في ذكراه الثالثة...عزمي نصار .. شخصية خارقة يصعب تكرارها
غزة - خالد أبو زاهر/ مرت قبل يومين الذكرى الثالثة لرحيل المدرب الوطني عزمي نصار، الذي غادرنا إلى الدار الآخرة، تاركاً خلفه ذكرى طيبة ليست مثلها ذكرى.
فقليلة هي الأسماء التي تعلق في أذهان الجميع بعد رحيل أصحابها .. وكثير هو الوفاء لمن خدم فلسطين وحقق لها ما لم يُحققه غيره .. وكثيرة هي الأسماء التي أصبحت علامة مميزة .. ولكنها قليلة تلك التي يقترن بها النصر والعزة والكبرياء.
إنه الراحل عزمي نصار .. المدير الفني الأسبق للمنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم .. ذلك الرجل الذي كان ولا يزال واحداً من الرجال القلائل الذين لن تنساهم فلسطين .. فهو الذي ارتبط اسمه بالإنجاز الوحيد للمنتخب الوطني الفلسطيني على مدار قرن من الزمن.
فهو صاحب وقائد المنتخب الذي حقق لفلسطين أول ميدالية في تاريخ مشاركاته في الدورات العربية وفي جميع المشاركات الخارجية التي خاضها منذ العام 1928 .. فقد قاد المنتخب لتحقيق المركز الثالث والميدالية البرونزية في الدورة العربية التاسعة بالأردن.
نصار شخص خارق للعادة
نستذكر نصار في الذكرى الثانية على رحيله عن الدنيا وعن كرة القدم التي عشقها وعشقته .. كرة القدم التي كان لها معناً ونكهة في عهده .. كرة القدم التي فقدته وفقده معها المنتخب الوطني.
فقد كان شخصاً خارقاً .. كان شخصاً عاشقاً لفلسطين ومنتخبها .. كان عاشقاً للتحدي .. كان شخصاً وطنياً غيور على وطنه .. كان شخصاً يُقدم مصلحة الوطن والمنتخب الوطني على كل شيء حتى بيته وأسرته .. فقد تركها أياماً وأشهر من أجل عيون فلسطين ومنتخبها .. عاش بعيداً عنها متزوجاً من المنتخب الذي كان محبباً حتى لزوجته التي كانت سبباً في صموده وتحديه للواقع بمنتخب وهبه كل حياته وكل قلبه وعقله .. كان شخصاً يتمتع بشخصية قوية ميزته عن كل المدربين .. كان مدرباً من نوع لم تألفه الملاعب الفلسطينية .. كان مدرباً بكل ما تعني الكلمة من معانٍ ..
برونزية الأردن وسام على الصدر
في أغسطس من العام 1999 عندما تعاقد معه اتحاد الكرة لقيادة المنتخب، حلم نصار بتشكيل منتخب فلسطيني يحمل المعاناة الفلسطينية إلى العالم .. فتحقق حلمه وشكل منتخباً لا يزال المنتخب الأكثر بريقاً في سماء الكرة الفلسطينية .. شكل منتخباً حصل معه على أفضل إنجاز للكرة الفلسطينية .. فقد فاز به ببرونزية الدورة العربية التاسعة بالأردن .. وفاز به بلقب أفضل منتخب آسيوي .. وجعل منه حديث الشارع الفلسطيني والعربي والآسيوي.
استقال وحلم بالعودة فعاد
في إبريل من العام 2000، قَدَمَ عزمي نصار استقالته نتيجة لأسباب خاصة .. فقبل الاتحاد استقالته .. والغريب أنه لم يُقدم استقالته من أجل قبولها .. كان يعتقد أن الاتحاد سيمنحه الثقة من جديد، غلا أنه صُدم بقبولها .. فكانت أول كلماته تعليقاً على قبول الاستقالة " لا تخافوا .. سأعود لكم من جديد مهما طال الزمن ".
وفي العام 2005 .. تحقق حلم نصار .. وعاد من جديد لقيادة المنتخب .. عاد ومعه روح العام 99 .. عاد ومعه أحلاماً وطموحات بإعادة تشكيل المنتخب ليعود أقوى مما كان .. ولكن القدر وقف صده .. فسقط في الملعب وهو يؤدي عمله ونُقل إلى المستشفى مُصاباً بالسرطان في الدماغ .. وعندما أفاق، طلب العودة إلى غزة لقيادة المنتخب، فمنعه الأطباء، وعاش عاماً وشهرين قبل أن يُفارق الحياة وتُفارق الكرة الفلسطينية بسمتها التي رسمها عليها.
رؤية خاصة ورأي سديد
كان لنصار رؤية خاصة لم يكن لأحد معرفة قيمتها أو آفاقها .. فقد تسلم منتخباً حديث الولادة يحبو وسط الصغار .. فأمسك بيده ووضعه بين الكبار .. كانت له خلال فترة توليه قيادة المنتخب نظرة ثاقبة كان من الصعب على أحد غيره ان يتمتع بها .. فقد تحدى الجميع بالحارس لؤي حسني، عندما كان نجم الحارس إسماعيل يسطع في سماء حراسة المرمى في فلسطين .. فأثبت أنه صاحب قرار صائب عندما دفع به أساسياً .. فكان سبباً في وصول فلسطين إلى الدور قبل النهائي.
كانت له رؤية في قيادة المنتخب، عندما اختار صائب جندية قائداً في وقت كان فيه ناهض الأشقر قائداً .. فتحققت رؤيته فكان صائب خير القائد.
رحل وبقيت بصماته
فقد رحل وهو يحلم بقيادة المنتخب على أرض فلسطين وبين جماهيرها .. رحل وتحقق الحلم لغيره بعد عامين .. ولكنه بكل تأكيد كان فرحاً بذلك رغم غيابه ورغم عدم قيادته للمنتخب في لقاء السادس والعشرين من أكتوبر 2008 أمام منتخب الأردن بحضور بلاتر.
رحل وهو يحلم بقيادة المنتخب في تصفيات كأس العالم .. رحل ولم يتحقق ذلك في عهده .. فقد تحقق في عهد خلفه المصري مصطفى عبد الغالي .. وعندما عاد .. عاد حلمه يراوده ولكنه لم يتحقق أيضاً .. فقد غادر الحياة تاركاً شرف القيادة للفلسطيني نيلسون دقماق.
رحل نصار وبقيت ذكراه في قلوب الملايين .. رحل نصار وبقيت بصماته واضحة على صفوف المنتخب .. فقد رحل تاركاً الإنجاز الوحيد حتى الآن للمنتخب الوطني .. رحل بعد أن اكتشف العديد من النجوم والذين تنبأ لهم بمستقبل كبير .. رحل وترك لنا الحرية في تكريمه.