تساؤلات حول مستقبل ملاكمة المحترفين بعد وفاة المكسيكي فلوريس
قرعت وفاة الملاكم المكسيكي بينجامين فلوريس بعد أيامٍ من خسارته بالضربة القاضية على يد الأمريكي ال سيغر أجراس الخطر من جديد، مثيرةً العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل "الفن النبيل" الذي ارتفع عدد ضحاياه إلى نحو 900 ملاكم منذ 1920.
فلوريس البالغ من العمر 25 عاماً نُقل إلى مستشفى "باركلاند" في دالاس بعد إصابته في المباراة التي أقيمت على لقب وزن الديك لاتحاد شمال أمريكا قبل نحو أسبوعين، لكن الأطباء وما بحوزتهم من تقنيات فشلوا في إنقاذ فلوريس من مصيره المحتوم، ليفارق الدنيا برصيد مشرفٍ يتضمن 19 فوزاً و4 هزائم منها 2 بالضربة القاضية، علماً بأنه حقق 5 انتصارات متتالية دون أية هزيمة في عاميه الأخيرين.
وفاة فلوريس لم تكن الأولى من نوعها، إلا أنها أعادت إلى الأذهان الذكريات المؤلمة لسقوط العديد من نجوم اللعبة الذين راحوا ضحايا حلبات ملاكمة المحترفين التي تلقى رواجاً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.
ويعد الكوبي بيني باريت أحد أول الضحايا، إذ سقط مغشياً عليه في الجولة الأخيرة من النزال الذي جمعه باميلي غيرفيث الذي انهال عليه بـ 29 لكمة، أتبعها بـ 18 متتالية في غضون 6 ثوانٍ، ليسقط باريت مغشياً عليه ويفارق الحياة في المستشفى بعد أيام عام 1962.
بعدها بنحو عام، لقي الأمريكي دايفيد موور حتفه على يد الكوبي شوغار راموس الذي وجه إلى وجهه لكمة في غاية القوة، وقع على إثرها على أرض الحلبة في سقطة دقت عنق الملاكم البالغ من العمر 29 عاماً.
وتوالت الوفيات "النبيلة" بعدها آخذة في طريقها أرواح ارليك ريغيز (1969)، وآنجيللو جاكابوتشوي (1978)، ويونغ علي (1982)، وبيدرو الكازار (2002)، وليفندر جونسون (2005) والعديدين غيرهم، قبل أن تطال يد الموت الملاكمة الأمريكية بيكي زيرلينتس التي قضت بقبضة هيذر شميتز في صيف 2005، لتصبح أول أنثى تلقى حتفها في نزالات ملاكمة المحترفات.
تزايد أعداد ضحايا الملاكمة دفع مسؤولي اللعبة إلى المطالبة بإلغائها، والاكتفاء بالملاكمة العادية التي يرتدي المتنازلان فيها أقنعة سميكة تقيهم من أخطار الارتجاج الدماغي الذي عادةً ما يمثل السبب الرئيسي في وفاة الملاكمين، لكن تلك الأصوات لاقت احتجاجات عدة من أطراف مستفيدة من بقاء اللعبة.
رئيسة اللجنة الطبية الاستشارية في مفوضية ولاية نيفادا للملاكمة مارغريت غودمان طالبت القائمين على ملاكمة المحترفين بإيقاف شلال الدم، داعية إلى "إخضاع اللعبة لاختبارات جديدة نضمن من خلالها سلامة اللاعبين الذين وثقوا بنا في تأمين سلامتهم، في الوقت الذي أثبتنا فيه فشلنا".
إلا أن متعهد المباريات الشهير لو ديبيللا، قلل من مخاطرها، معتبراً أن نسبة اللاعبين الذين يلقون حتفهم "أقل بكثير من اللاعبين الذين يواصلون مشوارهم على الحلبة دون متاعب".
وبينما يستمر الجدل حول مستقبل الرياضة ذات الرواج الكبير عالمياً، يبقى مصير ملاكميها "مرهوناً بشجاعتهم" (على حد تعبير لو ديبيللا ) حتى إشعار آخر. فأسوء الاحتمالات لم يعد النزول عن الحلبة بشفة مقطوعة ووجه متورم، بل تعدى ذلك إلى مغادرة الحياة بأسرها.