وسام أبو علي... المهـاجم الفلسطيني الذي وُلد بعدما توقّف قلبه!
عائلته من ترشيحا وولد بالدنمارك
كتب خليل جاد الله- رام الله
في الوقت الذي سجّل فيه هدفه الثاني مع النادي الأهلي المصري في مرمى سيراميكا كليوبترا، في افتتاح مباريات الدوري المصري الممتاز لكرة القدم 2024/2025، مرّت ذاكرته مروراً سريعاً كعادتها على تاريـخ الثاني عشر من شهر أيلول/سبتمبر 2021، أي ذلك التاريخ الذي: "توقّف فيه قلبه، فُولد من جديد".
افتتح مهاجم المنتخب الوطني الفلسطيني وسـام أبو علي، موسمـه الجديد مع القلعة الحمراء بصورة مثاليّة، فسجّل هدفاً في مرمى العين الإماراتي (بطولة القّارات) قبل أيام، وهدفاً في مرمى غورماهيا الكيني (تصفيات دوري أبطال إفريقيا) مطلع الموسـم، ثم هدفان في مرمى سيراميكا في الجولة الأولى من الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، متحصّلاً على لقب رجل المباراة؛ في تأكيد واضح على نيّته في الاحتفاظ بلقب جائزة هدّاف الدوري التي تحصّل عليها في الموسم الماضي، خلال مرحلة الإياب فقط!
عاش أبو علـي حكاية استثنائية تصلح لكل كتّاب القصـص؛ إذ تحتوي على كثيرٍ من عناصـر التشويق، والإصرار.
هاجرت عائلة أبو علي من بلدة ترشيحا (قضاء عكّا) صوب لبنان بعد أحداث نكبة العـام 1948، وسكنت مخيّم الرشيديّة في لبنان، بما يحمل من معاناة السكّن، والتعليم، والطعام، وبعد عدّة محاولات، تمكّنت من تحقيق هجرتها الثانية: "الهجرة إلى الدانمارك".
وُلد أبو علي في الدنمارك، بعيداً عن بلده، وبعيداً عن أقاربه الذيـن استقرّوا في الرّشيدية، فلم يعِش سنين طفولته كما الآخرين، وبعد سنوات من ارتقاء سلم النجوميّة في لعبة كرة القدم، درجة تتلوها الأخرى، وبعد محاولات ناجحـة، وأخرى فاشلة في الدرجات المتقدّمة، قرّر سهم أبو علي أن يتراجع للخلف تحضيراً للانطلاق من جديد، فلعب في دوري الدرجة الثانية.. ولكن: "في إحدى لقاءات دوري الدرجة الثانية الدانماركي لكرة القدم، وفي مباراة فريقه فيندسيسيل أمام لينجبي، وفي الدقيقة الستّين من اللقاء تحديداً، توقّف قلب وسـام أبو علي فجأة، فسقط على أرض الملعب مغشياً، ثم غادر الملعب محمولاً دون أن يلوّح بيده مودّعاً، وعلى الطرف الآخر ودّعته أيادي الزملاء، والمنافسين، والجماهير".
الآن، وبعد ثلاثة أعوام، أصبح أبو علي ركيزة أساسية في نادي القرن الإفريقي.. أحد أهم أندية العالم من حيث التأثير والجماهيريّة؛ مستثمراً في قدرته الاستثنائية على تسجيل الأهداف، وعلى كونه "ماكينة ضغط" لا تملّ من التأكيد على أن السهم الذي انطلق للخلف، تقدّم بعيداً!
وفي تحوّل مفاجئ تمكّن أبو علي الذي لم يرَ فلسطين في حياته أبداً، من تمثيل منتخبها مسجّلاً أول أهداف "الفدائي" تاريخيّاً في المرحلة الأخيرة من تصفيات بطولة كأس العالم 2026، بعدما اختار قميص الدانمارك صغيراً.
الآن.. وبعد كثيرٍ من المنعطفات التي كوّنت شخصيّة "الفينيق الفلسطيني" يلوّح أبو علي لعدسات الكاميرا معلناً عن ذاته، ومؤكّداً على جوهر قصّته: "أنا اللاعب المولود بعد توقّف قلبه، وأنا المتطلّع للمزيد رغم إشارات الرضا، وأنا المولود من جديد في بلدٍ عربيّ، أعادني لفلسطين".