جوزيف بلاتر يعيش الحلم الإفريقي في كأس القارات
يمكن وصف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا جوزيف بلاتر بأنه إفريقي من داخله، لذلك فإنه يستمتع حقاً بكل لحظة يقضيها حالياً في جنوب إفريقيا، أثناء متابعته لفعاليات بطولة كأس القارات.
ويتألق بلاتر في بطولة كأس القارات بوجوده الدائم وذهنه المتقد، واستيقاظه المتواصل، حيث ينتقل من اجتماع إلى آخر بكل رشاقة وسرعة، دون أن تكون كرة القدم هي محور حديثه دائماً.
وأصبحت كلمات مثل الأخلاقيات والتضامن والمسؤولية كثيرة التردد على لسان بلاتر هذه الأيام.
أما بلاتر نفسه فقد بات أقرب إلى رجل السياسة، الذي يسعى للفوز بجائزة نوبل للسلام، بعدما أصبح يشبه المحسنين من طراز الأم تريزا أكثر مما يشبه مسؤولي كرة القدم.
ويعمل بلاتر حالياً على نشر رسالته "لقد حان الوقت لكي نرد جزءا من الجميل لإفريقيا"، وتقابل جنوب إفريقيا من جانبها هذه الحفاوة بقدر هائل من التعاطف لا يمكن لبلاتر أن يحلم بنيله في أوروبا.ووصف بلاتر مشاعره، أثناء حفل افتتاح بطولة كأس القارات، قائلا "كانت لحظة مؤثرة عندما وقفت إلى جوار رئيس جنوب إفريقيا جايكوب زوما أستمع إلى تصفيق الجماهير".
وكان بلاتر قد جرح عندما سمع صفارات الاستهجان ضده في بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا، ولكنه يستطيع أن يريح باله الآن من أنه لن يتعرض للتجربة المريرة نفسها من جديد في جنوب إفريقيا، فبدونه لم تكن جنوب إفريقيا لتنال شرف تنظيم بطولة كأس القارات، أو لتنال الشرف الأعظم بتنظيم بطولة كأس العالم.
وقال بلاتر، البالغ من العمر 73 عاما، "لقد نال الجنوب إفريقيين ثقتنا"، وحتى أقوى منتقديه يجدون صعوبة في وصف رئيس الـ"فيفا" بعدم الأمانة في دوافعه.
ويسعى بلاتر، منذ سنوات، لتحقيق حلمه بإقامة بطولة كأس العالم على أرض إفريقية، وخلال جميع حملاته الانتخابية نجح بسهولة في جمع ما يحتاجه من دعم ليبقى في منصبه دون قلق، وواصل بلاتر مساعيه لتحقيق الحلم الإفريقي، على رغم علمه بأن بطولة كأس عالم في آسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة قد تدر على الـ"فيفا" دخلا أكبر بكثير مما لو أقيمت في إفريقيا.
وراهن بلاتر بالكثير على نجاح بطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا، إذ قال المدير التنفيذي للجنة الجنوب إفريقية المنظمة للحدث داني غوردان "لن يخسر أحد في حال فشل البطولة بقدر بلاتر نفسه".
ولا شك في أن فشل بطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا سيشوه صورة بلاتر، وقد يهدد نجاحه في الانتخابات الرئاسية الجديدة للاتحاد الدولي في 2011، عندما يترشح المسؤول السويسري لفترة رئاسية جديدة تمتد لأربعة أعوام على الأقل.
ويتمتع بلاتر بشعبية هائلة في الوقت الراهن، تجعله لا يواجه أي تحد حقيقي على الاحتفاظ بمنصبه.
وإذا ما نجحت بطولة كأس العالم في العام المقبل فستزداد مكانة بلاتر تقديسا في إفريقيا، وسيدعم هذا النجاح موقفه على مستوى العالم.
ولضمان سير الاستعدادات الخاصة بكأس العالم بسلاسة، فقد كان بلاتر لا يتوانى عن المديح، وأحيانا النقد عندما كان يشعر بالحاجة إليه، وربما يكون الحديث عن الخطة البديلة الذي لجأ إليه في العام الماضي ما هو إلا تحذيرا للجنة المحلية المنظمة للبطولة لمواصلة استعداداتها بشكل أفضل.
وبما أن بطولة كأس القارات تسير بسلاسة حالياً، يستطيع بلاتر أن يستريح وأن يستمتع باللحظة، دون أن ينسى في الوقت نفسه الإشارة إلى بعض المناطق التي مازال يمكن تحسينها.
فمثلاً مع خلو نصف ملاعب بطولة كأس القارات من الجماهير، طالب بلاتر المنظمين قائلا "أحضروا الفقراء إلى الملاعب"، وسرعان ما استجاب له المنظمون بتوزيع 70 ألف تذكرة مجانية بالبطولة.
وحتى ملك قبيلة بافوكينغ الإفريقية استجاب لدعوة بلاتر، واشترى عشرة آلاف تذكرة منحها لرعيته.
ولطالما اعتاد بلاتر على التعامل مع الملوك، إذ يكفي أنه الآن الملك المتوج على كرة القدم دون منازع.