"صقر نابلس" عفّان سويدان حكاية كتبت فصولها في ملعب الاتحاد
الخليل- كتب فايز
نصّار/ لا يختلف اثنان
على ريادة نادي الاتحاد لكرة القدم في جبل النار ، حيث كان الفريق النابلسي العريق
في طليعة الأندية ، التي لعبت في دوري الدرجة الأولى الأردني ، إلى جانب أندية
أرثوذكسي بيت جالا ، والموظفين ، وشباب الخليل .
وقدم الاتحاد للكرة الفلسطينية كثيراً من نجوم الجيل الأول ، وفي مقدمتهم مطيع
طوقان ، ومحمد سعيد جبر ، ومحمد حنو .. ومن نجوم الجيل الثاني هشام أبو ضهير ،
وسليمان كلبونة ، والهداف عفان سويدان ، الذي قاد درة نابلس لدوري الأضواء منتصف
التسعينات .
وبدأ
مدلل الاتحاد مداعبة الكرة على سواحل الخليج ، حيث ولد في دولة الكويت ، وتفتحت
عيناه على نجومية جيل الأزرق الذهبي ، وفي مقدمتهم جاسم يعقوب ، وفيصل
الدخيل ، بما جعله يشرب المهارة مع حليب الطفولة .
وكانت مدرسة ابن الهيثم محطة العفان الثانية ، فقاد فريقها الكروي لبطولة مدارس
جبل النار ، بما فتّح عليه عيون كشافي كرة القدم ، فالتحق ببيته الكبير اتحاد
نابلس ، بعد فترة سريعة مع فريق مجموعة حطين الكشفية .
وتألق
عفان سويدان كمهاجم لا يشق له غبار ، ووقع بقدميه وبرأسه على كثير من اهداف
الاتحاد ، الذي بنى معه مجداً لا ينسى ، قبل انتقاله للفريق العنابي ، حيث قضى مع
الفريق الكرميّ أياماً لا تقل أهمية ، قبل توقف مسيرته في زحمة الانتفاضة الثانية.
وامتدت
إبداعات العفان للمنتخبات الوطنية ، فلعب لمنتخب نجوم الضفة ، وظهر مع
المنتخب الوطني في مباراة افتتاح ستاد أريحا أمام النشامى ، ولكن الإصابة أجبرت
الرجل على ترك الملاعب يانعاً ، بعد قصة درامية لم يكتب نجمنا كل فصولها ،
وأتركه يروي لكم بعضاً من أحداثها في هذا اللقاء .
- اسمي
عفان عثمان رشيد سويدان " أبو عثمان " من مواليد 15/ 7/
1973 في دولة الكويت ، وأنحدر من عائلة رياضية ، حيث كان والدي يمارس كرة القدم ،
وظهر في الملاعب أخي محمد سويدان ، وأخي أحمد سويدان ( حلال ) ، وابن عمي خالد
سويدان .. أحمل شهادة الماجستير في الكيمياء ، وأعمل في مجال التسويق الدوائي .
- بدأت مشواري
الكروي من المدارس في دولة الكويت ، ومنذ طفولتي تأثرت بعمالقة الكرة القدم
العربية والعالمية ، وكنت أحلم بأن يكون لي هدف أحققه عبر كرة القدم ، ولا أخفيك
أنني كنت قدساوياً ، أعشق نادي القادسية ، وكنت من متابعي النجم فيصل الدخيل ،
والنجم جاسم يعقوب ، وغيرهم من نجوم جيل الكرة الكويتية الذهبي .
- ولمّا عدت إلى
فلسطين الغالية سنة 1986 ، بدأت رحلتي مع كرة القدم من مدرسة ابن الهيثم ، التي
حققت معها المركز الأول في بطولة كرة القدم المدرسية ، بما ساهم في تعرف الوسط
الرياضي على موهبتي قبل أن يصبح عمرى ١٤ سنة ، وفي العطلة الصيفية التحقت بتدريبات
نادي حطين الرياضي ، حيث كان في أعلى مستوياته ، بوجود النجوم المرحوم أيمن
الحنبلي ، وجمال جود الله ، وساهر حسيبا ، وجمال الدبيك .. وغيرهم .
- وكانت
محطتي التالية في نادي الاتحاد الرياضي ، الذي التحقت به رفقة أخي محمد سويدان ،
وهناك استفدنا من وجود المدرب العملاق محمد حنو ، والنجوم الرائعين من أمثال
اللاعب الخلوق عادل جابر .. ويومها أعجب الكابتن حنو بمستواي ، وتدريجياً بدأ حلمي
في التألق كلاعب كرة القدم يتحول إلى حقيقة .
- ومع الأيام
تحقق حلمنا الكبير مع نادي الاتحاد ، فوصولنا إلى الدرجة الممتازة سنة 1996، بعد
عمل كبير من الطاقم الفني واللاعبين ، بما ساهم في استعادة أمجاد نادي الاتحاد ،
الذي يعتبر من أعرق الأندية الفلسطينية ، قبل انتقالي عام ١٩٩٨ إلى نادي ثقافي
طولكرم ، الذي أنهيت مسيرتي فيه مع اندلاع الانتفاضة الثانية سنة 2000 ، بعد
إصابتي في الركبة اليسرى .
- وكانت
أيامي مع ثقافي طولكرم من أجمل الايام ، التي قضيتها في ملاعب كرة القدم ،
حيث كانت تجربتي ذاخرة بالتحدي ، تحت إشراف المايسترو محمد الصباح ، وبرفقة
الكابتن جمال حدايدة ، والشهيد طارق القطو ، والكابتن مأمون الدبدوب وآخرين ،
وأذكر أنّنا كنا في المركز الأول من الدوري ، قبل توقفه عام ٢٠٠٠ ، بعد
الفوز على الأمعري ٢ صفر في ملعب نابلس ، وأذكر أني سجلت الهدف الأول .
- وقبل اندلاع
الانتفاضة الأولى تمّ تشكيل منتخب لنابلس ، وكنت الوحيد الذي لا يملك هوية شخصية ،
ولم تجاوز عمري وقتها ١٦ عاما .. آه على تلك اللحظة التي لا تنسى ، عندما
طلب الدكتور الراحل راسم يونس التجمع ، فشاهدت عمالقة الكرة النابلسية ، أيمن
الحنبلي، وعادل جابر ، وخالد ابو عياش ، وجمال جود الله ، ومحمود جراد السنو ،
وكمال حمدان وآخرين ، لقد كانت لحظة لن تمحى من الذاكرة !
- وكانت
المفاجأة الكبرى بالنسبة لي سنة 1994، حيث تم اختياري ضمن منتخب الضفة ،
الأمر الذي رفع من معنوياتي كثيرا ، وفعلاً التحقت بالمنتخب ، الذي ضم كبار نجوم
اللعبة في الضفة الغربية ، ثم اخترت كأفضل مهاجم سنة ١٩٩٥ في استفتاء صحيفة المهد
الأسبوعية ، حيث تمّ تكريم اللاعبين في مقر مركز رقم واحد في مخيم العين .
- وبحمد الله
كنت ضمن المنتخب الوطني ، الذي تشكل سنة 1997 ، ولعب مباراة افتتاح ستاد أريحا
أمام المنتخب الأردني الشقيق ، بقيادة المدرب الأرجنتيني الراحل
ريكاردو .
- بالنسبة
لي اكثر لاعب كان يفهمني ، وشكلت معه ثنائياً محمد سويدان في الاتحاد
الرياضي ، والكابتن جمال جود الله في المنتخب ، علماً بأنني من
اللاعبين ، الذين ينسجمون مع زملائهم بسرعة .
- أعتقد أنّ
أكثر مدرب له فضل عليّ ، وأدين له بالتقدير والعرفان ، الأستاذ محمد حنو ،
الذي أعتبره مثلي الأعلى في الملاعب ، ومن وجهة نظريالشخصية تذخر ملاعبنا بالنجوم
البارعين ، وقد لعبت مع الكثير منهم ، والمقام لا يتسع لتسمية كلّ هؤلاء النجوم ،
ومن اللاعبين الذين أتوقع لهم خطوات مشرقة في المستقبل ، اللاعب بكر محمد سويدان !
- أعتقد أنّ
أفضل تشكيلة لمنتخب نابلس أيامي تضم في حراسة المرمى جمال الدبيك ، وفي خط
الدفاع عادل جابر ، وساهر حسيبا ، ونضال البدرساوي ، وكمال حمدان ، وفي خط الوسط
جمال جود الله ، وخالد أبو عياش ، ومحمد سويدان ، وفي خط الهجوم محمود جراد السنو
، وماهر كعكور ، وغسان سروجي .
- أرى أنّ
الإعلام الرياضي يرتقي بشكل كبير ، وقد عاصرت إعلاميين كبار ، من أمثال الأستاذ
بدر مكي ، والأستاذ محمد عراقي ، وأمثالهم ، وكلي أمل أن يواصل الإعلام الرياضي
أداء رسالته الحضارية بحياد وجرأة .
- بصراحة مستوى
اللعبة يتراجع من الناحية الفنية ، رغم توفر الامكانيات بشكل ملفت ، وبصراحة أكثر
أصبحنا لا نشاهد لاعبين على مستوى عال ، فيما ظهر أيام الملاعب الرملية لاعبون كان
مستواهم أفضل ، والجميع متفق على ذلك ، والسبب – من وجهة نظري - غياب الأهداف
والطموح الرياضي ، لأن اللاعب أصبح لا يضع نصب عينيه إلا الأهداف المادية
فقط ، ويغفل معظم الشباب عن تطوير جوانب المهارة ، والروح الرياضية .
- أعتقد
أنّ خالد سويدان من أقوى المدافعين ، الذين ظهروا في الجيل الذي ظهر بعدنا
، وهو لاعب خلوق ، ومثابر ، ويمتلك ثقافة رياضية عالية ، فيما خالد
أبو عياش من اللاعبين القلائل ، الذين لا تمل من مشاهدتهم في الملاعب ، سواء في
الماضي ، أو في الحاضر ، وهو مايسترو خط الوسط ، وقد تشرفت باللعب معه في منتخب
نابلس ، ومع تفاهم جامعة النجاح ، إضافة إلى كونه ما زال يمارس اللعب ، ونلتقي به
في ملعب بلدية نابلس في تدريبات قدامى نابلس .
في الختام أشكرك جزيل الشكر أستاذ فايز نصار
على هذه اللفتة ، وأتمنى أن تستعيد الكرة الفلسطينية أمجاد الماضي وعراقته.