شريط الأخبار

ماجد أسعد.. أيقونة رابطة الأندية الرياضية في الضفة الغربية

ماجد أسعد.. أيقونة رابطة الأندية الرياضية في الضفة الغربية
بال سبورت :  

الخليل- كتب فايز نصّار/ شكل تأسيس رابطة الأندية الرياضية منتصف السبعينات محطة هامة في تاريخ الرياضة الفلسطينية ، وكان ثمرة جهود خلاقة بذلها قادة الحركة الرياضية الفلسطينية في الضفة ، وفي مقدمتهم المرحوم الحاج ماجد أسعد .

وتروي سجلات الرياضة الفلسطينية الإنجازات الرائدة ، التي حققتها رابطة الأندية ، وعلى رأسها أمين السر أبو أسعد ، الذي عمل بصمت المجاهدين ، وخطط بحيوية الأوفياء الصادقين ، ونفذ المهام بهمة الرجال الطامحين ، معتمداً على القدرات الخلاقة لشبابنا الخيرين ، وعرف عن الحاج ماجد الصدق في العمل ، والسهر لتحقيق الإنجازات ، والايمان المطلق بأنّ الرياضة تضحية وعطاء ، ومحبة وانتماء .

ولد المرحوم ماجد أسعد سنة 1933 في البيرة ، التي نشأ فيها ، وتلقى تعليمه في مدراسها ، قبل أن يصبح معلماً ساهم في تربية الأجيال .. وبعد عدوان 1967 أصبح أبو اسعد رئيساً لقسم شؤون الموظفين في رام الله ، وبقي في هذا المنصب حتى تقاعد ، وتحول للعمل كرئيس لقسم شؤون الموظفين في الكلية العصرية .

وأحب المرحوم أبو أسعد الرياضة منذ صغره ، واختار منذ البداية العمل في المجال الإداري ، فظهرت نجاحاته مع مجموعة البيرة الأولى ، التي تأسست سنة 1964 ، وأصبح عنصراً هاماً بعد اندماج المجموعة مع أهلي البيرة ضمن مؤسسة شباب البيرة ، التي قادها لكثير من الإنجازات المختلفة .

وساهم أبو اسعد في تأسيس اتحاد الاندية العربية في الضفة سنة 1968 ، وكان له دور في نجاح دوري الاتحاد ، الذي توجت به مجموعة البيرة ، متقدمة على نادي سلوان ، وأصبح أحد الرواد الذين أسسوا رابطة الأندية الرياضية لوسط وجنوب الضفة سنة 1975 ، قبل توسع دائرتها لتشمل محافظات الشمال سنة 1980 .

وتميز المرحوم ماجد أسعد عن غيره بالكريزما القيادية ، التي تتعامل مختلف الأمور بحكمة ، وتعالج المستجدات بهمة القائد المحنك ، والإنسان الذي يعرف كيف يحشد الجميع حول أهمية دور الرياضة في المشروع الوطني ، لذلك توافق زملاؤه على تعينه كأمين سر للرابطة حتى وفاته .

وأسس المرحوم ماجد أسعد قواعد النظم الرياضية لرابطة الأندية ، ولجانها اللوائية ، وساهم في وضع أنظمة ولوائح البطولات ، والمسابقات الرياضية المختلفة ، مولياً الكوادر الرياضية اهتماماً خاصاً ، كونهم الجنود ، الذين يحولون الأحلام إلى حقائق ميداينه ، فكان رحمه الله – يعمل على الاستفادة من جميع الكفاءات في مجالات الإدارة والتدريب ، والتحكيم ، والإعلام ، والطب الرياضي ، ووصل اهتمامه إلى الجمهور ، الذي يعتبر فاكهة الملاعب .

وكان أبو أسعد شعلة من النشاط والحيوية ، حريصاً على متابعة جميع المنافسات الرياضية عن قرب ، متسلحاً بالحماسة التي لا حدود لها ، مؤكداً في كل أعماله أن حواجز الامكانيات والظروف لا يجب أن تقف في طريق الطموحات الكبيرة ، والهمم العالية .

وكان - رحمه الله - يرى أنّ خصوصية الحالة الفلسطينية تضاعف المسؤولية ، وتختبر همة الشباب ، ممن أثبوا أنهم مؤهلون لحملة رسالة الرياضة ، وهذا مؤشر على فاعلية شبابنا ، وسيرهم بخطى ثابتة نحو الهدف المنشود ، لأنّ الرابطة – كما كان يردد دائما – تسير بقوة الشعب ، وطموحات الرياضيين في تحقيق الإنجازات ، بما اقتضى تركيز المرحوم على نشر الوعي ، والعمل على مشاركة الجميع في العمل الرياضي .

وحتى تتوسع دائرة الإنجاز حرص أبو أسعد على تطوير الأفكار والمناهج ، التي تجسد الأهداف النبيلة في الميادين ، من خلال فعاليات رياضية مشتركة ، يشارك فيها الجميع ، وتشمل المحافظات الجنوبية ، من خلال التنسيق الفعال مع رابطة الأندية في القطاع .

وعرف عن المرحوم ماجد أسعد الحكمة وسعة الصدر ، بما أهله للمساهمة في حلّ كثير من النزاعات ، التي كانت تحصل هنا وهناك ، ومنها ما حصل بين المركز والثقافي ، وبين هلال وشباب أريحا ، وبين الشباب والعربي ، وما يتعلق بمشاكل الأندية ، كما حصل في موضوع حطين والجمعية ، إضافة إلى متابعته الملفات الهامة ، مثل ملف ملعب المطران ، مع متابعة حثيثة للمختلف لجان الرابطة ، وخاصة لجنة المسابقات .

ولكن ذلك لم يكن يمنعه من التوافق مع زملائه في الرابطة على اتخاذ أصعب القرارات ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالصرامة والحزم في معالجة محاولات الخروج عن نظم ولوائح الرابطة ، وقد ظهر هذا جلياً في موافقته على تجميد أندية الموظفين ، وبيت جالا ، وبيت ساحور والسريان سنة 1978 ، ومعاقبة حطين بقسوة سنة 1986 .

وكان الماجد يحب توزيع الأدوار بين الجميع ، مع مراقبة التنفيذ عن قرب ، وظهرت لمساته في لقاء فرنسا فلسطين على ملعب أريحا سنة 1993 ، حيث كان مايسترو اللقاء ، وحمل على أكتافه تفاصيل المباراة التاريخية ، التي فتحت الأبواب أمام الإنجازات التي توالت لاحقاً ، ضمن سنة الحياة ، التي قوامها غرسوا فأكلنا ، ونغرس فيأكلون .

وظهرت لمسات الأسعد في العلاقة مع الفدرالية العمالية الفرنسية ، التي زارت وفودها البلاد عدة مرات ، وكان على رأس وفد الرابطة ، الذي زار فرنسا لمتابعة التنسيق بين الطرفين ، ناهيك عن مشاركته في العديد من المؤتمرات ، والندوات الرياضية في الداخل والخارج .

ونجح أبو اسعد وصحبه الكرام في تحويل رابطة الأندية إلى ما يشبه وزارة للشباب والرياضة ، تعمل في ظل الاحتلال الغاشم ، فحققت الرابطة الكثير من الإنجازات الملموسة ، التي مثلت الفترة الذهبية في تاريخ الرياضة الفلسطينية .

وشارك المرحوم ماجد أسعد في تأسيس رابطة الأندية الرياضة في الاجتماع الأول ، الذي عقد في نادي الموظفين يوم 30 تشرين أول 1975 ، وتوافق الحاضرون يومها على تسمية الرابطة حتى لم يتطلب الأمر رخصة من الاحتلال ، وتمّ تكليف الرجل بأمانة سرّ الرابطة من قبل زملائه الأعضاء ريمون زبانة ، وأحمد عديلة ، ورجب شاهين ، وابراهيم الحسيني ، وجورج قسيس ، وخليل الحسيني ، ونجح هذا المجلس في تنظيم بطولة الدوري سنتي 1977 ، و1978 ، وبطولة الكأس سنة 1979 .

وأصبح أبو أسعد أميناً لسر رابطة الأندية الموحدة عندما انضمت لها أندية الشمال ، بعد بيان أريحا في الأول من شباط سنة 1980، وبقي في هذا المنصب حتى وفاته يوم 29 أيار سنة 1994 عندما كان يؤدي فريضة الحج .

وخلال هذه الفترة قاد أبو أسعد الرابطة لكثير من الانجازات ، من أهمها تنظيم بطولة الدوري سنوات 1982 ، و1984 ، و1986 ، وبطولة الكأس سنوات 1981 ، و1983 ، و1985 ، و1987 ، و1994 .

وساهم الأسعد في التحضير ليوم الشهداء الرياضي ، الذي شهد إجراء ثماني مباريات تأبينية لشهداء فلسطين جمعت تفاهمات الأندية في مختلف المحافظات ، ولكن القدر لم يمهل الرجل لحضور هذه الفعالية التاريخية ، رغم أنّه كان حاضراً في الكلمة الموحدة التي القيت في جميع الملاعب ، والتي كتبها بخط يده قبل سفره للديار الحجازية .

وبعد سماع خبر وفاة المرحوم ماجد أسعد عمّ الحزن الأسرة الرياضية الفلسطينية ، فعُلقت جميع الفعاليات الرياضية ، وأقيم للمرحوم بيت عزاء في مؤسسة البيرة يوم الثالث من حزيران ، وتسابق الرياضيون على رثائه ، وتعداد مكارمه الرياضية ، وكان من بين من رثوه في الصحف معمر بسيسو ، وراسم يونس ، ورجب شاهين ، وداود متولي ، وابراهيم ملحم.. وغيرهم ، ثم نظمت الرابطة حفل تكريم حاشد للراحل الكبير ، وأشرفت على تنظيمه لجنة شكلتها الرابطة ، وتكونت من أمين السر بالنيابة عرسان ابراهيم ، وخليل الحسيني ، وحميدان مراغة ، ومحمد النادي ، وبسام الكيلاني ، وجورج غطاس.

وبلغ تكريم الراحل ماجد أسعد ذروته بإطلاق اسمه على القاعة الرياضية ، التي بنيت قرب مقر مؤسسة شباب البيرة ، ثم أطلق اسمه على ملعب كرة القدم المعشب ، الذي أصبح يحمل اسم ستاد ماجد أسعد ، لتتحول المنطقة إلى ما يشبه القرية الرياضية بعد بناء أكاديمية جوزيف بلاتر بجانب الملعب الكبير .

مواضيع قد تهمك