"فاكهة الملاعب 45" .. يكتبها فايز نصار
** خطوات نجوم الضفة الأولى على ملعبي اليرموك والمطران..
** الشيخ فهد الأحمد سجل سابقة مونديالية ، والضحية حكم روسي..
حاول الفلسطينيون تجاوز كلّ عقبات الاحتلال ، وواصلوا حياتهم العادية ، ضاربين أمثلة لا تنسى في المزواجة بين الفعل النضالي ، والإبداع الإنسانيّ في مختلف المجالات ، وخاصة في لعب الجماهير كرة القدم ، التي لعبها الفلسطينيون بين هزيمة 67 واتفاق اوسلو في ظروف صعبة ، أقلها أنّ جميع المباريات كانت تلعب على التراب ، وفي غياب الأجهزة الأمنية ، وغياب الدعم المالي ، ودون وجود تصوير تلفزيّ .
منتخبا الضفة وغزة
وبادر القائمون على الكرة إلى تشكيل مقدمات للمنتخب الوطني ، فشكلوا منتخباً لنجوم الضفة ، ومنتخباً لنجوم القطاع ، ولعب المنتخبان مباراتين على ملعبي اليرموك والمطران ، بما ساهم في كشف الكثير من النجوم ، ممن برزوا في دوري القطاع ، الذي فاز به وقتها الأهلي والشاطيء ، ودوري الضفة الذي فاز به شباب الخليل ، ومركز طولكرم .
ولم يهتم المتابعون يومها لنتيجة المباراتين ، حيث انتهت الأولى بفوز منتخب الضفة بهدفين نظيفين على ملعب اليرموك ، وانتهت الثانية بالتعادل بهدفين لهدفين على ملعب المطران ، ولم أحضر يومها اللقاءين بسبب تواجدي خارج الوطن ، ولكنّ صورة لنجوم منتخب الضفة استفزتني بأثر رجعيّ ، وكانت من أسباب بداية نبشي لأرشيف الكرة الفلسطينية قبل ثلاث سنوات ونيف ، حيث لم يضم منتخب الضفة يومها من محافظتي الخليل وبيت لحم إلا اللاعب محمد جودة ، فارتبكت خطط القائمين على منتخب غزة ، الذين حضورا لمراقبة النجمين حازم صلاح ، وعيسى كنعان ، ليظهر المنتخب الضفيّ دون أيّ لاعب من شباب الخليل ، الذي كان بطل الدوري والكأس في تلك الأيام ، ناهيك عن غياب أيّ لاعب من نادي سلوان ، وخاصة الجرافة عرفات حميد .
جرافة بيت المقدس
وكان السبب في إطلاق لقب الجرافة على عرفات حميد تسجيله لهدف بعيد المدى في مرمى حطين في الدوري ، حيث راوغ النجم السلونيّ خمسة لاعبين داخل منطقة الجزاء ، وسقط أرضا ، ومن موقع الجلوس سجل هدفاً لسلوان على ملعب نابلس ، ليطلق عليه الجمهور لقب الجرافة .
ومن طريف ما حصل مع جرافة القدس في الملاعب ما فعله الإعلامي بدر مكي ، الذي أطلق العديد من الألقاب على نجوم تلك الفترة ، ووصف حميد بنجم ملعب الازتيك في المكسيك ، مع نشر صورة لحميد فوق الملعب ، ولمّا توجه عرفات في اليوم التالي الى المدرسة - حيث يعمل مدرسا للتربية الرياضية - تفاجأ الطلاب والمعلمون والمدير به ، لأنّهم اعتقدوا بأنه فعلاً كان في المكسيك.
ومن ذكريات حميد في الملاعب أنّه كان بمقدوره ايقاف لاعب الهلال مجدي الدميري ، الذي انطلق بهجمة من منتصف الميدان ، فركض عرفات خلفه ، بعد كسر مصيدة التسلل ، وسجل هدف الفوز للهلال في مرمى سلوان .. يقول حميد : إنّ أخلاقي لم تسمح لي بإعاقته ، أو عرقلته ، ومنع الهدف .
ولم يلعب حميد في حياته إلا لنادي سلوان ، الذي زُيّن صدر لاعبيه بالزي الفلسطيني ، رغم العديد من العروض التي تلقاها من أندية محلية وأردنية ، ويروي حميد موقفاً طريفاً حصل معه عندما كان يدرس في بوليتكنك الخليل قائلاً : أخذني أصدقائي للمرحوم أبو حمدي ، الذي عرض عليّ اللعب لشباب الخليل ، ولما أجبته بأني أريد البقاء في سلوان ، قال لي : من يدرس في الخليل ، يجب أن يلعب للشباب ، فكدت أبكي ، ليستدرك قائلاً: أنا أمزح !
مرة تصيب ، ومرة تخيب
ويروي لي ابن مخيم البريج المرحوم عبد الله الكرنز حادثة طريفة حصلت معه في دروة اللاجئين الكروية في لبنان منتصف الستينات ، حيث ضرب أبو ايهاب الكرة بشكل مقصي " دبل كيك " فأخطأها ، وسقط على الأرض ، وإذا بالكرة تصطدم بقدمه وهو على الأرض ، وتدخل المرمى .. لتحصل معه حادثة معاكسة على ملعب المطران ، عندما كان يلعب لجمعية الشبان المسيحية ، وذلك في مباراة للواي أمام فريق أيبا القبرصي ، الذي يمثل توليفة من مجموعة فرق قبرصية ، ففي تلك المباراة وقع المرحوم قرب قائم المرمى ، فارتطمت الكرة ببطنه ، ودخلت شباك الجمعية .
شهامة ابو عليا
وروى لي نجم طولكرم الدولي أسامة أبو عليا حادثة طريفة حصلت معه في مباراة جمعت الثقافي مع نادي صور باهر ، على ملعب فيصل الحسيني ، وكان حكم الساحة يومها ميشيل حنانيا ، الذي احتج عليه الجمهور ، وقصوا فتحة في السياج المحيط بالملعب ، ودخل أكثر من شخص منهم إلى أرضية الملعب ، وهاجموا الحكم ميشيل .. ويستطرد أبو العلاء : كنت قريبا من موقع الحدث ، وعملت على حمايته ، وابعاده إلى زاوية الملعب ، والتصدي للمهاجمين .. والحمد لله تم تأمين سلامة الحكم ، وللأمانة لم أكن أعلم أن سيادة الفريق أبو رامي يحضر اللقاء ، قبل أن ينزل إلى أرضية الملعب ، ويطمئن على الحكم ، وبعد نهاية الدوري تفاجأت بتكريم شخصي لي من قبل رئيس الاتحاد على هذه الحادثة.
بداية أبو هشام
ومن القصص التي لا ينساها المدافع السابق صلاح الجعبري ما حصل في أيامه الأولى مع الشباب ، وذلك قبل مباراة لأبي هشام مع شباب الخليل على ملعب المطران في القدس ، أمام فريق الجمعية YMCA ، بعد عودة الفريق من فرنسا ، يقول الجعبري : يومها كنت سأذهب مع أصدقائي في رحلة ، وألغيتها بسبب المباراة ، فقال لي أصدقائي : إن حاتم صلاح لن يشركك في المباراة ، فقلت لهم : يمكن ألعب عشر دقائق ، و شاءت الظروف أن أشارك في المباراة من أول دقيقة ، بالنظر لغياب اللاعبين رضوان زيادة رحمه الله ، ونايف ناصر الدين ، وخالد العويوي ، وكانت مباراة النجومية بالنسبة لي .
فضيحة المونديال
ويدخل في خانة غرائب كرة القدم ما يحاك في كواليس الملاعب من مؤامرات خسيسة ، تدين المشارين في سيناريوهاتها ، ولعل من أبرزها ما حدث في مونديال اسبانيا 1982 من تواطؤ غير رياضي بين الجارتين ألمانيا والنمسا لاخراج الجزائر ، حيث لُعبت مباراة المانيا والنمسا بعد إنهاء الجزائر لمبارياتها ، بالفوز على المانيا وتشيلي، والخسارة من النمسا ، وكانت النتيجة الوحيدة ، التي تضمن صعود المنتخبين للدور الثاني وتقصي الجزائر فوز المانيا بهدف .. وبالفعل أخذت ألمانيا المبادرة بعد عشر دقائق ، وأحرزت الهدف المطلوب ، ليتوقف الفريقان عن اللعب الحقيقي ، ويسود اللعب السلبي ، وأدت النتيجة إلى لعب المانيا النهائي أمام ايطاليا ، التي فازت بالكأس الغالي ، رغم تعادلها في ثلاث مباريات في الدور الأول ، مثل الكاميرون ، التي تعادلت أيضا في ثلاث مباريات ، ولكنها عادت من المونديال مكسورة الجناح ، ومن يومها قررت الفيفا لعب مباريات المرحلة الأخيرة للجولة الأولى في التوقيت نفسه .
شيخ في الملعب
وشهد مونديال إسبانيا حادثة أكثر طرافة ، عندما نزل المرحوم الشيخ فهد الأحمد الصباح إلى الملعب ، طالبا إلغاء هدف فرنسا على الكويت ، ليصبح الأحمد أول شخصية تلغي هدفا في كأس العالم ، مما أثار الجدل في جميع وسائل الإعلام العالمية ، وسُجلت الواقعة بأنها كتدخل سياسي على أرض الملعب ، وقام الحكم السوفييتي فعلاً بإلغاء الهدف الذي سجله "آلان جيريس"، وعلى أثرها تم حرمان هذا الحكم من التحكيم مدى الحياة، وانتهت المباراة بفوز فرنسا 4-1 بهدف يتيم للكويت سجله البلوشي من خارج منطقة الجزاء.
ديربي السنسال
ومن طرائف الدوري في اورغواي ما حصل في لقاء الغريمين بينارول وناسيونال سنة 1991، عندما كان لاعب ناسيونال فالديز - المشهور بارتداء العقد الذهبي في المباريات - يتمركز في منطقة الجزاء للمشاركة في ركنية لفريقه ، فاصطدم بلاعب بينارول جونكالفيس، الذي اصطادته الكاميرا في حالة تلبس ، حيث سرق عقد فالديس ، واخفاه في جوربه ، ولكنّ الشرطة اعتقلته بعد مغادرته غرفة تغيير الملابس ، وتم إيقافه لفترة من الوقت ، ومن يومها يطلق على ديربي أوروجواي لقب "ديربي العقد الذهبي".
ومن الطرائف أيضاً ما حصل في مباراة نوتنغهام فورست على أرضه أمام فريق بريستول سيتي الإنجليزي ، حيث اتضح للحكم أنّ جامع الكرات يبطئ في إعادة الكرة ، فلم يتردد حكم المباراة في طرده ، مسجلاً سابقة مضحكة في كرة القدم .