المخضرم عمر الجعفري.. بدأت الكتابة قبل خمسين سنة

بال سبورت : الخليل- كتب فايز نصّار/ انطلقت الحافلة بنا نحو حيفا فجر يوم صيفي سنة 1998 ، وكان على متنها مجموعة من أعضاء الاتحاد الفلسطيني للإعلام الرياضي ، في رحلة للتعرف على المدن السليبة ، وإجراء مباراة ودية مع أهلنا في الفريديس .
كان على متن الحافلة المرحوم محمد العباسي ، وياسين الرازم ، وفايز نصار ، ورياض خميس .. وعميد إعلاميي بيت لحم عمر الجعفري ، الذي تعرفت عليه عن قرب لأول مرة .
أذكر يومها أن شرطة الاحتلال ألقت القبض على جميع الإعلاميين ، وساقت الحافلة عنوة من حيفا إلى حاجز الجلمة ، لنكمل الرحلة في منطقة البيدان النابلسية الجميلة .
وتعرفت أكثر على أبي وجدي في دورة أكرم صالح الإعلامية ، التي كانت أول دورة إعلامية شاملة ، نظمت بالتعاون بين الاتحاد والوزارة في جميع المحافظات الشمالية ، ويومها كان الجعفري منسق الدورة في منطقة بيت لحم ، لنلتقي بعد ذلك في مجلس رابطة الصحفيين الرياضيين ، فاكتشفت فلسطينياً طيباً ، كان يدلي رأيه الحرّ دون إحراج الآخرين ، وكان يعتذر كلما تعلق الأمر بمرافقة الوفود في الرحلات الخارجية .
ولمّا أصبح أبو وجدي المشرف على الصفحة الرياضية في وكالة معا ، كان يحرص على التنوع والجودة والنزاهة ، وينشر كل ما يصله من جميع الإعلاميين دون تحفظ ، ففرضت رياضة معا نفسها على خارطة الإعلام الرياضي .
ولن نختلف هنا مع عمر الجعفري عندما يتنازل عن بعض المواقف ، لأنّ وحدة الموقف عنده خط أحمر ، وميزان المفاضلة في شريعته تقديم قضايا الوطن ، بما جعله قريباً من الجميع ، مساهماً في خط حروف الإعلام الرياضي الأولى ، في قصة طويلة ، أتركه يحدثكم عن بعض محطاتها .
- اسمي عمر حسن محمد الجعفري " أبو وجدي " من مواليد بيت لحم يوم 15/5/1954 ، والأصل من بلدة دير رافات غربي القدس ، حاصل على شهادة البكالوريوس في الجغرافيا ، من جامعة بيروت العربية عام 1978، وفي العام 1994 حصلت على الدبلوم العالي في التعليم الثانوي من جامعة بيت لحم .
- بدأت ممارسة الرياضة منذ نعومة أظافري في شوارع وحارات المخيم ، حيث كانت هناك قطعة أرض قبالة المخيم ، وكنا نستغلها في ممارسة هوايتنا في لعب كرة القدم ، التي لم نكن نملك ثمنها ، فكنا نحضر "جورباً " ونحشوه بقطع من القماش ، حتى يصبح على هيئة كرة نتقاذفها بأقدامنا ، كان هذا في ستينيات القرن الماضي .
- وفي مرحلة الدراسة الاعدادية أصبحت أداعب الكرة المنفوخة في حصة التربية الرياضية ، قبل انتقالي لمدرسة ذكور بيت لحم الثانوية ، حيث ضمني أستاذ التربية الرياضية الراحل استيلو أبو سليمة إلى فريق كرة القدم بالمدرسة ، إلى جانب العديد من اللاعبين المعروفين ، منهم الحارس الخلوق والصديق خليل بطاح ، وأحمد حسان ، وفؤاد العزة .. وغيرهم .
- بعدها لعبت لفريق مركز شباب الدهيشة لسنوات طوال ، قبل أن يتشكل فريق اتحاد عد الرياضي ، الذي جمع أبناء المخيمات الثلاثة الموجودة في بيت لحم " الدهيشة ،عايدة والعزة " ويومها أصبحت عضوا في الهيئة الادارية لذلك الاتحاد .
- وعندما تعود بي الذاكرة الى السبعينات ، أتذكر كيف كنا نلتقي في ملعب مدرسة الدهيشة ، لنمارس هوايتنا في لعبة كرة القدم ، وأذكر من الأصدقاء المرحوم خليل الفراحين ، وخالد الصيفي ، وفؤاد العزة ، ومنير قراقع ، وعبد الله موسى .. وغيرهم .
- وبدأت قصتي مع الإعلام الرياضي سنة 1970 ، من خلال اجتماع لمراقبي مراكز الشباب الاجتماعية في الضفة الغربية ، احتضنه مركز شباب الدهيشة ، حيث كلفت من رئيس الهيئة الادارية لمركز الدهيشة المرحوم صلاح أبو شيخة بأن أكون سكرتيرا للجلسة ، لأقوم فور نهاية الاجتماع بصياغة القرارات ، وتوزيعها على الحضور ، فقرأ الجميع ما كتبت ، فطُلب مني ارسال ما خطته يداي إلى جريدة القدس ، وبقية الصحف ، لتكون المفاجأة في اليوم التالي أن خبري أخذ حيزاً مهما في الصحافة ، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا وأنا أعمل في السلطة الرابعة .
- وقد تشرفت بالعمل في العديد من وسائل الإعلام كمتطوع أو بأجر، وعملت معلقا رياضيا في قنوات "ART" أنا والزملاء فايز نصار، وفتحي براهمة ، وعلي ابو الكباش ، وكنت أول مراسل رياضي لإذاعة فلسطين في البرنامج الرياضي ، الذي قدمه الصديق الوزير إبراهيم ملحم ، بعد دخول السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أريحا ، التي كان مقر الإذاعة فيها ، كما كنت ناطقا إعلاميا - لمدة طويلة - للجنة الرياضية اللوائية في بيت لحم ، التي كانت تتبع رابطة الأندية قبل تشكيل اتحاد كرة القدم ، كما عملت في تسعينيات القرن الماضي في تلفزيون بيت لحم ، وعلقت على العديد من المباريات ، وخاصة بطولة اريحا الشتوية ، التي كان ينظمها نادي هلال أريحا ، وفي العام 2005 عملت رئيسا لتحرير الصفحة الرياضية في وكالة " معا " .
- كما عملت متطوعاً في العديد من الصحف المحلية ، منها القدس ، والأيام ، والحياة ، والنهار، ومجلة المهد ، وغيرها من وسائل الإعلام ، لانتقل في العام 2018 للعمل كمدير لدائرة الإعلام ، في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وكمتحدث رسمي باسم الاتحاد ، بتكليف من سيادة اللواء جبريل الرجوب ، ثم انتقلت عام 2020 للعمل كمدير لدائرة الاعلام ، في جمعية الكشافة الفلسطينية .
- إلى ذلك كنت عضوا في الهيئة الإدارية للجنة الاعلام الرياضي ، مع المرحوم محمد العباسي ، والزميل عبد المنعم زاهدة ، وأصبحت عضوا في الهيئة الإدارية لرابطة الصحفيين الرياضيين ، ونائب رئيس لجنة تسيير الاعمال ، في الاتحاد الفلسطيني للإعلام الرياضي ، والتي أخذت على عاتقها مهمة تسيير أعمال الإعلام الرياضي ، حتى انتخاب هيئة إدارية للاتحاد ، حيث قمت أنا والزملاء بعملنا ، حتى تمت عملية إجراء الانتخابات ، التي أفرزت الهيئة الإدارية الحالية ، التي يرأسها الزميل أسامه فلفل ، ونائبة الزميل وائل الشيوخي .
- وتشرفت بالمشاركة في بعثة المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم ، في جولته الودية إلى العراق والكويت عام 2018 ، كما شاركت في بعثة المنتخب الوطني الأولمبي الى البحرين عام 2019 ، وشاركت في تغطية اجتماعات المكتب التنفيذي لجمعية الكشافة الفلسطينية ، التي عقدت في القاهرة مطلع العام 2020 .
- وباعتباري واحد ممن حملوا هموم الإعلام الرياضي ، جنبا الى جنب مع بقية الزملاء الإعلاميين ، الذين أكن لهم جميعا كل الاحترام ، فأنا اتابع ما يدور على الساحة الرياضية الفلسطينية ، وأحترم كل فكر ناضج ، هدفه خدمة الرياضة الفلسطينية ، بعيداً عن التجريح ، والذي يصب في النهاية في خدمة قضية الوطن وشعبنا ، من هنا فكل ما يكتب ، أو ما أسمعه ، ويكون لصالح الرياضة الفلسطينية ، فأنا أحني رأسي لصاحبه ، ويعتبر ملهما لي ، لذلك احترمت الجيل العصامي القديم ، الذي حمل هم الإعلام ، بالرغم من قلة الموارد ، وضعف الإمكانيات ، وأحترم الجيل الحالي ، الذي يحاول جاهداً تسخير هذا التطور الهائل في التكنولوجيا لصالح قضيتنا الرياضية ، فالبوصلة التي تشير الى فلسطين هي البوصلة التي أحترمها ، وأكن لها التقدير .
- أعتقد ان خضوعنا للاحتلال ، الذي ما زال يجثم على صدورنا ، وما قام به المحتل من حرماننا من الاستفادة من عمقنا العربي ، والانفتاح على العالم ، أثر بشكل كبير في صقل مهارة ومواهب العديد من الإعلاميين الرياضيين ، لذا أنا احترم كل جهد تحليلي مخلص ، هدفة تطوير الرياضة الفلسطينية والنقد البناء ، كما أنني أحترم وأقدر كافة الزملاء ، الذين يعملون في التعليق الرياضي ، الذي لم يتجاوز عمره بضع سنوات ، وأقدر عاليا جهد الزملاء في فضائية فلسطين الرياضية ، متمنياً من الجميع التعاون مع الفضائية ، التي هدفها إظهار الصورة الحقيقية للرياضة الفلسطينية ، وجهد الزملاء فيها يثمن ، بالرغم من الأوضاع المادية الصعبة ، التي يعيشها شعبنا ، والتي انعكست على كل مناحي الحياة بما فيها الفضائية .
- أرى أنّ الجلد ، والصبر ، والعمل التطوعي ، والجري خلف الخبر ، والكتابة الملتزمة ، والتقيد بالتعليمات ، والتمييز بين الغث والسمين ، كلها صفات كنت أراها في معظم أبناء جيلي ، لذا أنصح الصحفيين الواعدين التفكير ، ثم التفكير قبل كتابة أي خبر .
- ألتمس الخير في العديد من الإعلاميين الواعدين ، من جيل الشباب ، والقائمة تطول ، ومن هؤلاء مجدي القاسم ، وخليل جاد الله ، والترتير ، ومن الإعلاميات أحرار جبريني .
- يجب على وسائل الإعلام الاهتمام بالرياضة الفلسطينية ، واعطائها ما تستحقه من اهتمام ، وما تمثله من ثقل ، حيث يتابع أخبارها غالبية أبناء الشعب ، وخاصة الشباب منهم ، وعليها مواكبة عملية التطور ، التي تحدث في العالم ، وتعيين مراسلين معتمدين ، ويفضل أن يكونوا متخصصين ، وتأهيلهم ، وصقل مهاراتهم ، من خلال التدريب المستمر .
- أعتقد انّ الإعلام الرياضي يجب أن يخدم قضايا الوطن والأمة ، وبالتالي أجزم أنّ المقياس هو مدى قرب او بعد الإعلامي من ملاسة قضايا الوطن ، فكلّ إعلامي خط طريقا يعبر من خلاله عن وجهة نظرة ، فهناك مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير ، يستطيع الإعلامي من خلالها العمل ، لذا أعتقد ان الإعلام الرياضي في غالبيته إعلام محايد ، يستطيع أيّ اعلامي التعبير عن وجهة نظرة ، والدلالة على ذلك انه لا يوجد إعلامي - حسب معرفتي - تعرض للمضايقة أو الضغط ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يجب على الإعلامي أن يلتزم بقواعد وقوانين المهنة ، فيما يطرحه من وجهة نظر ، وأن لا يعكس أو يتمرس خلف رأي ناديه .
- بخصوص الأرشيف الرياضي الفلسطيني أقول بكل صدق وأمانة : إنّ ما تقوم به أخي فايز هو بداية موفقة ومحترمة ، وعلى المعنيين تلقف هذا العمل ، وطباعته ، وتوثيقه ، وأعتقد أنه آن الأوان لجمع أرشيفنا الرياضي ، ومن هنا أقترح أن يبادر المجلس الأعلى للشباب والرياضة بتشكيل دائرة خاصة ، تعنى بأرشفة التاريخ الرياضي الفلسطيني .
- أناشد المؤسسات القائمة على الرياضة الفلسطينية ، بالتخطيط العلمي المدروس ، واستغلال الإمكانيات المتاحة ، وتطويرها وفق احتياجات الرياضة ، بعيدا عن الأنا ، والتعصب ، والجغرافيا ، والمحاصصة .
في النهاية شكرا لك اخي فايز على ما تقوم به ، وأنا من أوائل المشجعين والمعززين لك ، وشكرا لسيادة اللواء جبريل الرجوب ، الذي أوجد للرياضة الفلسطينية مكانة ، لم نكن نحلم حتى بالوصول اليها ، شكرا لكل الزملاء الإعلاميين الرياضيين ، والذين تشير بوصلتهم دائماّ الى فلسطين ولا يفوتني هنا شكر الصديق والأخ العزيز جورج غطاس ، الذي عملت معه سنوات طوال ، وكان شعارنا دائما "نموت نحن ، وتحيا فلسطين " .