"أبو الكباتن" أحمد سالم سفير الكرة الفلسطيينة في الملاعب المصرية
الخليل- كتب فايز نصّار/ انفتحت بلادنا على سيناء المصرية بعد عدوان 67 ، وأصبح بامكان الواحد منا الوصول إلى مشارف قناة السويس ، فساقتني المقادير إلى شواطيء العريش المصرية ، في رحلة مدرسية ، كان المسؤول عنا فيها الأستاذ الراحل الحاج محمد الناجي .
واستفادت الحركة الرياضية من هذه الوضعية ، وحاول أبناء سيناء التواصل مع أشقائهم في الضفة والقطاع ، من خلال مباريات كروية ، كان لي شرف حضور احداها على ملعب الحسين بالخليل ، عندما حضر هلال العريش المصري لملاقاة شباب الخليل ، في عشية رمضانية صفق فيها الخلايلة لسفراء أمّ الكنانة .
وكان ضمن الكتيبة السيناوية يومها أبو الكابتن أحمد سالم ، سليسل رفح الفلسطينية ، الذي ترك أفضل البصمات الرياضية في الملاعب المصرية ، وتألق كلاعب، ومدرب ، وحكم ، فصفق له الخيرون ، وهتفوا له ، ولفلسطين التي أنجبته .
واستغل وزير دفاع الملاعب مواقعه الرياضية في الجارة الجنوبية ، وساهم في توطيد العلاقات الرياضية بين مصر وفلسطين ، من خلال تبادل للزيارات بين الأندية الفلسطينية والسيناوية ، قبل وبعد اتفاقيات السلام ، التي أثارت جدلاً كبيراً بين الرياضيين ، وغير الرياضيين .
وكان " الدكتور" أبو سالم في طليعة مستقبلي فريق تفاهم نجوم غزة ، الذي لعب مباراتين في سيناء ، في طريقه للمشاركة في البطولة العربية باسم شباب رفح ، كما كان على رأس وفد فريق نجمة سيناء ، الذي لعب في غزة ، وحظي باستقبال حافل من الرئيس الراحل أبو عمار ، ونال شرف الصلاة في أولى القبلتين .
ويبدو أبو الكباتن مثيراً للفضول الرياضي ، لأنّك تريد أن تعرف منه كلّ تفاصيل قصته الرياضية ، على إعتبار أنك لا تدري إن كان صاحبنا قد تألق أكثر كلاعب ، أو كمدرب ، أو كحكم ، في حكاية تألق لا تنتهي ، أتركه يحدثكم بشيء من فصولها في هذا اللقاء .
- اسمي أحمد سالم أحمد عثمان " أبو سالم " من مواليد رفح يوم 5/9/ 1956، أطلق المتابعون عليّ العديد من الألقاب ، من بينها وزير الدفاع كلاعب ، وأبو الكباتن ، وجوهري سيناء كمدرب ، والامبرطور ، والدكتاتور كحكم ، وحالياً أناممثل مصر في الاتحاد العربي لقدامي لاعبي كرة القدم .
- منذ البداية تربيت في محيط يتنفس كرة القدم ، لأنّ والدي – يحفظه الله – كان لاعباً في نادي شباب رفح ، قبل انتقالنا إلى العريش المصرية ، حيث لعب لنادي هلال العريش ، ومن حسن حظي انّه كان يصطحبني معه إلى التدريب ، والمباريات ، وبدأت حكايتي الكروية من ملاعب المدرسة ، التي برزت فيها موهبتي ، ولعبت ضمن فريقها منذ الصف الرابع ، ثم مع منتخب المرحلتين الاعدادية ، والثانوية ، حيث كنت كابتن المنتخب .
- وأصبح الحلم حقيقة بانضمامي لأبرز أندية سيناء هلال العريش ، الذي لعبت له أول مباراة بعد التحاقي به بثلاثة أيام فقط ، وذلك في مواجهة نادي غزة الرياضي ، الذي كان يضم الكباتن ماهر حميدة ، واسماعيل المصري ، وناجي عجور ، وزكريا مهدي ، وغسان بلعاوي ، ورزق خيرة .. وغيرهم .
- وبحمد الله أصبحت كابتن الهلال في سنّ الثانية والعشرين ، ولما عادت العريش إلى مصر بعد اتفاقيات السلام سنة 1980 جاء مندوبون من النادي الاسماعيلي ، فوقعت للدراويش ، رغم رغبة الزمالك بضمي قبل التوقيع ، ولكني فضلت الاسماعيلي لأنّ فرصتي معه أفضل ، ومع الاسف الشديد تعرضت لكسر مضاعف في قدمي خلال مباراة تكريمي من قبل الهلال ، بما أبعدني ما يقرب من عامين عن الملاعب ، ولمّا عدت من الإصابة لعبت لمدة عامين ، ثم اعتزلت في سن السابعة والعشرين .
- وخلال مسيرتي كلاعب تشرفت بلعب كثير من المباريات الكبرى ، وبرزت في مباريات أمام فرق مصر المعروفة الأهلي ، والزمالك ، والاسماعيلي ، ومعظم أندية مصر الأخرى ، إضافة إلى منتخبات الجيش ، والشرطة .
- وبعد إعتزالي مباشرة توجهت سنة 1984 إلى سلك التحكيم والتدريب ، لأصبح أول حكم في تاريخ شمال وجنوب سيناء ينضم للجنة الحكام في الاتحاد المصري لكرة القدم ، حيث كنت يومها في الثامنة والعشرين من عمري ، وعملت في مجال التكيم أكثر من عشرين سنة ، متنقلاً بين الدرجات الثالثة ، والثانية ، والأولى ، ولكن فرصة حملي للشارة الدولية كانت صعبة كوني فلسطيني ، ورغم ذلك حكمت ثلاث مباريات دولية بين منتخب سيناء ، ونادي فرنكفورت الألماني ، وبين منتخب فلسطين ، ومنتخب سيناء ، ونادي نجمة سيناء.
- وجاء اعتزالي للتحكيم بعد خلاف حادّ مع الاتحاد المصري لكرة القدم ، ولجنة الحكام المصرية ، على خلفية إدارتي مباراة فرنكفورت على غير رغبتهم ، فتمّ بعد المباراة إيقافي ، ولمّا كتبت الصحافة أنني كنت نجم تلك المبارة ، طلبت لجنة الحكام مني الاعتذار لرفع الايقاف عني ، فرفضت ، وأصريت على الاعتزال ، مكتفياً بالتحكيم في نطاق المحافظة فقط ، لأعمل بعد ذلك في تقييم الحكام لمدة سنتين ، قبل تركي سلك التحيكم نهائياً بعدها .
- أفضل طاقم تحيكمي عملت معه ضم الدولي المرحوم محمود عثمان ، والدولي حسين عيسى ، والدولي مجدي رزق ، والدولي أحمد عبد العزيز ، ومن حكام سيناء سليمان الحج ، ومحمد العلاقمي ، ومدحت السيد ، ومحمد كريم ، وأحمد سستة .
- وكانت أفضل مباراة في مسيرتي مباراة فرنكفورت ومنتخب سيناء ، ومباراة منتخب فلسطين مع منتخب سيناء ، ومباراة الأهلي ونجمة سيناء ، ونهائي تحت 21 سنة بين الاسماعيلي والمصري ، وأعتقد أنّ أفضل اللاعبين الذين حكمت لهم الألماني بيرهوف ، ومن نجوم مصر علاء نبيل ، ومسعد نور ، وحمدي نوح ، وابراهيم حسن ، ومننجوم فلسطين زياد الكرد ، وخالد ابو كويك ، وصائب جندية ، وجمال الحولي ، وأمين عبد العال ..وغيرهم .
- لعل من فضل الله عليّ أنني لم اتعرض خلال مسيرتي التحكيمية لأيّ اعتداء ، وسبب ذلك أنني فرضت شخصيتي منذ البداية ، حتى أطلق عليّ لقب الدكتاتور ، ووصل الأمر إلى أنّه في نهائي كأس المحافظة عمدت إلى إخلاء مدرج كامل من الجماهير بسبب خروجهم عن النصّ ، وشتمهم الحكام ، كما أنني لم أتعرض يوماً لأيّ محاولة لتغيير تقارير المباريات ، التي شاركت فيها .
- بصراحة لم أوثق جميع المباريات التي شاركت في إدارتها ، رغم أنّ عددها يفوق الثمانمائة مباراة في مخلف الدرجات والمستويات .
- مع الأسف لم أتعامل كثيراً مع حكام فلسطين ، وخاصة الاخوة في المحافظات الشمالية ، ولكن بعد لعبي مباراتين في الخليل ، ومرة في الظاهرية كان التحكيم ممتازاً ، ولكن مع الاسف لا اتذكر اسماء هؤلاء الحكام ، أمّا بالنسبة لحكام المحافظات الجنوبية فمن وجهة نظري الخاصة الأفضل بينهم سعيد الحسيني ، وابراهيم المغربي ، وفتحي الزرد ، وعبد الرؤوف السدودي ، وابراهيم ابو العيش ، ومحمود البحيصي ، وناجي ابو عرمانة ، وسعدي سنونو ، وعبد الرحيم بهجت ، ومحمود الجيش ، ومحمد الشخريت ، وايهاب الأغا .
- أرى أنّ أفضل حكم فلسطين حالياً براء أبو عيشة ، وأفضل حكم عربي المصري جهاد جريشة ، والأردني أدهم مخادمة ، وأفضل حكم دولي التركي جنيد شاكير ، ومن الحكام الذين ينتظرهم مستقبل المصري محمد معروف ، والقطري يوسف يعقوب ، والفلسطيني براء أبو عيشة .
- بصراحة حكام زمان كانوا أكثر موهبة ، وأقوى شخصية ، رغم قلة الامكانيات ، ونقص تأمين المباريات ، وفي كثير من الأحيان كانت المبارايات تقام دون وجود للأمن ، ومع ذلك كانت تنتهي بسلام ، أمّا حكام اليوم فتتوفر لهم إمكانيات كبيرة جداً ، ويعملون في ملاعب ممتازة ، وبوجود تقنيات عالية مثل الفار ، ولكن بصراحة اليوم المواهب قليلية ، والتحكيم أصبح للشهرة ، وأكل العيش .
- بحمد الله قضيت أفضل أيامي مع الصافرة ، لذلك لست نادماً على العمل في مجال التحكيم ، الذي حققت في أجوائه ما لم أحققه في مجال اللعب بسبب الإصابة ، وربما أكون نجحت في التحكيم أكثر من التدريب ، رغم عملي كمدير فني لأشهر ناديين في العريش هلال العريش ، ونجمة سيناء .
- وأشير هنا إلى تألقي كلاعب كرة طاولة إلى جانب تألقي كلاعب كرة قدم ، كما أنني عملت مدة طويلة في مجال التدريب ، وكانت لي بصمات مع كثير من الفرق ، أبرزها هلال العريش ، ونجمة سيناء ، الذين عملت كمدير فني لهما .
- وأعتز كثيراً بلعبي الكثير من المباريات مع الأندية الفلسطيينة ، وكانت البداية سنة 1974 ، حيث لعبت في الخليل مع فريق الهلال ، الذي كان معظم لاعبيه من الفريق الرديف ، ويومها خسرنا أمام شباب الخليل 9/3 ، وأذكر أنني سجلت هدفين في تلك المباراة ، فيما لعبت للمرة الثانية أمام شباب الخليل ، وخسرنا بشق الأنفس بهدفين لهدف ، حيث سجل الأخوان حاتم وحازم للشباب ، وسجلت أنا لهلال العريش ، ويومها تالق حارس مرمانا ، الذي عرض عليه اللعب في الضفة ، والدراسة في جامعة بيرزيت ، ولكنه بقي هنا ، ولعب فترة قصيرة في الزمالك ، كما لعبنا مباريات أخرى على ملاعب بيت جالا، وقلقيلية ، ولكن لم تكن لنا مبارياتنا كثيرة مع أندية الضفة بسبب بعد المسافة ، وعدم استطاعتنا تغطية تكاليف المبيت ، كما انّ أندية الضفة لم تكن تلعب عندنا لغياب الملاعب القانونية .
- وفي المقابل كانت لنا كثير من المبارياتالحبية مع أندية قطاع غزة ، لأن المسافة فريبة ، ولا تزيد عن ستين كم بين رفح والعريش ، وكانت أكثر تلك المباريات لفريق هلال العريش ، كما كنت أذهب لغزة كلاعب تعزيز مع فرق سيناء الأخرى النصر ، ونجمة سيناء ، والبادية ، وكنا نستضيف فرق القطاع في مباريات هنا في العريش ، وأبرزها يوم استضفنا نادي أهلي غزة ، الذي فاز علينا 6/4 ، حيث تألق أبناء عجور الأربعة ، وعلى رأسهم الكابتن ناجي ، الذي يعرفه العريشيون جيداً ، وما زالوا يسألوني عن أخباره .
- وبعد قيام السلطة الفلسطيينة كنت مديراً فنياً لفريق نجمة سيناء ، وقمنا سنة 1995 بزيارة إلى غزة ، حيث لعبنا أربع مباريات أمام أندية شباب رفح ، والشاطيء ، وشباب جباليا ، والتفاح ، ويومها استضامنا الرئيس الراحل ياسر عرفات في المنتدى ، وقمنا برحلة لا تنسى للصلاة في المسجد الأقصى .
- كما انّ ليّ ذكريات كثيرة مع أندية قطاع غزة ، حيث لعبت مباراتين كتعزيز مع خدمات رفح أمام رياضي غزة ، واذكر أن واحدة منها استكملت ، فيما توقفت الثانية ، كما اذكر أن هناك لاعبين من الضفة كانا يلعبنان عندنافي العريش ، وهما حسين ونادر درويش ، وبعد عودة سيناء إلى مصر فضلا العودة إلى رام الله .
- ولا أنسى أيضاً اول زيارة لفريق شباب رفح ، الذي كان يضم معظم نجوم قطاع غزة ، حيث عكسر في العريش لمدة أسبوع في طريقه إلى البطولة العربية ، ولعب هنا مباراتين قمت بتحكيمهما امام منتخب سيناء ، ونادي نجمة سيناء ، وكان الفريق الفلسطيني يضم كلاً مناسماعيل الخطيب ، وخالد ابو كويك ، وصائب جنديه ، ونادر النمس ، وزياد الكرد ، ومحمد السويركي ، وجمال الحولي ، واياد الحجار ، وكان أبرز لاعب زياد الكرد.
- ولا بدّ هنا من ذكر حقيقة وصلت إليها من خلال معرفتي بالكرتين المصرية والفلسطينية ، حيث اكتشفت أنّ كثيراً من النجوم الفلسطينيين يقتربون في مستواهم من خيرة نجوم الكرة المصرية ، وخاصة النجمين ناجي عجور ، وحاتم صلاح ، الذين كان بإمكانهما اللعب في أيّ فريق مصري ، وهناك كثير من النجوم الآخرين .. ولا انسى هن النجوم الذين لعبت معهم ، من أمثال فاروق ابو حبيب ، وحسن ابو حبيب ، ومفيد ابو زيد ، ومحمد سبيكه ، والمرحوم وليد الشاعر ، وعبد الله مخيرز ، وعبد الكريم اسعد ، وعمر وسعيد ويوسف أبو عوض .
- مع الأسف الشديد الإعلام الرياضي هنا ملون ، وتأتي تقارير الإعلاميين تبعاً لمساعدة الحكام للفرق التي يوالونها ، فيرفعون من يمشي وفق أهوائهم ، ويهاجمون من من يعتقدون أنه لا يخدم مصالح فرقهم ، وأقسم لك أنّ الاتحاد المصري أسند لي تحكيم نهائي تحت 21 سنة بين الهلال والنجمة ، رغم علم الاتحاد بكوني من نادي الهلال ، ويومها لم يعترض نادي النجمة .
– وخلال مسيرتي الطويلة في الملعب مررت بكثير من المواقف المثيرة والطريفة ، منها يوم كنت بطلاً لكرة الطاولة سنة 1977 ، فجاء فريق كرة الطاولة ، التابع للجمعية الاسلامية ، بقيادة المرحوم الشيخ أحمد ياسين إلى العريش ، فاستعان بي الفريق كلاعب تعزيز ، ففزنا بنتيجة 5/3 ، وفزت أنا على المنافسين الثلاثة ، الذين مثلوا الجمعية ، فطلب منا المرحوم مباراة ردّ في غزة ، وحدد موعد الاستضافة ، الذي تزامن مع نهائي كرة قدم لي مع فريق الهلال ، فاعتذرت عن المشاركة ، فربط الشيخ الجليل اتمام المباراة أو إلغائها بحضوري ، فلعبنا مباراة التنس صباحاً ، وذهبت بسيارة خاصة إلى العريش للعب مع الهلال ، ولكن مع الأسف انحرفت السيارة في حادث بسيط ، بما حال دون أن أستطيع اللحاق بلعبة الهلال ، ويومها أضاع الهلال ركلة جزاء ، لأني كنت المتخصص فيها ، وخسر الهلال البطولة ، وأدى ذلك إلى غضب الجمهور ، الذي أحاط بمنزلي ، وهدفه الانتقام مني لولا لطف الل!
- ومن القصص الأخرى ما حصل عند تحكيمي مباراة بين جامعة العريش ، وجامعة بورسعيد مع مساعدين من الاسماعيلية ، ويومها شاءت الظروف أن لا يحضر المساعدان ، فوافق الطرفان على أن أحكم المباراة وحدي دون مساعدين ، والحمد لله مشت الأمور !
- أخيراً كلّ الشكر والتقدير لك أخي أبو وئام على هذا الجهد المبذول ، للتعريف بنجوم فلسطين في الوطن والشتات ، والتواصل معهم ، وفقك الله ، وسدد خطاك ، وأعانك على النجاح في هذا التوثيق !