نتائج فلسطين في بطولة العالم لاختراق الضاحية بين الواقع والإمكانات وحجم المنافسة
عمَّان – خالد أبو زاهر ومحمد سدر/الصعود على منصات التتويج ليس مجرد رغبة أو حلم أو طموح، بقدر ما هو إسناد لها جميعاً بصناعة البطل الذي يجب أن يقف على تلك المنصات، فهي عملية تخضع لكثير من العوامل والمقومات، حتى يصبح ذلك أمراً قابلاً للتحقيق.
فلم يكن هناك من يتخيل أن تشهد بطولة العالم لاختراق الضاحية التي احتضنتها العاصمة الأردنية عمان، أن يحتل أي عداء من العدائين الفلسطينيين مركزاً متقدماً، ليس لسبب سوا أن الوقت لم يحن بعد، وأن هذا الأمر يتطلب الكثير من الوقت والإمكانات والتخطيط.
فالناظر إلى عيون العدائين عبد الناصر عواجنة ومأمون بالي، ومعهم زميلهم مأمون بالو، الذي أصبح في لمح البصر مدربهما والمسؤول عنهما فيناً، كان سيتأكد من أن المسؤولية التي ألقيت على عاتقهما كانت صعبة، وصعبة جداً، فهما يُشاركان لأول مرة في بطولة عالم، وهي بطولة يُشارك فيها منافسين كبار من قارات أخرى غير أسيا التي يُعتبر مستوى ألعاب القوى فيها أقل منه في قارتي أفريقيا والأمريكتين، وبالتالي فإن مهمتها كانت في أسيا صعبة، فكيف بطولة تضم نجوم العالم.
الأمر هنا لا يتعلق بتبرير عدم تحقيق العدائين عواجنة وبالي، مركزاً متقدمة في البطولة، بقدر ما هو توضيح للحقيقة وللواقع الصعب للرياضة الفلسطينية، وهو أمر يجب ألا يغيب عن بال أحد، حيث أنه لا يمكن مطالبة عداء لم يحظ بتدريبات ورعاية ومعسكرات وتغذية خاصة، بتحقيق نتائج على المستوى العالمي.
فقد كان حديث تيسير النجار، أمين عام الاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى، والعدائين عواجنة وبالو، عقب انتهاء البطولة وسباقاتها، مغلف بالحزن والواقع المرير، انطلاقاً من إحساسهم بحجم المسؤولية، حيث كان حديث النجار واقعياً ومنطقياً، بتأكيده على أن النتائج كانت طبيعية ومنطقية ومتوقعة أيضاً.
واقعية النجار كانت بسبب معرفته بتفاصيل الرياضة الفلسطينية عامة، وألعاب القوى على وجه الخصوص، فهو مسؤول عن اللعبة ويعرف جيداً طبيعة التنافس مع عدائين كبار لهم تاريخ طويل مع اللعبة، حيث أكد على أن عدم احتلال أي لاعب عربي لمركز متقدم في الفئات الأربع للبطولة، ليس قدوة، ولكنه دليل على أن الطريق طويل وصعب صوب المنصات.
أما عبد الناصر عواجنة، فقد كان حزيناً لدرجة جعلته يخرج عن شعوره جراء تذكره للحظات الأخيرة في حياة مدربه الراحل يوسف حمادنة، والتي طاردته خلال السباق وجعلته غير قادر على استكماله، لدرجة أنه اعترف بأنه كان أقرب ما يكون من عدم خوضه من الأصل، لولا إصرار رئيس الاتحاد نبيل مبروك على ذلك.
كما وشعر بأنه يتحمل مسؤولية لم يكن ليتحملها لولا انعدام الخبرة من جهة والإمكانات من جهة، والإعداد الجيد من خلال معسكرات تصقل قدراته وموهبته، فيما طالب بضرورة تسهيل مهمة وصوله إلى غزة من أجل المواظبة على التدريبات في ظل فقدانه لمدربه حمادنة الذي يعتبر الوحيد في الضفة على حد تعبيره.
العداء الشاب الواعد مأمون بالي كان أكثر اقتناعاً بالواقع واعتبر مشاركته في البطولة بمثابة فتح أفاق جديدة أمام الوصول إلى المستوى المأمول، وأن احتلاله مركزاً متأخراً لم ولن يكن عائقاً أمام إكمال المشوار.
أما مأمون بالي الذي وجد نفسه مسؤولاً بدلاً من أن يكون لاعباً، فقد كان نشطاً وكثير الحركة، ولكنه كان كمن طُلب منه انجازاً لم يكن يحمل مقوماته في هذه الظروف وهذه السرعة، ولكنه كان طموحاً وساعياً لتحقيق مشروع مستقبلي.