"الصخرة" صلاح عليان.. دبلوماسي من الملاعب
الخليل- كتب فايز نصّار/ العامل المشترك بين النادي الأهلي الأردني، والنادي العربي الفلسطيني، أن كلاهما يمثل مدرسة للفن الكروي الأصيل ، ومن جنباتهما عرف الشارع الرياضي على دفتي النهر القديم كثيراً من نجوم الكرة ، الذين لا يشق لهم غبار.
وفي الناديين العريقين تألق الفارس الصفافي صلاح عليان، الذي برز كمدافع صلب في العربي المقدسي ، حيث لعب إلى جانب عبد خليل ، ويوسف عبد ربه ، ومحمد سلمان ، وموسى اسماعيل ، ومحمد السلال ، قبل لعبه للأهلي العمّاني مطلع الثمانينات ، ليبرز بين نخبة من النشامى ، يتقدمهم حسونة يدج ، وسمير مواليد ، وعلي بلال ، وعيسى الترك ، وجميل عبد المنعم ، وأحمد خليل ، ونهاد صوقار.
وكان انتقال صلاح عليان للأهلي الأردني مادة دسمة للصحافة الأردنية ، التي ترصد كل كبيرة وصغيرة في حياة أندية المقدمة، ومنها العريق الأهلي ، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من نيل الكأس الملكي ، لولا غلطة الشاطر صلاح ، التي استغلها الأسمراني غسان .
ولم تتوقف نجومية صلاح الصفافي عند الرياضة الأكثر شعبية ، وراح يصنع لنفسه أمجاداً أخرى في كرة اليد ، والكرة الطائرة ، من خلال الفريق الجامعي في بيرزيت ، وعبر أندية البيرة والأمعري والعربي.
وصنع صلاح لنفسه مجداً أكثر أهمية ، بتقلده أرفع المناصب في السلطة الفلسطينية ، وتكفله بمهمة الأمين العام لمجلس الوزراء ردحاً من الزمن، إلى جانب كثير من المناصب الأخرى.
بدبلوماسية تفاعل أبو الأمير مع مبادرتي ، وبحرفية أنجز المطلوب، وبإبداع رصد معي أهم محطات تألقه في الملاعب على دفتي النهر المقدس.
- اسمي صلاح يوسف عليان عليان من مواليد القدس يوم 17/4/1957، أحمل بكالوريوس إدارة أعمال واقتصاد من جامعة بيرزيت ، وماجستير إدارة مالية من الولايات المتحدة الأمريكية .. تشرفت بتقلد العديد من المناصب في منظمة التحرير الفلسطينية ، وفي السلطة الوطنية الفلسطينية ، أهمها مدير مكتب رئيس الدائرة الاقتصادية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومدير مكتب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، ومدير مكتب رئيس الوزراء ، وعملت في رئاسة الوزراء لمدة ستة عشر عاما ، كان آخرها تولي منصب أمين عام مجلس الوزراء بدرجة وزير حتى عام 2019.
- كانت بدايتي مع كرة القدم ضمن فريق النهضة في بيت صفافا ، وهو فريق للأشبال أنشئ في القرية المقدسية ، قبل انضمامي لناشئي النادي العربي سنة 1972، ثم إلى الفريق الأول سنة 1974 حتى سنة 1981، حيث حصلت مع النادي على كأس جريدة الفجر ، لبطولة أندية الضفة الغربية عام 1976، وتم اختياري للعب في صفوف منتخب النجوم عرب 48 في مباراته أمام فريق مكابي نتانيا ، الحائز على بطولة الدوري "الإسرائيلي " سنة 1977 إلى جانب اللاعبين النجوم رفعت ترك ، وعلي عثمان ... وغيرهم.
وتشرفت بقيادة فريق جامعة بيرزيت خلال الأعوام 1977-1981، وحصلت معه على بطولة جامعات الضفة الغربية ، خلال السنوات الأربع المذكورة ، إلى جانب اللعب ضد فريق جامعة الكويت عام 1977.
أبدى نادي شباب الخليل رغبته بالحصول على خدماتي والانتقال للعب مع فريق النادي ، ولكن الجهود لم تنجح إخلاصا مني للنادي العربي الذي نشأت فيه ، وعدم رغبتي باللعب لنادي آخر في الضفة الغربية ، وانتقالي للعب للنادي الأهلي الأردني.
بعد ذلك انتقلت للعب في صفوف النادي الأهلي الأردني، في الفترة من 1981 حتى 1983، ووصلت معه إلى المباراة النهائية لكأس الأردن سنة 1983، والتي خسرناها أمام نادي الوحدات.
إلى جانب كرة القدم مارست لعبة كرة اليد، وكنت قائد فريق جامعة بيرزيت خلال الأعوام 1977-1981، وحزت معه على بطولة جامعات الضفة الغربية خلال الأعوام 1980-1981، كما لعبت في صفوف فريق كرة اليد لمؤسسة شباب البيرة ، وحزت معه على جائزة أحسن لاعب في بطولة الضفة الغربية التي أقيمت عام 1980، إضافة إلى لعبي مع فريق النادي العربي بيت صفافا لكرة اليد ، والذي كان يتم تشكيله موسميا عند تنظيم البطولات.
وإلى جانب كرتي القدم واليدّ مارست الكرة الطائرة ، وكنت رئيس فريق جامعة بيرزيت خلال الأعوام 1977-1981، وحصلت معه على بطولة جامعات الضفة الغربية خلال الأعوام المذكورة ، ولعبت في صفوف فريق النادي العربي بيت صفافا للكرة الطائرة ، والذي كان يتم تشكيله موسميا.
أكثر مدرب له فضل عليّ في كرة القدم داود متولي ، وإبراهيم جناح ، وعلي عثمان مع النادي العربي بيت صفافا، وحسونة يدج مع النادي الأهلي الأردني، والمدرب كمال شمشوم في لعبتي كرة اليد ، والكرة الطائرة بجامعة بيرزيت.
لعبت كرة القدم للنادي العربي بيت صفافا ، وللنادي الأهلي الأردني ، ولعبت كرة اليدّ في مؤسسة البيرة ، والنادي العربي ، ولعبت الكرة الطائرة في مركز الأمعري ، والنادي العربي .
أفضل تشكيلة لعبت معها في العربي تضم عبد خليل ، ويوسف عبدربه ، وعمر صالح (أبو طافش) ، ومحمد سلمان (كندوح) ، ومحمد يوسف عليان ، وكمال صبحي ، وعارف عزات ، وإبراهيم حسين ، وموسى إسماعيل ، وموسى عليان (بولاريس) ، ومحمد السلال.
مثلي الأعلى في الملاعب موسى الطوباسي ، وخارج الملاعب والدي المرحوم يوسف عليان.
كنت أخشى المهاجم موسى الطوباسي ، والمهاجم سامر بركات ، وكنت أتفاهم في خط الدفاع مع يوسف عبد ربة.
أرى أنّ التنافس بين الأندية في القدس ، يساهم في النهوض بالرياضة المقدسية ، وكم كنت أتمنى رؤية فريق واحد يمثل المدينة المقدسة ، ليجمع مهارات جميع أبنائها في فريق واحد ، يكون له شأن كبير على مستوى الوطن والخارج ، ويساهم في رفع اسم القدس في المحافل الدولية.
معروف أنّ النادي العربي بيت صفافا ، كان من الفرق التي لعبت كرة عصرية ، تمتع الجمهور بمشاهدتها ، وكانت كلّ الفرق تحسب حسابه ، وكما تعلم ففي السبعينات وبداية الثمانينات كان اللاعبون يدفعون من جيبوهم الخاصة من أجل لعب كرة القدم ، وكان جميع لاعبي فريق النادي العربي من القرية نفسها ، يلعبون بكل حماس من أجل الفوز، ورفع اسم القرية الصغيرة عالياً أمام فرق كبيرة ، وتوج تألق العربي بالفوز ببطولة كأس جريدة الفجر لأندية الضفة الغربية عام 1977، ولكن بعد أن بدأ اللاعبون بممارسة كرة القدم من أجل المال ، ونظراً لإمكانيات النادي المادية البسيطة ، انتقل العديد من نجوم النادي العربي للعب لفرق أخرى ، مما أثر على مستوى الفريق ونتائجه.
أعتقد انّ أفضل نجوم دوري الضفة الذين لعبت معهم ومقابلهم ، موسى الطوباسي ، وسامر بركات ، وموسى إسماعيل ، وإبراهيم حسين ، وحاتم صلاح ، ونقولا زرينة ، وعمر موسى ، ورزق الشاعر ، عارف عوفي ، ويوسف حمدان (سنو) ، وموسى شاكر ، والراحل ماجد أبو خالد ، وإبراهيم نجم.
أمّا أفضل نجوم القطاع الذين لعبت مقابلهم فناجي عجور ، وإسماعيل المصري (أبو السباع) ، وزكريا مهدي ، وغسان بلعاوي.
كان فريق أرثوذكسي بيت جالا مدرسة كروية ، وكان من الفرق العريقة المتميزة والرائعة ، وضمّ في صفوفه مجموعة من أبرز اللاعبين على مستوى الوطن ، مثل عمر موسى ، ونقولا زرينة ، والحارس خليل بطاح ، ورزق الشاعر، وحسين ظاهر ، بقيادة المدرب الكبير الأستاذ المرحوم أمين زيت ، والإداري المتميز المرحوم جورج قسيس.
- أهم إنجازاتي الفوز مع النادي العربي بيت صفافا ببطولة كأس جريدة الفجر لأندية الضفة الغربية عام 1977، والوصول مع النادي الأهلي الأردني إلى المباراة النهائية لكأس الأردن أمام نادي الوحدات عام 1983، والفوز مع جامعة بير زيت بالعديد من بطولات الجامعات الفلسطينية بكرة القدم واليد والطائرة.
- بصراحة لا أتابع مباريات الدوري ، ولكني أتابع مباريات المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم ، والذي أتمنى له التقدم والنجاح ، رغم الظروف التي نعيشها ، والمعيقات الكثيرة التي تواجه الفدائي ، والتي تحول دون تطوره رغم وجود الكثير من النجوم.
- لاعبي المفضل محلياً " سابقا " موسى الطوباسي ، و" حاليا " عبد اللطيف البهداري ، وعربياً مدافع المنتخب الجزائري جمال بن العمري ، ودوليا رونالدو.
- مدربي المفضل محلياً عبد الناصر بركات ، وعربياً مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي ، ودولياً زين الدين زيدان .
لقد لعب الاعلام الرياضي المكتوب منذ فترة السبعينات دورا مهما في النهوض بالرياضة الفلسطينية بشكل عام من خلال كوكبة من المعلقين الرياضيين في الصحف اليومية الثلاث في ذلك الوقت ، وهي القدس والفجر والشعب ، وتطور الإعلام الرياضي الفلسطيني مع إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994 ، من خلال تلفزيون وإذاعة صوت فلسطين ، والعديد من محطات التلفزة والاذاعات المحلية ، التي برز فيها عدد من المعلقين المتميزين ، بالتزامن مع إنشاء الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وانضمام فلسطين الى الاتحاد الدولي لكرة القدم ، وتنظيم الدوري الفلسطيني لكرة القدم ، وبدء مشاركة الفرق الفلسطينية والمنتخب الوطني في المنافسات القارية والدولية، والفضل في كل ذلك يعود إلى الجهود ، التي قادها الفريق جبريل الرجوب منذ ترؤسه للمجلس الأعلى للشباب والرياضة ، وللاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وللجنة الأولمبية الفلسطينية ، وكلّ هذه الإنجازات ساهم الإعلام الفلسطيني في تغطيتها ، ونقلها للمشاهد الفلسطيني ، بمعلقين متميزين مما ساهم في زيادة الاهتمام الشعبي بالرياضة الفلسطينية بشكل عام وفي تطورها.
المدرب علي عثمان كان لاعباً عملاقاً ، وكان يمكن أن يكون من أبرز المدربين على مستوى الوطن.
- يملك موسى إسماعيل مهارات فنية رائعة ، ولو كان لاعبا في الزمن الحالي ، لكان من أبرز النجوم.
- كنت ألعب مع الحارس عبد خليل بكل ثقة ، لأني أعرف أنّ خلفي حارس عملاق.
- النجم رفعت الترك لاعب بمستوى عالمي.
- المدرب الراحل عزمي نصار - رحمة الله عليه - كان مثالا للاعب الفنان ، والمدرب الناجح.
من الطرائف التي حصلت معي في الملاعب ، الأولى مع الحكم احمد الناجي من الخليل ، في مباراة النادي العربي بيت صفافا ونادي سلوان ، حيث قام لاعب نادي سلوان جمال القاق بالتحايل على الحكم والوقوع أرضا، والايحاء للحكم بأنني قمت بعرقلته ، فسارع إلى اشهار البطاقة الحمراء لي ، فأخذتها من يد الحكم وقمت بتمزيقها، فتم طردي إلا أننا في نفس الليلة توجهنا إلى الخليل واعتذرت للحكم ، وتم تسوية الأمر كي لا يرفع تقريرا إلى رابطة الأندية بالحادثة.
أمّا الحادثة الثانية فكانت مع النادي الأهلي الأردني ، في المباراة النهائية لكأس الأردن عام 1983 ضد فريق نادي الوحدات، على ستاد عمان الدولي ، وتحت رعاية الراحل الملك الحسين ، حيث كنت مكلفاً بمراقبة مهاجم الوحدات غسان جمعة ، وقمت بالمهمة بنجاح طيلة 83 دقيقة من المباراة ، وفي الدقيقة ال 83 ، ونظرا لعدم قدرته على التحرك ، بسبب محاصرتي له قام بضربي بكوعه على البطن ، دون أي كرة مشتركة بيننا ، فسارعت إلى لكمه على وجهه ، فوقع أرضا ليشاهده الحكم حسين سليمان ملقى على الأرض، وأنا أقرب اللاعبين إليه، فسارع إلى إشهار البطاقة الحمراء لي وطردي، رغم عدم رؤيته للحادثة، وعدم وجود كاميرا يمكن الرجوع اليها، وبعدها بدقيقة سجل غسان جمعة هدف الفوز لفريق الوحدات.
أخيراً أقول للاعبين: إنّ الاخلاق والتواضع، والجهد المتواصل، والصبر والانتماء الصادق، واللعب بكل رجولة وحماس، تؤدي إلى رفع مستوياتكم، والوصول إلى ما تصبون اليه.