شريط الأخبار

. منصور الحاج سعيد اعتلى قمة العرب ، ولامس عرش آسيا وافريقيا

. منصور الحاج سعيد اعتلى قمة العرب ، ولامس عرش آسيا وافريقيا
بال سبورت :   د الخليل - كتب فايز نصار / قبل 72 سنة كانت العصابات الصهيونية تنشر المجازر في كل مكان ، ولم يكن أمام "أم منصور" بعد استشهاد " أبي منصور" في معركة الدفاع عن الأرض ، إلا ترك صفد متجهة شمالاً نحو دمشق ... كان مع أم منصور ثلاثة اطفال ، وكانت حاملا في شهرها التاسع .   الحكاية ليس سيناريو فيلم - يقول المدرب الكبير منصور الحاج سعيد - لأن أمه أخبرته أن المخاض جاءها وسط المسافة بين صفد ودمشق ، فوضعت حملها في الطريق ، بعد قطع حبل الخلاص بحجر ، وأكثر من ذلك فقد تركت النفساء وليدها لأكثر من أربع وعشرين ساعة ، لأنها كانت تحمل طفلين ! إنها بداية حكاية منصور الحاج سعيد ، الذي ولد من رحم النكبة ، وشق طريقه بكبرياء العصامية الفلسطينية ، رافعاً راية الشعب المعذب في الأعالي ، فارضاً نفسه بألمانيا التي نال من جامعتها لايبزغ شهادة الدكتوراه في تدريب كرة القدم ، وفي الإمارات ، التي درب فيها أندية اتحاد كلباء وبانياس ، وفي سوريا ، التي كانت له فيها محطة مع الجيش ، وأخرى مع الوحدة .   أما رحلة النجاح الأبرز لابن صفد فكانت في الجزائر ، حيث أشرف منذ مطلع التسعينات ، على تدريب العديد من الأندية ، حاصلا معها على نتائج جيدة ، بما عزز رصيده من البطولات ، وفي مقدمتها فوز ببطولة أندية العرب ، ووصوله نصف نهائي بطولتي اندية آسيا وأفريقيا !    إنها حكاية منصور الدكتور اليتيم ، الذي عرف كيف يتجاوز عذابات النكبة ، وراح يزرع ملاعب العرب بالفنون الكروية ،صانعاً لنفسه مجداً ، يخفف آلام النكبة القاسية. - اسمي منصور عبد الرؤوف الحاج سعيد " أبو فوزي " ولدت على الطريق بين صفد ودمشق ، في يوم مجهول من أيام سنة 1948 ، بعد استشهاد والدي الذي لا أعرفه في الحرب الفلسطينية ... تخرجت من معهد التربية الرياضية بدمشق ، تخصص كرة قدم ، بعد حصولي على الثانوية العامة عام 1966 ، وكنت تركت دراسة الرياضيات والفيزياء والكيمياء ، للالتحاق بكلية التربية الرياضية . - بدأت لعب كرة القدم منذ الطفولة في شوارع دمشق ، وفي ملعب المزرعة ، الذي أصبح مقر وملعب نادي الوحدة ، وقبله كان لنا فريق شعبي ، يسمى فريق الأسد الهائج .. وبعد انتقال بيتنا إلى جبل قاسيون ، شكلنا فريقاً شعبياً جديداً ، أسميناه فتيان الصالحية ، وحصلت معه سنة 1962 على بطولة الأحياء الشعبية ، التي نظمتها جريدة الأسبوع الرياضي . - في هذه الفترة تأسس نادي فلسطين ، فلعبت له مع فئة الأشبال ، قبل أن يصدر أمرُ بإغلاق النادي ، وتصادف أنّ المرحوم عزت قرشاي - كابتن منتخب سوريا ، ونادي دمشق الأهلي ، المسمى حاليا نادي المجد - كان يبحث عن لاعبين ، فكنت أحد الشباب الذين لعبوا للفريق الأول ، وذلك بعد رحيل فؤاد ابو غيدا ، ومروان كنفاني إلى مصر ، وإبراهيم المغربي إلى اليونان ، وبسبب خلاف بسيط انتقلت إلى نادي قاسيون ، المسمى حاليا نادي الوحدة ، وكان الأصدقاء وبعض وسائل الاعلام يشبهوني بلاعب المانيا القيصر بكينباور. - من اللاعبين الذين لعبوا معي خلال تلك الفترة عادل عيسى ، وغازي منور ، واسماعيل تميم ، ومحمود برادعي ، والمرحوم محمود حصوة ، ونزيه زواوي ، وجمال الخطيب ، وأحمد فستق ، وهذا بين الأندية ومنتخب فلسطين ، وفي منتخب دمشق من الاخوة السوريين المرحوم غسان كزبي ، ورياض أصفهاني ، والمرحوم حسن درويش ، وعبد الرزاق حمصي ، ورياض مصري ، وأعتذر من اللاعبين الذين لعبوا معي ونسيت أسماءهم . - عام 1978 احترفت مع نادي اتحاد كلباء في الامارات ، خلال عملي كمدرس للتربية الرياضية في منطقة بني ياس ، وقتها جاءني نقيب يسمى أحمد خلفان ، وطلب مني المشاركة في تأسيس ناد في المنطقة ، وفعلا أنشأنا نادي بانياس ، وكنت من الذين انتقوا اللاعبين لجميع الأعمار ، وخططت الملاعب بمقاييسها ، وقسمت الفرق لجميع المراحل ، أنا والمرحوم أمين سر النادي أحمد خلفان . - سنة 1985 قررت متابعة التحصيل العلمي في مجال علوم كرة القدم ، بعد مشاركتي في دورة للمدربين بلايبزغ لمدة شهر ، وتم قبولي هناك كأول فلسطيني يتابع دراسته الأكاديمية للماجستير ، لمدة ثلاث سنوات في رياضة كرة القدم ، ونتيجة لتفوقي منحتني المدرسة العليا للثقافة الرياضية بلايبزغ منحة لمتابعة الدكتوراه في كرة القدم ، وكان عنوان البحث " التحمل الخاص من الناحية النظرية والتطبيق العملي ، كأحد الوسائل الرئيسية لتطور لعبة كرة القدم في العالم العربي " ومارست بحوثي في نادي ساكسن لايبزغ ، وعام 1992دافعت عن الدكتوراه ، وعملت في نادي اتحاد برلين ، الذي هو الآن أحد أندية الدرجة الأولى .. ووقتها كانت الدرجة الاولى للهواة . - بعدها تعاقدت مع نادي وفاق سطيف للعمل بالجزائر - وأنت يا فايز تعرف بقية القصة - وكان عملي في الجزائر لسببين ، الأول حب الجزائر ، وانتصارها الرائع والتاريخي على الاستعمار ، والأثر الرائع لمنتخبها عام1982، في بطولة كاس العالم والفوز على المانيا ، والأداء الممتاز في باقي المشوار ، ولا أنسى الموهبة الفذة الآن للرائع رياض محرز . - كان لفلسطين في سوريا كثير من المواهب ، منهم جبرا الزرقا ، وجورج مارديني ، واسماعيل النجار ، وأديب الترك ، وبعدهم أحمد عليان ، وعزمي حداد ، وأحمد طالب تميم ، ويوسف تميم ، وحسام السمري ، وسيف الهندي ، وغازي منور ، ونهاد مناع ، والحارس مروان كنفاني ، وعادل السيد ، والمرحوم محمود حصوة ، وفؤاد أبو غيدا . - عملت مع نادي اونيون برلين ، وهو الآن أحد أندية الدرجة الأولى في المانيا ، ولمّا عرض عليّ نادي وفاق سطيف بالجزائر تدريبه في وقت صعب ، لامني الكثيرون لتركي المانيا ، لكني كنت مقتنعا بأنني يجب أن أضع العلم والمعرفة والخبرة التي اكتسبتها في خدمة عالمنا العربي ... ربما كان قراري خاطئاً ، لكنني كنت مقتنعا به ، وإلى جانب وفاث سطيف الذي دربته عدة مرات ، أشرفت على تدريب أندية شباب قسنطينة ، واتحاد العاصمة ، وأهلي برج بوعريريج ، وأولمبي الشلف ، وشبيبة بجاية ، واتحاد البليدة ، وأمل عين مليلة ، ومولودية العلمة ، وخارج الجزائر دربت نادي المدينة ، ونادي الاخضر الليبيين ، ودربت نادي الوحدة ، ونادي الجيش السوريين ، ولعبت مع الجيش كأس الاتحاد الاسيوي ، ووصلت به لنصف النهائي ، وتركت الفريق بسبب اضطراري للسفر إلى الجزائر ، من أجل العائلة ، ولعب الفريق المباراة النهائية مع نادي الوحدة وفاز بها . - تشرفت بتمثيل منتخب فلسطين من عام 1967 حتى عام 1978، ولعبت في جميع المباريات والدورات العربية في تلك الفترة ، وشاركت في بطولة كاس العرب في ليبيا 1972 ، وكأس القنيطرة في دمشق سنة ، 1974 ، وفي بطولة كأس فلسطين في تونس ، ومثلت منتخب دمشق من عام 1970 حتى احترافي في الامارات بنادي اتحاد كلباء .. وهناك شكلنا فريقاً للجالية الفلسطينية ، حيث فزنا ببطولة الجاليات العربية والاجنبية سنة 1980 ، وكان النهائي مع الجالية المصرية ، وكرمتني سفارتنا ببطاقة طائرة لأوروبا ، وكان السفير وقتها السيد ربحي عوض ، وكنت مدرباً ولاعباً ... كما أنني مثلت منتخب دمشق من عام 1970 وحتى سفري للامارات ، وأفضل المباريات لي مع منتخب دمشق كانت في الصين ، حيث فزنا في بكين بهدف لصفر . - من إنجازاتي الحصول على لقب بطولة الدوري الجزائري مع فريقي اتحاد الشاوية ، واتحاد الحراش الجزائري ، واتحاد الشاوية هذا لم يكن معروفاً ، والفوز مع مولودية وهران بكأس أندية العرب في الإسماعيلية بمصر ، وشارك في هذه البطولة مركز بلاطة الفلسطيني ، وحصلت على الكأس الممتازة مع اتحاد الشاوية أمام شبيبة القبائل ، ووصلت إلى نصف نهائي أبطال افريقيا مع اتحاد الجزائر ، ولعبت نهائي كأس الجزائر مرتين مع مولودية وهران ، ومع اتحاد البليدة ، وللأسف لم نفز فيهما ،إضافة إلى المساهمة في تأسيس جيل وفاق سطيف ، الذي حظي بكأس أبطال العرب مرتين ، وبطولة افريقيا مرة ، كما وصلت مع الجيش السوري إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الآسيوي ...أعتز بكوني فزت ببطولة أندية العرب ، ووصلت نصف نهائي دوري ابطال افريقيا ، وكأس الاتحاد الاسيوي ! - التشكيلة المثالية لمنتخب فلسطين وقتها تلك التي لعبت بالسودان عام 1966 ، وكانت تضم مروان كنفاني ، وفؤاد ابو غيدا ، وحسام السمري ، وعابد بيليه ، وعبد المنعم نعيمي ... وغيرهم . - كان المدرب المرحوم أديب عسكري - مدربي في نادي الوحدة - يكلفني بتدريب الفريق ، عندما يسافر للعمل خارج سوريا ، أو عندما يكون متعبا . - نعم أنا أتابع كل مباريات المنتخب الوطني ، التي تبث عبر الشاشات، إضافة إلى متابعته مباريات الدوري الفلسطيني ، ولذلك أرى أن التحسن الكبير في مستوى الدوري انعكس منطقيا على أداء المنتخب ، الذي أصبح يملك الثقافة التكتيكية، بما جعله يقف على أرض الملعب بشكل جيد في كثير من المباريات. - وأثني هنا على مستوى اللاعبين الفلسطينيين ، الذين يملكون مهارات جيدة ، تؤهلهم للعب في أفضل بطولات الدوري العربية ، ولكن بمزيد من الانضباط التكتيكي ، وتطوير الثقافة التكتيكية في تبادل المراكز، في الحالة الهجومية ، وحسن التغطية في الحالة الدفاعية سيتحسن المستوى ، وستعود الكرة الفلسطينية إلى الواجهة العربية والآسيوية ، كما كانت قبل النكبة. - من الواضح أن لدى اللواء جبريل الرجوب أفق سياسي ، ووعي حضاري ، يؤهله لاستحداث آفاق مؤثرة في توجيه كرة القدم بصورة جيدة ، لأن كرة القدم لا تتوقف أصداؤها عند الفرجة فحسب ، بل تتجاوز ذلك للتأثير في الوضع السياسي ، حيث تضاعف اهتمام العالم بها ، لمردودها المالي ، وأيضا - وهذا هو الأهم - لمردودها الحضاري ! وانا على ثقة أن سعادة اللواء يعمل لمصلحة كرة القدم الفلسطينية ، ومن يعمل سينجح في النهاية ، لأن كرة القدم كعمل تمثل علما مئة في المئة ، فيما نتائج مباريات اللعبة ليست علوما دقيقة ! - في الختام أتمنى أن تتاح له الفرصة في المساهمة في تقديم الخبرة ، التي أكتسبها لخدمة الكرة الفلسطينية ، كعربون وفاء للوطن الذي يسكنني، وكرفض لتوأمي "النكبة" التي ولدت في أتونها ، والتي أريد أن أقهرها بالإنجازات

مواضيع قد تهمك