فقراء غزة يتابعون كأس العالم أمام الشاشات الصغيرة
غزة- أحمد المشهراويّ / يدفع الفقر وانتشار البطالة وانقطاع فرص العمل الذي سببه الحصار الإسرائيليّ المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً المواطنين الفلسطينيين لابتكار طرق جديدة وأقل تكلفةً، لمتابعة متعة مونديال كأس العالم التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة منذ 20 من شهر تشرين ثانٍ الماضي، وكذلك لمشاهدة منتخباتهم المشاركة التي يعشقونها، ونجوم الساحرة المستديرة من الفرق العالمية والعربية.
سعادة وسط الحرمان
ويجلس المواطن فضل إبراهيم السكنيّ "43 عاماً" برفقة أبنائه الأربعة أمام شاشة تلفزيون صغير ابتاعه من قسم الخردوات في سوق فراس التاريخيّ وسط غزة يلتقط بث المباريات بصعوبة، ولكنه يشعر بالسعادة الغامرة وهو يرقب نتائج المباريات المتتالية. ويقول فضل الذي يقيم بمنزل لا يتعدى 60 متراً في حي التفاح الشعبيّ الأكثر فقراً والمسقوف بالزينكو: أنا سعيد جداً رغم بساطة المكان من حولي، فمع قدوم الساعة الخامسة يلتف حولي أبنائي وأبناء أخوتي والجيران، لمتابعة المباريات في سهرة تحت ضوء القمر تمتد إلى منتصف الليلي يرتشفون الشاي المطهي على النار.
ويشير إلى أنّ سعادته تكمن بوجود أطفاله من حوله سعداء، وبعيدين عن الصخب والضجة، ودون أن يتكلف بأي مصروفات تثقل على ما يتقاضاه يومياً بنحو 25 شيكلاً في عمل العتالة.
كأس العالم فرحة الفقراء
وفي صالة أخرى داخل منزل في مخيم الشاطئ للاجئين، تجتمع عائلة المواطن أمجد الهسي الذي يعمل في الصيد وأقاربه، لمتابعة مباريات المونديال أمام الشاشة الصغيرة، بين أولاده وزوجته ووالديه.
وأنهى أمجد الدراسة الجامعية في كلية الاقتصاد، لكنه لم يجد حتّى الآن فرصة للتوظيف، ويقول: كأس العالم فرحة الفقراء الذين يعيشون قسوة الحياة، الذين يجدون في منتخباتهم ونجومهم متنفّسهم وبلسماً لمعاناتهم.
ويضيف: نمضي يومنا كادحين في أعمالنا الصعبة والمرهقة لكسب قوت أطفالنا، لكننا عندما نجلس معهم نرتشف أكواب الشاي أو تناول المسليات البسيطة، نستطيع أن ننسى التعب والمعاناة التي رافقتنا طوال اليوم.
الكرة تنسيهم متاعبهم وترسم ضحكاتهم
ويقول الإعلامي لؤي رجب إنّ هؤلاء الفقراء والمحرومين ينسون متابعهم عندما يرقبون تنقلات الكرة بين أقدام اللاعبين.. الكرة ترسم ضحكاتهم ومعها يتناسون واقعهم المحيط، فتجدهم يهيمون بنجومهم ويسبحون في فضاء الكرة، حيث كل شيء بسيط هو جميل حولهم، بل إنّ يعتقدون أنّ الكرة وجدت لهم، حث خرجت الأحياء الفقيرة في المخيمات والبلدات المعوزة نجوم الساحرة المستديرة، وأبطال الجلد المنفوخ.
وختاماً فإن نقل أخبار الأغنياء وصورهم أمام الشاشات العملاقة هو أمر طبيعي، إلّا أنّ نقل أحاسيس الفقراء وفرحتهم هو الموعد المنتظر، لأنّهم الأكثر إعجاباً، والأروع تعبيراً، كونهم لا يستطيعون متابعة المونديال في أرض الحدث، بينما يلتقون على البساطة والحبّ والدفء العائليّ.