المنتخب النسوي: تقدم رغم كل المعوقات وبصمة قوية على خارطة اللعب الدولية
رام الله- عبير البرغوثي/ في اعادة قراءة لمشاركة فريقنا النسوي في تصفيات كأس آسيا والتي تمت على أرضية ملاعب ماليزيا خلال الفترة من الخامس والعشرين من نيسان الماضي ولغاية الثالث من أيار الجاري، يمكن القول أن النتائج التي تحققت للمنتخب النسوي في هذه التصفيات تتطلب وقفة مراجعة وبكل مهنية ومسؤولية، وقفة ترفع في البداية القبعة احتراما لاقدام فتياتنا واصرارهن على الصمود والاستمرار والتحدي وتقديم قصة نجاح اضافية لمسيرتنا الرياضية، ووقفة تتطلب في محطتها الثانية استخلاصا للدروس والعبر على اساس مأسسة عملية التقييم والمساءلة باعتبارها من الاخلاق المهنية العالية، وتقاليد نتوجه لحضرة الاخ اللواء جبريل الرجوب رعايتها وتسخير كافة متطلبات تحويلها من مطالبات وجهود مبعثرة الى ممارسة يكون لها مكان وزمان محددين، فقط داخله ومن خلاله تقيم مختلف المشاركات ويتم استخلاص الدروس ووضع اجراءات التدخل اللازمة لتحقيق انجاز افضل وخطوة للامام في المشاركات المقبلة، مرة أخرى تحية تشجيع ومسانده لكل لاعبة من فريقنا الوطني لكرة القدم النسوية، ومزيدا من الاصرار والمزيد من العطاء، ومزيد من الروح الرياضية المسؤولة.
من هذا المنطلق كان لـ >الحياة الرياضية < هذه الدردشات المتنوعة مع شخصيات مختلفة من أعضاء الوفد الذي شارك في التصفيات وحاولنا أن نجمع بين ثلاثة محاور تمركزت بين التدريب والادارة وأداء اللعب في الميدان للوقوف على أهم الثغرات التي اعترت طريق المنتخب النسوي الفلسطيني نحو التأهل في التصفيات أولا وثانيا للتعرف على أهم الآليات التي من خلالها يمكن العمل على تطوير الاداء والامكانيات التي ستعمل على تأهيل منتخبنا النسوي للمشاركة بقوة في المباريات الدولية المقبلة .
لاعبات المنتخب الفلسطيني..خامات جيدة بحاجة الى صقل
المدرب الاردني هاني ابو الليل والذي أشرف على تدريب المنتخب النسوي في دولة قطر ولمدة 5 ايام وهي المرة الاولى التي يتم فيها تدريب منتخبنا النسوي على أيدي مدربين من الخارج وما لهذه الخطوة من تأثير على مجريات التدريب وكيفية التعامل بين اللاعبات والمدرب المختص أبو الليل أكد انه ومنذ وصولهم الدوحة بدأ المعسكر التدريبي عمله مباشرة، ويمكن القول ان هذا المعسكر كشف النقاب عن نقاط الضعف التي تعتري المنتخب من عدة جوانب اهمها الجوانب البدنية والمهارية اضافة الى الجانب التكتيكي وهي تعتبر ثلاثة مفصليات رئيسة ومهمة في عالم الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.
في سياق متصل اكد ابو الليل ان النتائج التي وصل اليها المنتخب تعد طبيعية لعدة اسباب اهمها ان المنتخب خرج للمشاركة منطلقا من دوري خماسي الى دوري (11) وهو ما لم يخضه المنتخب قط، ولكن داخل المعسكر - والكلام لابو الليل- حاولنا العمل على تحسين اللياقة البدنية للاعبات اضافة الى الجانب المهاري والخططي ولا أخفى انها كانت مهمة صعبة لا سيما ان فترة التدريب في قطر لم تتعد الاسبوع الواحد وهي ليست بالفترة الكافية لتدريب منتخب لديه ثغرات في جوانب مهمة وسينطلق للمنافسة في تصفيات دولية مع فرق محترفة. وأوضح أبو الليل وانطلاقا مما سبق انه تم العمل بشكل مكثف على تعليم اللاعبات أين نقاط التمركز الرئيسة في الهجوم والدفاع وهي التي اكتشفنا انها كانت مفقودة تماما عند لاعبات عندهن.
هذا واكد ابو الليل في اتصال هاتفي من الاردن ، انه وفيما يخص التصفيات فقد كانت نتائج المنتخب النسوي الفلسطيني مقبولة جدا ومتميزة خلال المباراة الاولى مع المالديف اما فيما يخص نتائج المباريات الثلاث مع قيرغستان واوزبكستان والاردن فيمكن القول ان اللاعبات الفلسطينيات خضن المباراة مقابل منتخبات لا يستهان بها من حيث اللاعبات المحترفات، والاحتكاك مع فرق محترفة من خلال المشاركات الدولية المنتظمة اضافة الى انها منتخبات تلعب الدوري (11) مقارنة بالمنتخب الفلسطيني الذي يقتصر لعبه على الدوري الخماسي فقط. في سياق منفصل اكد ابو الليل أن ما جرى لا يمنع القول أن ان المنتخب النسوي الفلسطيني يمتلك خامات جيدة جدا من اللاعبات وما هن بحاجة له لا يتعدى عملية الصقل التي تحتاج الى فترة طويلة من التدريبات والاهم الاستمرارية في ممارستها على مدار السنة اضافة الى ان صقل مهاراته ستكون دليله لمعرفة اين يقف اليوم من المنتخبات النسوية الدولية والعالمية اضافة الى ضرورة تكثيف مشاركاته الخارجية حتى يطور قدراته وامكانياته، مضيفا ان هناك امورا هامشية وصعب التحكم بها لعبت دورا في عدم تأهل المنتخب في التصفيات اهمها الرطوبة ودرجة الحرارة العالية جدا في كوالالمبور والتي كان لها الاثر على لاعبات المنتخب الفلسطيني لأنه من الاساس لم يكن معدا الاعداد اللازم لخوض هذا النوع من المشاركات اضافة الى تأثير آخر على مجرى لعب المنتخب وهو صغر عمر لاعبات المنتخب وما لهذه الجزئية من تأثير على طبيعة فهم هؤلاء اللاعبات للجوانب النظرية والمحاضرات الفنية التي كانت تعقد قبل كل مباراة وهذا يدل على ان العمر التدريبي له دور كبير في فهم الواجبات والذي يؤدي بدوره الى فهم التعليمات سواء خلال التدريب او خلال اللعب على المستطيل الاخضر.
وفي نهاية اتصالنا مع أبو الليل اكد انه ورغم البعد الذي كان بينه وبين المنتخب في البداية الا انه استطاع ان يشكل مع الفريق روحا واحدة معبرا عن فخره عما حققه المنتخب النسوي الفلسطيني على المستطيل الاخضر في تصفيات كأس اسيا رغم كل المعوقات.
انجاز متميز وخطوات جيدة على طريق التطوير
من ناحية ادارية كان لـناهذه الدردشة مع المديرة الادارية للمنتخب رقية التكروري التي عبرت في بداية حديثها عن شكرها على الجهود التي تبذلها اعلاميا للنهوض بالرياضة الفلسطينية في كافة الميادين. وتابعت التكروري حديثها قائلة: <كمنتخب نسوي يشارك لأول مرة في مباريات ومنافسات دولية كان هذا اهم انجاز وخطوة جيدة حققها المنتخب على طريق التطوير والارتقاء بمستواه من خلال انخراطه مع فرق دولية تلعب على الارض من فترة طويلة ولها اسمها وتاريخها، ورغم امكانيات المنتخب والمدة الزمنية القصيرة التي تدرب فيها الا انه استطاع ان يتعامل مع هذه المنتخبات بنفس الطريقة التي كان يعامل بها من قبل هذه الفرق المحترفة والمتمرسة، ما يدل على قدرة لاعباتنا على الالتزام والقدرة على بذل التعب في سبيل التعلم.
في سياق متصل اكدت التكروري ان هذا النوع من المشاركات ساعد لاعبات المنتخب على كسر حاجز التدريب الذي كن يفتقدنه عندما كن في الوطن، وهنا نتحدث عن الاجراءات الاحتلالية التي من خلال الحواجز والجدار عملت على تقطيع الوطن وكان للمنتخب نصيب من هذا التعسف الاحتلالي الذي حرم لاعباته من الالتقاء في الجلسات التدريبية ولكن ما حصل في قطر وماليزيا والمغرب مكنهن من الحصول على تدريب موحد جمعهن وعزز من روح التقارب والتفاهم بينهن، وهذا كشف لنا عن خامة جيدة وارضية خصبة تقف عليها لاعباتنا اليوم.
ومن جهة تعليقها على النتائج التي وصل اليها منتخبنا في نهاية التصفيات وما هي المعضلات وما يجب أن يتم العمل عليه لتلافيه في مشاركات اكدت التكروري ان المنتخب واجه مشاكل فنية تم تداركها وكان ذلك خلال مباراتنا في مواجهة قيرغيزستان, حيث انه وبسبب خطأ فني تم اعطاء اللاعبة المتميزة في المنتخب في بداية اللعبة كرت احمر الامر الذي اثر على مجرى اللعب. ولكن أعود واؤكد ان منتخبنا استطاع ان يواجه فرقا عريقة ممتازة بامكانياتها، ورغم فترات الراحة القصيرة التي حصلت عليها اللاعبات ورحلة الطيران المتعبة من هنا الى ماليزيا ومنها الى المغرب الا انهن بذلن جهدا كبيرا سواء في التدريب ام في اللعب في الميدان وهذه الروح عززتها المتابعة الدائمة من التحضيرات الادارية والفنية واللوجيستية التي قدمها اتحاد كرة القدم ممثلا باللواء جبريل الرجوب والذي كان على اتصال دائم ومتابعة متواصلة لكل اخبار المنتخب هناك.
بصمة فلسطينية رياضية على خارطة المشاركات الدولية
من جانبها أكدت الكابتن هني ثلجية ان المنتخب النسوي لا يمتلك الخبرات الكافية للمنافسة مع دول اسيا مثل الاردن واوزبكستان وقيرغيزستان فهي منتخبات تمتلك باعا طويلا في هذا المجال وخبرتهن تكمن في اعمارهن التي تعد نسبيا اكبر من اعمارلاعبات المنتخب الفلسطيني اضافة الى التدريب المتواصل، والمستمر الذي يمارسنه وخاصة على ملعب (11) بينما تتدرب فرقنا ويتدرب منتخبنا على ملعب خماسي اضافة الى امتلاك الفرق الاخرى طواقم كاملة ومؤهلة من المدربين الاكفاء والمعالجين المختصين الى جانب أخصائيي التغذية. هذا وتوضح ثلجية أن الاشكاليات التي أدت الى النتائج التي حصل عليها المنتخب تتمركز حول فترة التدريب والاعداد القصيرة التي حصلنا عليها وما استفدناه في التدريب تركز فقط في قطر وهي فترة قصيرة نسبيا لمنتخب سيواجه لاول مرة هذا النوع من المباريات وخارج ارض الوطن وفي ظروف وأجواء مختلفة لم نعتدها من قبل. ولكن بالرغم من امكانياتنا - والكلام لثلجية- فقد استطعنا منافسة فرق خبراتها الرياضية والمهارية والفنية عالية جدا وقوية. وبمشاركتنا في تصفيات اسيا استطعنا طبع بصمة فلسطينية قوية أمام جميع الشعوب، فهي مشاركة اعطتنا رصيدا كبيرا مكننا من وضع بصمتنا على خارطة المشاركات الدولية. ورغم انه كانت هناك خسارة الا ان اداء المنتخب كان جيدا في نظر القائمين المدربين في الخارج حتى مع نقص الخبرة واللياقة البدنية. من جانب اخر اكدت ثلجية ان نتائج هذه المشاركة يجب ان تكون دافعا قويا لاخذ الثغرات التي عانى منها المنتخب بعين الاعتبار والعمل على اغلاقها في المشاركات المستقبلية وذلك عن طريق وضع المعايير المناسبة لاختيار الاشخاص المشاركين سواء من ناحية المدربين او الفنيين أو حتى اللاعبات وان يتم تشكيل طاقم او حتى لجنة رياضية داخلية تكون مهمتها الاهتمام بموضوع الكرة النسوية الفلسطينية في كافة جوانبها. هذا الى جانب حاجة لاعبات المنتخب الى تطوير القدرات، وايجاد آلية معينة لتأمين التدريب المستمر المتواصل بين لاعبات النسوية الفلسطينية بشكل عام .
وما لفت انتباهنا- والكلام لثلجية- هو استغراب كل من شارك في تصفيات كأس آسيا أن هناك منتخبا نسويا فلسطينيا مؤهل للمشاركة في التصفيات وقادر على المنافسة على المستطيل الاخضر. ودائما ما كنا نتلقى التهاني سواء من الاداريين والفنيين وحتى اللاعبات على الاداء المتميز الذي كنا نقوم به ولا أخفي أن لاعباتنا قدمن صورة مشرفة وجميلة عن الشعب الفلسطيني بشكل عام وعن المرأة الفلسطينية بشكل خاص اضافة الى الروح الجميلة التي عكسها منتخبنا في كافة النواحي وما عزز ذلك قدرتنا على القضاء على <الشللية< بين لاعبات الفريق خاصة وأننا من نواد مختلفة هذا ما أدى الى جعلنا يدا واحدة ما انعكس على مجريات اللعب.
وعلى صعيد انساني أكدت ثلجية ان لم يكن هناك أي نوع من الترفيه ولم تتح لنا زيارات لمعالم سياحية بالرغم من وجودنا في احلى مناطق العالم وهي كوالالمبور وهذا ما سبب لنا ضغطا نفسيا حيث اقتصر وقتنا على التدريب واللعب فقط ويمكن أن يكمن الخلل هنا في تنظيم وقت المنتخب والذي يعود الى قلة الخبرة ورغم ذلك كانت الضحكة والطرفة متنفسا لنا خلا مشاورانا. وفي نهاية حديثها أشارت ثلجية أنه وبعد هذه التجربة لا بد ومن الضرورة أن تكون كرة القدم الفلسطينية بشكل عام وكرة القدم النسوية بشكل خاص وتحت مظلة اللواء جبريل الرجوب في أيد أمينة ومتمرسة وخاصة في المشاركات الخارجية.