نجم القدس
ولا يجب على كائن من كان أن يشعر بأنّه مخلد ، وعصيّ على المنية ، التي اختطفت منّا منتصف ذي الحجة القائد الرياضي الكبير ابراهيم نجم ، الذي ملأ الملاعب فنوناً كروية ، وشغل الناس بقيادته الرياضية الاجتماعية ، التي ساهمت في جمع شمل نجوم الزمن الجميل ، وتفاعلهم في إحياء حكايات الملاعب الترابية ، ومشاركتهم في الإنجازات الرياضية التي لا تتوقف .
وتشهد سجلات الكرة الفلسطينية على أن أبا رمزي كان رمانة الميزان في الملعب ، وحلقة وصل بين خطوط الفرق التي لعب لها ، ، تماماً كما أصبح حلقة وصل بين رفاقه النجوم بعد اعتزالهم ، حيث وضع مداميك البيت الفلسطيني العريق ، الذي جاب البلاد ، محتفياً بمناسبات النجوم ، الذي شاركهم عن قرب أفراحهم ، وقدم لهم واجب العزاء في أحزانهم !
ويبدو أن كلامي عن الصديق أبي رمزي مجروحاً ، وهو الذي تابعت ابداعاته منذ مطلع السبعينات ، قبل أن تجمعنا دواوين نجوم الكرة الفلسطينية ، التي يمثل أحد ايقوناتها ، وتشهد سجلات الماسينجر ، والواتس آب على كثير من المكالمات الصباحية المبكرة ، التي كانت تصلني من المرحوم لتصحيح معلومة رياضية ، أو تدقيق خبر من كتاب الزمن الجميل !
حلم المهاجر الحيفاويّ
وبعد أسبوعين من رحيل النجم المقدسي ، لحق به شيخ نجوم الكرة الفلسطينية المايسترو أحمد عليان حجير ، ابن حيفا ، الذي حملته النكبة إلى دمشق، حيث لعب الكرة مع شيخ أندية دمشق " نادي بردى "، ونادي الجيش ، ليصبح مدرباً مرموقاً ، تشهد على إنجازاته المنتخبات الفلسطينية والسورية ، ونادي العين الاماراتي ، الذي قاده لنيل أول لقب في دوري عيال زايد .
ولعب المرحوم أبو حسّان مع منتخب فلسطين الكثير من المباريات ، فتألق مع فدائي الستينات ، ولعب مباريات أكثر مع المنتخب السوري ، الذي كانت له إبداعات كثيرة خلال الستينات ، لأنّ الاتحاد السوري كان يسمح لنجومنا باللعب للمنتخبات السورية ، والفلسطينية ، حتى انّ الحارس العملاق مروان كنفاني لعب لمنتخبات فلسطين ، وسوريا ، ومصر ، والأمر نفسه حصل مع الحارس باسم تيم ، الذي لعب لمنتخبات فلسطين ، وسوريا ، والأردن ، ومع جلاد الحراس جمال الخطيب ، الذي لعب لمنتخبات فلسطين ، ولبنان ، وقطر .
ولا يستطيع عبد فقير مثلي إنصاف أبي حسّان ، وحصر مآثره الرياضية ، منذ ترك حيفا سنة 1948 ، وعمره عشر سنوات ، حتى تقدم الصفوف الرياضية في دمشق الشام ، من خلال اللعب لأبرز الأندية الدمشقية ، وتمثيله منتخب سوريا ، وقيادته النوارس الناشئين لقمة المجد الآسيوي سنة 1994 ، ناهيك عن مشاركاته الفعالة مع المنتخب الوطني ، الذي دربه في عدة مناسبات ، وخاصة في كأس فلسطين !
تكريم الرواد
ولا أعتقد أنّ القائمين على الرياضة الفلسطينية سيقصِرون بحق هؤلاء الرواد ، الذين قضوا نحبهم بعد تركهم بصمات خالدة في الملاعب ، وآخرهم الأسطورة المقدسي ابراهيم نجم ، والاسطورة الحيفاوي أحمد عليان ، وقد دعوت منذ أربعين سنة إلى تسمية المنشآت ، والبطولات ، والفعاليات الرياضية بأسماء الرواد ، من أمثال أديب الدسوقي ، وجبرا الزرقا ، وعبد الرحمن الهباب ، وجورج مارديني .. وغيرهم ، فنذكرهم بالخير كما نذكر أمين سر الرابطة الراحل ماجد اسعد .. وأكرر الدعوة بضرورة تسمية فعاليات ومنشآت رياضية باسم ابراهيم نجم ، وأحمد عليان ، كما تمّ تكريم المرحوم ابراهيم أبو سليم بتسمية بطولة كأس غزة باسمه ، وذهب الصديق ابراهيم أبو الشيخ إلى اقتراح تسمية بطولة درع ابو عمار لهذا الموسم باسم ابراهيم نجم ، في خطوة وطنية لتكريم الابراهيمين معاً !
ملعب بيليه
ورغم أنّ كثيراً من المتابعين اعترضوا على تسمية ملعب الخضر باسم الجوهرة " بيليه " ، إلا أنّ الخيرين يرون أن الفكرة جيدة ، وتنسجم مع توجهات الفيفا بتخليد ملك الكرة البرازيلي ، ولكنّ يبدو أنّه " من باب أولى " تكريم الرواد الفلسطينيين ، بالتركيز على تراثنا وتاريخنا الرياضي ، وتكريم الرجال الأوفياء الذين خدموا الرياضة الفلسطينية عبر المحطات المختلفة ، خاصة وأنّ نجومنا قد لا يجدون من يكرمهم إن لم نكرمهم نحن ، فيما وجد الاسطورة بيليه تكريماً لائقاً في معظم البلدان !
ذهب السباحة
ومنذ يومين أسدلت الستائر على منافسات دورة الألعاب الرياضية العربية الرابعة عشرة ، التي استضافتها جزائر المليون ، ونصف المليون شهيد ، في الفترة من الخامس ، حتى الخامس عشر من تموز الجاري ، والتي شهدت عزفاً منفرداً للجزائر ، التي تصدرت قائمة القلائد الذهبية برصيد 105 ميداليات ، فيما جاءت فلسطين في المركز الثالث عشر برصيد 16 ميدالية منها أربع ذهبيات ، وأربع فضيات .
ولن يتوقف ذو بصيرة أمام ترتيب فلسطين في هذه الألعاب ، وذلك في غياب القوة الرياضية العربية العظمى مصر ، التي شاركت مشاركة رمزية ، وغياب كثير من أبطال الصف الأول في الألعاب الفردية والجماعية ، والأصل أن نركز على هذه القفزة النوعية في رصيد فلسطين الذهبي ، والفضل هنا للبطلين المغتربين يزن البواب ، وفاليري ترزي ، اللذين يستحقان الإشادة ، كونهما أحسنا الغوص في المسابح الأولمبية الجزائرية ، وقدما للعرب نسخة من النبوغ الفلسطيني ، الذي يجب أن يبنى عليه مستقبلا !
وغير مقبول هنا أن يذهب أحدهم إلى كون البطلين تكونا في المهجر ، لأنّ جينات البطلين فلسطينية ، تمثل امتدادا للقدس ويافا وغزة وحيفا ، والأهم أن يدرس القائمون التجربة الناجحة ، وأن تعتمد خططهم المستقبلية على لجان التقصي المؤهلة ، التي تساهم في الوصول إلى أبطالنا ، وقيدهم في منتخباتنا ، قبل خطفهم من قبل الأشقاء ، ولا عيب في الاعتماد على هؤلاء النجوم المغتربين ، ممن يتوقون شوقاً لتمثيل بلد الآباء والأجداد ، ودليل ذلك ما فعله نجوم الجزائر والمغرب المغتربين ، الذين ولدوا في المهجر ، وفضلوا التألق في صفوف المحاربين والأسود .
كأس أبو عمار
وعلى بركة الله انطلق هذا الأسبوع في ملاعب الضفة قطار بطولة أبو عمار التحضيرية ، التي تشكل فرصة للوقوف على تحضيرات الأندية قبل انطلاق الدوري الشهر القادم ، على أمل أن تكون البطولة حافزا للفرق التي تأخرت تحضيراتها ، وخاصة شباب السموع ، الذي دخل البطولة دون تحضيرات ، مما قد يؤثر على صحة لاعبيه ، لأنّ عدم المشاركة أخف ضررا من المشاركة دون إعداد !
ولن أتوقف هنا عند نتائج الجولة الأولى ، التي حلبت في آنية الأندية المرشحة ، وأفضل الحديث عن سبل تطوير هذه البطولة ، التي تشكل – من وجهة نظري – امتدادا لبطولة الدرع ، التي كان الاتحاد ينظمها قبل سنة 2008 ، ولا أعتقد أنه من الفطنة تجاهل البطولات ، التي نظمت في تلك الفترة ، لأنّ الثابت أنّ البطولات نظمت في الضفة والقطاع بضوء أخضر من منظمة التحرير الفلسطينية ، ثم بإشراف وزارة الشباب والرياضة ، وكانت اولاها في الضفة بطولة الفجر ، التي فاز بها النادي العربي المقدسي سنة 1977 ، وغير مقبول عدم اعتماد تلك البطولات ، إلا إذا قبلنا عدم اعتماد شهادات التوجيهي ، ورخص السياقة في تلك الفترة !
مهم جداً أن تختبر الأندية قدراتها من خلال بطولة أبو عمار ، والأهم أن يقيم المنظمون الفكرة ، ويسعون إلى تطويرها ، لتصبح أكثر فائدة ، فلم لا تنظم البطولة على شكل نصف دوري كما حصل في الأردن ؟ أو لم لا تشترك فيها أندية الاحتراف الجزئي ، فتلعب بمشاركة 24 نادياً تقسم إلى أربع مجموعات سداسية ؟