معركة بلاتيني ضد يوهانسون تدخل مرحلة حاسمة
يقف الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الـ"يويفا" امام مفترق طرق للمرة الاولى منذ فترة طويلة وسط الترقب حول ما ستؤول اليه نتائج الانتخابات الرئاسية التي قد تبقي او تكسر قاعدة التقاليد المتبعة في نواح عدة من الكرة الاوروبية.
الرئيس الحالي السويدي لينارت يوهانسون (77 عاما) في مواجهة افضل لاعب اوروبي ثلاث مرات الفرنسي ميشال بلاتيني (51 عاما)، تناقض كبير في هوية الرجلين ونظرتهما الى مستقبل كرة القدم في القارة العجوز، والدليل على الامر بعض النقاط التي وضعها كل منهما في برنامجه الانتخابي، ما جعل الصورة النهائية للمعركة الانتخابية مجهولة تماما، فيوهانسون الساعي الى ولاية خامسة مهدد للمرة الاولى بفقدانه للمنصب الذي تبوأه منذ نيسان/ابريل عام 1990 عندما فاز على المرشح السويسري فريدي رومو في الانتخابات التي جرت في مالطا.
واذ يلتقي يوهانسون وبلاتيني على الالتزام في تطوير اللعبة وابعادها عن الافات المسيئة كالعنصرية وتبييض الاموال وتعزيز الحوار مع المستثمرين، فإن نقاطا بارزة متناقضة تعزز فرضية التغيير شبه الجذري الذي قد يحصل في حال فوز الفرنسي في الانتخابات التي ستحتضنها دوسلدورف الالمانية هذا الاسبوع.
لقد وضع بلاتيني عضو اللجنة التنفيذية في كل من الاتحادين الدولي والاوروبي لكرة القدم، خمسة مواضيع اساسية للعمل على تطبيقها في حال نجاحه، لعل ابرزها تلك المتعلقة باجراء تعديلات حقيقية على المسابقات الاوروبية وهي كاس الامم الاوروبية وكاس الاتحاد الاوروبي ودوري الابطال الاوروبي.
ويبدو واضحا ان يوهانسون لا يمانع ادخال تغييرات على بطولتي الامم والاتحاد بقدر ما يزعجه التلاعب بصورة دوري الابطال التي وضع كامل جهوده عبر الاعوام الماضية لتطويرها واعطائها شكلها الحالي الجذاب حتى اضحت ابرز مسابقة على صعيد الاندية في العالم.
وليس مستغربا اعتبار ان عودة يوهانسون عن قرار عدم خوضه للانتخابات يندرج في اطار عدم السماح لبلاتيني في الاقدام على خطوة مماثلة قد تجعل صورة دوري الابطال مملة في بعض مراحلها على غرار ما تعيشه مسابقة كاس الاتحاد كل موسم في بداية مشوارها بالنظر الى تواضع مستوى بعض الفرق المشاركة فيها، اذ ان الاخير يعرض تقليص عدد ممثلي البطولات الوطنية الاوروبية الكبرى امثال انكلترا وايطاليا واسبانيا والمانيا وفرنسا، لافساح المجال امام ابطال الدول الصغرى للدخول الى جنة المنافسة في المسابقة الام.
ويقول يوهانسون "لا يجب اجراء تعديلات على بطولة تلقى تقدير الاندية واللاعبين على حد سواء، ولا اريد ان اهاجم زميل في اللجنة التنفيذية بشأن هذا الامر، اذ سبق ان سألته عن ماهية تغيير هوية هذه القصة الناجحة والمتواصلة". واضاف "تحظى مسابقة دوري الابطال بتغطية اعلامية واسعة حول العالم حيث العديد من الرياضات تسعى الى نسخها".
ولا يستبعد ان يكون بلاتيني يغازل الاتحادات الصغرى بهدف كسب اصواتها في الانتخابات، وخصوصا بعد تردد ان الاتحادات الكبرى تقف جميعها في صف يوهانسون للحفاظ على مصالحها، بعدما لعب الفرنسي في الاشهر الاخيرة ورقة جذب الاتحادات الصغرى بحنكة واصرار قائلا "علينا ان نجعل اللعبة اكثر تماسكا في اوروبا لمواجهة الاخطار المستقبلية. فكرتي واضحة، تنظيم بطولة اوروبية مفتوحة امام الجميع يصح القول انها دوري اوروبي "سوبر" على شكل الدوري الاميركي للمحترفين في كرة السلة".
نقطة اخرى قد تكون لعبت دورها في استئذان يوهانسون للالماني فرانتس بكنباور للعودة الى الساحة ومواجهة بلاتيني بعدما كان "القيصر" مرشحا للعب الدور عينه، هي دخول الفرنسي خط المواجهة بصفته (ولو بشكل غير معلن رسميا) مرشح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزف بلاتر الذي تفوق على السويدي في انتخابات "الفيفا" الرئاسية عام 1998.
واذ حاول بلاتر في مرحلة اولى ان يبدي موقفا محايدا من الصراع الاوروبي، فإنه جاهر مؤخرا بتأييده لبلاتيني الذي رافقه في غالبية جولاته العالمية في الاعوام الثمانية الماضية بصفته مستشارا شخصيا، واصفا اياه بالصديق، وهو الامر الذي اثار غيظ يوهانسون على اعتبار انه يجب على بلاتر الا يميل الى طرف دون الاخر. ويدرك بلاتر تماما ان منحه الدعم لبلاتيني عبر الطلب او الضغط على الاتحادات الوطنية الاوروبية للتصويت في صالحه، سيمنح الاخير الفوز وبالتالي يضمن لبلاتر نفسه اتحادا قاريا اضافيا في جعبته ضمن سعيه لاحكام سيطرته اداريا على مكامن اللعبة حول العالم.
ويبدو ان بلاتيني يحاول ايجاد الحلول لبعض المشاكل التي يواجهها بلاتر حتى قبل حسمه نتيجة الانتخابات، اذ دعا الاندية والاتحادات الوطنية الى الاتفاق حول قضية تقسيم خدمات اللاعبين الدوليين بين انديتهم ومنتخباتهم الوطنية، وهو الامر الذي قض مضجع "الفيفا" بعد تحويل قضايا من هذا النوع الى المحاكم واعتراض الاندية على تسريح لاعبيها في عز الموسم، الى مطالبة "الفيفا" بتعويضات جراء تعرض اللاعبين للاصابة اثناء خوضهم المباريات الدولية.
ومما لا شك فيه ان سعي بلاتيني لتقليص عدد اندية البطولات الكبرى في دوري الابطال تندرج في الاطار عينه بعدما غنمت هذه الاندية اموالا طائلة من عائدات البطولة وانتظمت في مجموعة ال14 (تضم اقوى واغنى 14 ناديا اوروبيا)، التي اضحت تواجه "الفيفا" من دون اي اعتبارات.
لذا فإن ادخال بلاتيني للاندية الصغرى الى دوري الابطال سيغير موازين القوى ويريح بلاتر بعض الشيء، وربما نفسه كونه بنظر الاخير الخليفة الافضل لمنصب رئاسة "الفيفا" في المستقبل.
من هنا، يمكن تأكيد صحة ما تردد ان الاتحادات الكبرى ستحاول حماية ظهر يوهانسون للحفاظ على مكانة انديتها على الساحة القارية، وان جولة اخرى من الصراع بين بلاتر والاندية الاوروبية البارزة على مشارف الولادة، لكن الاكيد ان المعركة ستكون حامية الوطيس كون 20 من اصل 52 صوتا لن تقول كلمتها النهائية قبل وقوفها امام صندوق الاقتراع السري.